أودعت محكمة جنايات بورسعيد، برئاسة المستشار محمد السعيد محمد، أمس، حيثيات حكمها بمعاقبة محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان، ومحمد البلتاجي، وصفوت حجازي، و16 آخرين من قيادات الجماعة، في قضية اقتحام قسم العرب ببورسعيد، بالسجن المؤبد حضوريا، كما عاقبت 76 متهما غيابيا بالسجن المؤبد، و28 آخرين بالسجن المشدد 10 سنوات، وبرأت 68 آخرين.
وقالت المحكمة، في حيثياتها التي جاءت في 15 صفحة، إنه بعد مطالعة الأوراق وتلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة والمرافعة الشفوية والمداولة، وحيث أن المتهمين من الأول وحتى الـ76 لم يحضروا جلسات المحاكمة ليدافعوا عن أنفسهم الاتهام المسند إليهم بثمة دفع أو دفاع، ومن ثم تقضي المحكمة بمحاكمتهم غيابيا عملا بنص المادة 384 من قانون الإجراءات الجنائية.
وأوضحت أن الواقعة تتحصل في أنه وعلى إثر فض اعتصام ميداني «رابعة العدوية والنهضة»، اتفق المتهمون فيما بينهم على عودة الرئيس السابق محمد مرسي بمقولة إنها «عودة للشرعية» وعقدوا العزم وبيتوا النية على تنفيذ هذا الأمر، وفي سبيل ذلك وتنفيذا له حرضوا المتعاطفين معهم على ارتكاب أعمال شغب وعنف في مدينة بورسعيد وإرهاب المواطنين بها، مستخدمين أسلحة نارية وخرطوش ومستغلين منابر المساجد، ومنها مسجد التوحيد ببورسعيد على تحريض المواطنين وأعضاء جماعة الإخوان على ارتكاب الأفعال الإجرامية، بعد أن كوَّن مسؤولو المكتب الإداري لتلك الجماعة وكوادرهم من المتهمين ببورسعيد، مجموعة من الشباب الحاصلين على تدريبات شبه عسكرية، مستعينين ببعض العناصر الإجرامية وساعدوهم بأن وفروا لهم الدعم المادي لشراء الأسلحة النارية والبيضاء والخرطوش وإعداد العبوات المتفجرة لإشاعة حالة من الفوضى وإثارة الشغب وتعطيل المواصلات وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة، والتعدي على المواطنين بقتلهم وإحداث إصابتهم.
وتابعت: «بناء على هذا الاتفاق والتحريض توجهوا بمسيرة كبيرة في 16 أغسطس 2013 إلى ديوان قسم شرطة العرب لاقتحامه واحتلاله وإحداث تلفيات به وقتل والشروع في قتل المتواجدين به من رجال الشرطة ومن يساندهم أو يعاونهم من الأهالي والمواطنين والإضرار العمدي بمصلحة البلاد، ونتج عن ذلك قتل المجني عليهم (عمر السيد عمر إبراهيم، والسيد إبراهيم محمود، وعبدالرحمن يحيى عبدالسلام، وحسن على أحمد، ومدحت ذكي محمد)، بعد أن أطلقوا عليهم النار عمدا من تلك الأسلحة قاصدين إزهاق أرواحهم، كما شرعوا في قتل (الرائد محمد عادل عبدالمنعم، وعلي أحمد يوسف)، من قوة التأمين الخاصة بالقسم بالإضافة إلى (أمينة السيد العربي، ومحمد أحمد حسن، وعمر سعد أحمد، وأحمد السيد بكر، والسيد أحمد مهران، وجمال السيد متولي، وجابر فؤاد محمد)، بأن اطلقوا صوبهم الأعيرة النارية قاصدين قتلهم، ولكن خاب أثر الجريمة لمداركتهم بالعلاج».
وأضافت المحكمة أن المتهمين خربوا وأتلفوا ديوان قسم الشرطة وبعض المحلات التجارية الخاصة بالمواطنين، وساعد بعض الأهالي والمواطنين ببورسعيد رجال الشرطة من قسم العرب وأفراد قوة التأمين بالتصدي لهم ومنعهم من دخول القسم واحتلاله وتخريبه، وضبطوا «مصعب عصام جاد، وعبدالله محمد حجازي، وعبدالرحمن عاطف محمد، ومحمد سعد الدين أحمد، وأبوبكر جابر عيسى»، وعثر بحوزتهم على عبوات زجاجية وبلاستيكية تحتوى على آثار مواد بترولية، كما ضبط الأهالي السيارة رقم 33902 منطقة حرة بورسعيد سوداء اللون، بعد أن هرب مستقلوها.
