x

أسباب إطاحة «بوتفليقة» بـ«صانع الرؤساء» في الجزائر

الأحد 13-09-2015 19:42 | كتب: عنتر فرحات |
عبد العزيز بوتفليقة عبد العزيز بوتفليقة تصوير : other

بعد 25 سنة كاملة عن توليه زمام أقوى جهاز أمني في الجزائر، وضع الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة نهاية لمهام قائد جهاز المخابرات العسكرية الجزائرية، الفريق محمد أمين مدين الملقب بالجنرال توفيق أو كما يسميه الجزائريون «صانع الرؤساء»، محيلا إياه للتقاعد، في حملة وصفت بالإصلاحات العسكرية التي يجريها بوتفليقة على أعلى جهاز الأمن في البلاد، بعد أن أحال في الساعات الماضية قائد الدرك الوطني محمد بوسطيلة على التقاعد هو الآخر.

وأفاد بيان لرئاسة الجمهورية، الأحد، أن بوتفليقة أنهى مهام رئيس قسم الاستخبارات والأمن توفيق «محمد مدين» صاحب 76 سنة، محيلا إياه على التقاعد، معيّنًا مكانه اللواء المتقاعد عثمان طرطاق، الذي كان يشغل منصب مستشار لدى رئيس الجمهورية رئيسا لقسم الاستخبارات والأمن، فيما ذكرت تقارير إعلامية أن الجنرال توفيق قدم استقالته قبل أيام وقبلها منه بوتفليقة قبل أن يعلن عنها رسميًا، الأحد.

وكان الجنرال توفيق يعدّ الرجل القوي في البلاد ويعتبره الكثيرون أنه «معين الرؤساء في قصر المرادية»، ولكنه لم يظهر ولا مرة إعلاميًا أو أدلى بتصريح بل الأكثر من ذلك هو الجنرال توفيق لم ترد أي صورة شخصية له إلا مرتين فقط، كانت أولها في تسعينيات القرن الماضي، والمرة الأخيرة بصور نقلتها قناة «النهار» الخاصة.

وبدت المعارضة في الجزائر غامضة الموقف، حيث صرح الأمين العام لحركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري، بأن التغيير ليس مفاجئًا والجميع كان ينتظره، مضيفًا :«الجميع يعلم بالصراع القائم في دواليب السلطة لكنها تبقى قضية غامضة لأن أسبابها تبقى مجهولة التفاصيل، لهذا فما علينا إلا الانتظار وترقب ما سيحدث لاحقا لنفهم بحق ما الذي يجري، لأن هذه التغييرات لا تهم الطبقة السياسية والمجتمع بل هي أخبار منحصرة في دواليب الحكم ينتظر أن تعود بالخير على البلاد مستقبلا».

في حين علق رئيس حزب «جيل جديد» سفيان جيلالي، بقوله إن التغيير يدخل في إطار جملة من الإصلاحات التي تمس كل المؤسسات وخص بالذكر المؤسسة العسكرية ومصلحة الاستخبارات، والأيام القادمة كفيلة لتكشف لنا الأسباب الرئيسية لهذه التغييرات التي يقوم بها النظام.

ومن جانبه ثمن عمر بن جانة، الخبير الأمني، قرارات التغيير التي قام بها بوتفليقة وقال في هذا الشأن :«أعتقد أن التغييرات تدخل في صلاحيات الرئيس بوتفليقة بحكم أنه رئيس البلاد ووزير الدفاع، وقد مست التغييرات إطارات تقدمت بها السن قد تكون بطلب من هذه الإطارات للطلب بالتقاعد، وقد تكون لخلفيات سياسية أجهل تفاصيلها، وما يمكنني قوله هو أن التغييرات من صلاحيات الرئيس ومن دون شك ستكون في الاتجاه الإيجابي نحو تشبيب مؤسسات الدولة».

وفي السياق نفسه، أوضح الأستاذ عمر خبابة محامي الناشط السياسي أن التغيير على جهاز الأمن العسكري «يندرج ضمن سياق منطقي لوقائع وإجراءات شاهدناها منذ شهور، وعلى سبيل المثال ما مس المؤسسة العسكرية من تغيير قيادات الأمن الداخلي والخارجي، وحل المصلحة المركزية لأمن الشرطة والتغيير الذي مس الأمن الرئاسي والجمهوري، وكذا مجموعات التدخل الخاص والوقاية الإقتصادية وأخيرا التغير الذي مس الدرك الوطني كلها إصلاحات عسكرية».

وتابع خباية:«هناك عملية ممنهجة ودقيقة لمصالح الجيش تمكننا بالتكهن بمردودية واسعة، لكن عندما تكون هناك مصالح تعمل تحت إطار القانون ولا نرى تدخلًا في شؤون الأحزاب والجمعيات ولا تضييق على النشطاء الحقوقيين وتزول المضايقات والرخص يمكننا وقتها أن نقول إن التغييرات هي مكاسب للجزائر».

وكان بوتفليقة قد أحال الاسبوع الماضي أحمد بوسطيلة قائد الدرك الوطني والحليف مع «توفيق»، إلى التقاعد، وعين بدلا منه اللواء نوبة مناد، المقرب من أسرة ومحيط الرئيس.

ويعد الفريق «توفيق» من الشخصيات الغامضة والمثيرة للجدل في النظام الجزائري.

واعتبر لسنوات «بطل» القضاء على الإرهاب الجهادي الذي نزفت الجزائر بسببه في التسعينيات وأودى بحياة أكثر من 200 ألف شخص.

وأكد مصدر أمني فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن «إنهاء مهام قائد المخابرات جاء في إطار عملية إعادة هيكلة للجهاز باشرها الرئيس بوتفليقة منذ 2013».

والفريق محمد مدين رجل يوصف بـ«الخفي» حيث لا يظهر على الاعلام أو في المناسبات الرسمية، حتى أن معظم الجزائريين لا يعرفون شكله.

وكان عمار سعداني الأمين العام لحزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم قد شن هجوما عير مسبوق على قائد المخابرات مطلع 2014 ودعاه في تصريحات إعلامية إلى «الاستقالة واتهمه بالتدخل في شؤون الأحزاب والإعلام والمؤسسات الرسمية الأخرى».

ودعا سعداني وهو أحد داعمي بوتفليقة إلى «تأسيس دولة مدنية بعيدا عن تدخل جهاز المخابرات».

وجاء قرار إحالة قائد المخابرات إلى التقاعد ضمن سلسلة تغييرات أجراها بوتفليقة منذ 2013 داخل المؤسسة العسكرية في البلاد، وأكدت تصريحات رسمية أنها «عملية إعادة هيكلة للجيش في إطار تجسيد مبدأ الاحترافية»، فيما قالت صحف ومراقبون محليون أنها جاءت لـ«إضعاف قائد جهاز المخابرات بإنهاء مهام مقربين منه».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية