من الممكن أن يكون الاحتراف في إنجلترا هو هدف كل لاعب مصري يرغب في الاحتراف، وربما يرجع السبب في ذلك إلى عدة أمور، يأتي من بينها أن الدوري الإنجليزي هو الدوري الأكثر منافسة في العالم، بالإضافة إلى الحافز الذي يصبح موجودًا لدى اللاعب المصري من مشاركته أمام عدد كبير من أفضل لاعبي العالم، وربما يكون ارتفاع الرواتب في إنجلترا سببًا من الأسباب في ذلك أيضًا، ولكن إذا أراد اللاعب المصري أن يحترف في إنجلترا للمشاركة مع منتخب مصر بشكل أساسي وبصورة أكبر، ففي هذه الحالة يجب عليه أن ينظر إلى تاريخ المحترفين في إنجلترا «الفاشل» مع المنتخب المصري.
كانت البداية مع إبراهيم سعيد، والذي انتقل في يناير 2004 للعب في نادي إيفرتون الإنجليزي على سبيل الإعارة من نادي الأهلي، في مغامرة لم تستمر طويًلا، حيث لم يستمر هناك لمدة طويلة وعاد في يونيو 2004 إلى الأهلي مرة أخرى بعد انتهاء مدة إعارته وبعد فشله في ترك بصمة واضحة مع النادي الليفربولي، نسبة إلى مدينة ليفربول التي ينتمي إليها النادي.
ولم يشارك «سعيد» مع المنتخب المصري في بطولة كأس أمم أفريقيا 2004، كما لم يشارك مع المنتخب في أي مباراة ودية تذكر خلال فترة احترافه مع إيفرتون.
ننتقل بعد ذلك إلى أحمد حسام «ميدو»، الذي بدأ في اللعب في إنجلترا في يناير 2005، عندما انتقل معارًا إلى توتنهام قادمًا من روما الفرنسي على سبيل الإعارة، قبل أن ينتقل إلى «السبيرز» بشكل نهائي في أغسطس 2006.
وخلال 4 مواسم ونصف لـ«ميدو» في الدوري الإنجليزي، شارك اللاعب في 17 مباراة دولية، فشل خلالهم في تسجيل أي هدف، كما حدثت خلال فترة احترافه في إنجلترا المشكلة الشهيرة بينه وبين حسن شحاتة، المدير الفني للمنتخب المصري وقتها، خلال مشاركته مع المنتخب في بطولة كأس أمم أفريقيا 2006، والتي تسببت في إيقافه لمدة 6 أشهر وكانت سببًا شبه مباشر في ضياع مسيرته الدولية مع المنتخب بشكل كبير، حيث لم يشارك مع المنتخب المصري في أي بطولة دولية بعد ذلك، سواء في كأس الأمم الأفريقية 2008 أو 2010، اللتين حصد «الفراعنة» لقبهما بجدارة.
ننتقل بعد ذلك إلى حسام غالي، نجم وسط الأهلي الحالي، والذي بدأ مسيرته الاحترافية في إنجلترا في يناير 2006، عندما انتقل للعب في توتنهام هوتسبير قادمًا من نادي فيينورد الهولندي.
وخلال 3 سنوات لـ«غالي» في انجلترا، لعب خلالها في صفوف توتنهام وديربي كاونتي، لم يحصل النجم المصري على ثقة حسن شحاتة بشكل كبير، حيث لم يتم استدعاؤه للمشاركة مع المنتخب في كأس الأمم الأفريقية 2006 كما تجاهل استدعاء «شحاتة» له للمشاركة في نسخة 2008 لتفضيله اللعب لديربي كاونتي، ولم يشارك سوى في 7 مباريات دولية فقط خلال السنوات الـ3 ، لم يقدم خلالها شئا يذكر.