وأشارت المحكمة في حيثياتها إلى أنها تأكدت من صحة تحريات الشرطة، التي أسفرت عن تواجد المتهمين «عادل السيد عبدالمطلب، وأشرف مصطفى ثابت، وحسن فرح محمد، وحسام محمد على، واشتراكهم في التعدي على قسم شرطة العرب وإطلاق أعيرة نارية على ديوان القسم والمتواجدين به، وتم استصدار إذن من النيابة العامة بضبطهم، ونفاذا لذلك تم ضبط «عادل السيد عبدالمطلب» وبحوزته طبنجة وطلقة، وضبط حسام محمد على صبيح.
وأسفرت تحريات ضباط قطاع الأمن الوطني ببورسعيد عن قيام المتهمين الوارد أسماؤهم باعتبارهم من عناصر جماعة الإخوان، والمسئولين عن ملف تلك الجماعة بالمحافظة لتنظيم مسيرة تنطلق تجاه ديوان قسم شرطة العرب لاقتحامه، ونشر حالة من الفوضى وإثارة الشغب وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة وإرهاب المواطنين، وأنهم ساعدوا المتهمين من الأول إلى التاسع بإمدادهم بالأموال والأدوات والأسلحة لاستخدامها في واقعة اقتحام القسم، وقتل والشروع في قتل وإصابة المواطنين وأفراد الشرطة بعد أن دبروا ذلك التجمهر وألفوا تلك العصابة لارتكاب الجرائم، وذلك بتحريض من المرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع، ومحمد البلتاجي، وصفوت حجازي، وتكليفهم للمسؤولين بالمكتب الإداري للجماعة وكوادرهم ببورسعيد لتنفيذ تلك الجرائم.
وقالت المحكمة إنه استقام الدليل على صحة وثبوت الواقعة في حق المتهمين، من شهادة الشهود التي اطمأنت لها المحكمة، وتقرير الأدلة الجنائية، ومعاينة النيابة العامة لمبنى ديوان القسم، وتقرير الأدلة الجنائية الخاص بفحص السلاح والطلقات المضبوطة
وأضافت المحكمة أن المتهم الرابع محمد سعد الدين أحمد، أقر بتحقيقات النيابة بتواجده بمحيط القسم، وتم ضبطه بمعرفة الأهالي وسلموه للشرطة، كما أقر المتهم الثاني عبدالله محمد سعد حجازي، أنه كان في جنازة أصدقاء له ماتوا في أحداث رابعة العدوية، وبعد أداء صلاة الجنازة عليهم بمسجد التوحيد سار في مسيرة ناحية قسم العرب، وحدث إطلاق نار وقع على إثره قتلى وجرحى، وأثناء توجهه لمنزله بصحبة المتهم الأول مصعب، تم ضبطهما بمعرفة الأهالي، الذين ضربوهما وسلموهما للشرطة، موضحا أنه كان يردد عبارات منها «يسقط حكم العسكر» و«نعم للشرعية».
وردت المحكمة على دفوع الدفاع، وفي مقدمتها عدم علانية الجلسات لإجرائها بمعهد أمناء الشرطة وأكاديمية الشرطة، بأن المقصود بالعلانية هو تمكين جمهور الناس من الاطلاع على إجراءات المحاكمة والسماح لهم بدخول قاعة المحاكمة وهذا ما تم بالفعل، علاوة على السماح بتغطية الجلسة إعلاميا، وتم نقل ما يدور بها عن طريق كل سبل النشر.
وأكدت المحكمة أنها انتهت إلى توافر أركان جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والشروع فيه وتوافر أركان الجرائم الأخرى، في حق المتهمين من الأول حتى التاسع، وترى أن باقي المتهمين ساعدوهم وأمدوهم بالأسلحة والأموال وحرضوهم على ارتكاب تلك الجرائم، ومن ثم توافر في حقهم جريمة الاشتراك معهم.
وأكدت المحكمة أنها اطمأنت إلى ثبوت أدلة الدعوى في حق المتهمين، موضحة أنها أدلة سديدة ومتساندة، وأن إنكار المتهمين هو وسيلة للهروب من الجريمة، ولهذه الأسباب اصدرت المحكمة حكمها في القضية مع الأخذ بقسط من الرأفة في حدود ما خوله لها القانون.