واصل جيش الاحتلال الإسرائيلى عملياته العسكرية فى قطاع غزة، متحديا قرارا «ملزما» لمجلس الأمن بوقف فورى لإطلاق النار، وهو ما تعاملت معه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالمثل، فواصلت إطلاق صواريخها على المناطق الإسرائيلية، وأسفرت الاشتباكات البرية والقصفان المدفعى والجوى عن سقوط عدد من الشهداء، ليرتفع إجمالى عدد الضحايا منذ 27 ديسمبر الماضى حتى الآن إلى 818 شهيدا على الأقل، بينهم 230 طفلا،
إضافة إلى نحو 3300 جريح، وفى حين شاب هدنة الـ 3 ساعات أمس الأول بعض العمليات العسكرية، أكد مصدر إسرائيلى فى وقت مبكر أمس أن الممر الإنسانى سيعاد فتحه كما هو مقرر لنقل المرضى والفرق الطبية ـ على حد قوله.
وبالرغم من صدور قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، استهدفت 70 غارة جوية ومدفعية منازل سكنية فى جباليا، وبيت حانون، ومخيمى البريج والشاطئ، وخان يونس، وحى الشيخ رضوان وحى الزيتون، حيث استشهد 9 فلسطينيين وصحفى، وفتاة فى الـ 18 من عمرها، وناشطان فى كتائب عزالدين القسام، الجناح العسكرى لحركة «حماس»، ومن سرايا القدس، الجناح العسكرى لحركة الجهاد الإسلامى،
كما أصيب 4 أفراد من عائلة واحدة، وتعرض منزل مراسل تليفزيونى للقصف الشديد، وهو ما دعا عشرات الصحفيين فى غزة إلى الاحتجاج عند مبنى «الشوا» الشهير، الذى يضم عددا من المؤسسات الإعلامية، مطالبين بالتدخل الدولى العاجل لوقف استهداف الطواقم الصحفية.
واستهدفت سلسلة أخرى من الغارات الجوية منطقة الحدود الجنوبية بين غزة ومصر، وقال شهود عيان إن الضربات ألحقت أضرارا بمحول يغذى القطاع بالكهرباء، وكان الجيش الإسرائيلى قد هدم فجر أمس 10 منازل فلسطينية عند أطراف مدينة رفح بعد عملية توغل استمرت بضع ساعات.
وفى المقابل، أطلق نشطاء فلسطينيون أكثر من 30 صاروخا من طراز «جراد» على بئر سبع وعسقلان، فى جنوب إسرائيل، وهو ما أدى إلى وقوع بعض الإصابات، وتفيد مصادر بالجيش الإسرائيلى بأنه منذ بدء عملية «الرصاص المتدفق»، قتلت صواريخ النشطاء 3 مدنيين إسرائيليين، و10 جنود، وأصيب 154 آخرون،
بينما أعلن جيش الاحتلال إصابة 5 من جنوده خلال مواجهات وإطلاق نار مع مقاومين فى غزة، فيما أعلن محمد نزال القيادى فى حماس أن مسلحى الحركة قتلوا 12 جندياً إسرائيلياً أمس الأول.
واعتبر موسى أبومرزوق، نائب رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس» فى دمشق، أن أمريكا تتحايل على القرار الدولى بإعطاء إسرائيل مزيدا من الوقت فى غزة لمواصلة هجماتها، من خلال امتناعها عن التصويت. وعلى الجانب الآخر، رفضت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبى ليفنى تحديد إطار زمنى لإنهاء العملية، مؤكدة فى حديث صحفى أن إسرائيل يتحتم عليها تحقيق أهدافها، وأنها لا تسعى فى الوقت نفسه إلى إعادة احتلال القطاع.
على صعيد آخر، أكد شاهد عيان فلسطينى اعتقلته القوات الإسرائيلية فى غزة 5 أيام وأطلقت سراحه أمس الأول، أنه رأى جثث الكثير من المقاتلين الإسلاميين، تجمعها جرافة فى أكوام تغطيها الرمال، وأضاف الرجل أن الجنود «استخدموا جرافة لجمع جثث القتلى فى أكوام،
وكانت جثث الكثير منها من المقاتلين»، فى حين نفى متحدث عسكرى علمه بهذه الواقعة، وإن صرح بأن أكثر من 130 من مسلحى «حماس» قتلوا منذ بدء العملية البرية، وهو الرقم الذى لا تؤكده الحركة ولا تنفيه.
كانت القوات قد اعتقلت مئات الفلسطينيين أثناء توغلها فى القطاع، ومن بين نحو 200 شخص، أفرج أمس عن 75، بدوا «شاحبين ومرهقين وكانوا حفاة» – بحسب تقارير إعلامية، أكدت أنهم عادوا إلى غزة عبر معبر بيت حانون (إيريز).
وأوضح الشاهد أنهم اُحتجزوا أول الأمر «كدروع بشرية» فى مواقع عسكرية أقامها الجيش، ثم نقلوا إلى سجن فى بئر سبع، وأشار إلى أنه فى اليوم الأول من الهجوم البرى، اقتحمت قوات خاصة من نحو 1000 جندى بلدة بيت لاهيا، ثم بدأوا يعتقلون الناس،
وكانت التحقيقات تجرى معهم لمعرفة «من كان يطلق الصواريخ ومن كان يحفر الأنفاق»، كما أنهم «جعلونا ننام على الحصى والرمال وجردونا من ملابسنا»، مضيفا أنه على مدى 5 أيام، كان محتجزون جدد يفدون كل يوم.