نذهب بعد ذلك إلى عمرو ذكي، والذي خاض تجربتين احترافيتين منفصلتين في إنجلترا، ترجع الأولى إلى يوليو 2008، عندما انتقل من نادي الزمالك إلى نادي ويجان، على سبيل الإعارة لمدة عام، وهناك تألق بشكل لافت وتمكن من تسجيل 8 أهداف في أول 11 مباراة له مع الفريق، قبل أن يخفت نجمه بعد ذلك ويبدأ في الدخول في دوامة كبيرة من المشاكل مع مدربه وإدارة ناديه نتيجة عدم التزامه، ليعود إلى الزمالك مرة أخرى.
عاد «زكي» إلى إنجلترا مرة أخرى، ولكن هذه المرة من بوابة هال سيتي، وكان ذلك في يناير 2010، ولكنه لم يستمر هناك سوى 3 أشهر فقط، عاد بعدها إلى الزمالك مرة أخرى، خاصة بعد تعرضه للإصابة في الأمتار الأخيرة من موسم 2009-2010.
وخلال الفترتين، لم يقدم «زكي» المستوى المعهود له مع المنتخب المصري، حيث شارك في 6 مباريات فقط في الفترتين، سجل خلالهم هدف وحيد، وكان في مرمى منتخب زامبيا، خلال التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010، في المباراة التي انتهت بالتعادل الإيجابي «1-1».
ننتقل بعد ذلك إلى أحمد المحمدي، لاعب هال سيتي الحالي وسندرلاند وإنبي السابق، والذي بدأ مسيرته الاحترافية في إنجلترا بعد انتقاله إلى سندرلاند في يوليو 2010، بعد أن تألق بشكل لافت مع إنبي كظهير أيسر قابل للانتقال إلى مركز الجناح.
ومنذ ذلك الحين وحتى الآن، شارك «المحمدي» في 35 مباراة بقميص المنتخب المصري، سجل خلالها هدفا وحيدا وصنع 5 آخرين لزملائه. ورغم عدد مشاركاته الكثيرة مع المنتخب المصري، إلا أنه فشل «المحمدي» في إقناع الجماهير المصرية بمدى الأهمية التي يضيفها اللاعب إلى المنتخب المصري، فبالنسبة لجماهير المنتخب فإن وجود «المحمدي» مثل عدمه داخل الملعب، وبالفعل فإن اللاعب فشل في تكرار الأداء الرائع الذي قدمه مع المنتخب المصري في بطولة كأس أمم أفريقيا 2010، والذي جذب على أساسه أنظار سندرلاند للتعاقد معه في الصيف التالي لتلك البطولة.
وإذا نجح حازم إمام، ظهير وقائد نادي الزمالك، في مواصلة تألقه في هذا المركز مع المنتخب فإنه من المتوقع أن يأخذ مكان «المحمدي» خلال الفترة المقبلة، خاصة أن «المحمدي» يبدي في كثير من الأحيان عدم اكتراثه بتمثيل قميص «الفراعنة»، وتفضيله للنادي على حساب المنتخب.
على الجانب الآخر، ينتظر «المحمدي» إنجاز من نوع خاص، فإذا شارك اللاعب في المباراة المقبلة لفريقه أمام نادي ألبريتون فإنه سوف يسجل المشاركة رقم 100 له على التوالي مع الفريق، وهو الإنجاز الذي لم يتحقق سوى على يد ريتشارد جوبسون، أسطورة الفريق، والذي شارك في 161 مباراة متتالية مع الفريق في كافة المسابقات، خلال الفترة من 1986 إلى 1990.
ننتقل بعد ذلك إلى أدم العبد، المدافع المصري الذي يعيش أسوأ فترات حياته الكروية حاليًا، حيث لم يشارك مع ناديه بريستول سيتي في أي مباراة بدوري الدرجة الأولى الإنجليزي منذ انطلاق المسابقة، ويبدو أنه سوف يعاني من التجاهل خلال ما تبقى من الموسم، خاصة بعد الانخفاض الكبير في مستواه الفني والبدني.
وكان الأمريكي برادلي كوبر هو أول من استدعى «العبد» للمشاركة مع المنتخب المصري، وكان ذلك في المباراة الودية أمام منتخب الكاميرون في 20-5-2012، للاستفادة من خبرته «المزعومة»، خاصة وأنه يلعب في إنجلترا منذ بداية مسيرته الكروية.
ولكن اللاعب فشل فشلًا ذريعًا مع المنتخب المصري دفاعيًا خلال 7 مباريات دولية فقط معهم، وظهرت الثغرات الهائلة التي يرتكبها دفاعيًا خلال مباراته الدولة الأخيرة أمام منتخب غينيا، في تصفيات كأس العالم 2014، والتي انتهت بفوز المنتخب «4-2»، نتيجة التألق الكبير بين محمد صلاح، لاعب روما الإيطالي الحالي، ومحمد أبوتريكة، أسطورة الأهلي والمنتخب المصري المعتزلة.
ومن المتوقع بشكل كبير ألا يعود «العبد» لتمثيل المنتخب المصري من جديد خلال الفترة المقبلة على الأقل، إلا إذا جد جديد، وهو أمر مستبعد.
ننتقل بعد ذلك إلى محمد ناجي جدو، والذي لعب على فترتين إعارة لصالح نادي هال سيتي أيضًا، بداية من يناير 2013 وصولًا إلى يناير 2014، وتألق بشكل لافت مع الفريق الإنجليزي، قبل أن تفتك الإصابة بمسيرته الاحترافية وتجبره على العودة إلى الأهلي مرة أخرى.
وعلى الرغم من تألقه مع هال، إلا أنه فشل «جدو» في التألق بنفس الصورة مع المنتخب المصري، حيث شارك في 5 مباريات دولية فقط من أصل 16 مباراة متاحة، وسجل خلالهم هدفين، من أصل 19 هدف سجلهم في 36 مباراة مع المنتخب المصري.
وربما يعود السبب في عدم تألق «جدو بشكل كبير مع المنتخب إلى الإصابة التي ألمت به في القدم، والتي بعدته لعدة أشهر عن الملاعب.
ويعتبر محمد شوقي، لاعب المقاولون العرب الحالي والأهلي وميدلسبره السابق، واحدا من الاستثناءات في هذه القائمة الطويلة.
ففي أغسطس 2007، انتقل «شوقي» للعب في صفوف ميدلسبره الإنجليزي، واستمر هناك لمدة موسمين ونصف، لم يقدم خلالهم الكثير، حيث شارك مع النادي في 22 مباراة فقط طوال فترة مكوثه هناك، قبل أن يقرر الرحيل في يناير 2010 إلى نادي قيصري سبور التركي.
وعلى الرغم من ذلك، قدم «شوقي» مستوى جيد مع المنتخب المصري في بطولة أمم أفريقيا 2008، وساعدهم على الفوز بالبطولة للمرة الثانية على التوالي، كما شارك مع المنتخب المصري في كأس القارات 2009، وكان من ضمن أبطال مباراة مصر والبرازيل في تلك البطولة، والتي خسرها المنتخب المصري بصعوبة بنتيجة «4-3»، في مباراة سجل «شوقي» واحدا من أهداف المنتخب المصري فيها.
وأخيرًا نصل إلى محمد صلاح، لاعب تشيلسي الإنجليزي المعار إلى روما الإيطالي منذ بداية الموسم الحالي.
بعد تألقه بشكل لافت في صفوف بازل السويسري والمنتخب المصري، قرر نادي تشيلسي الإنجليزي التعاقد مع «صلاح» في يناير 2014 من أجل تدعيم صفوف الفريق هجوميًا، خاصة بعد المستوى اللافت الذي قدمه «صلاح» وحصوله على جائزة أفضل لاعب في الدوري السويسري مع بازل.
ولكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، حيث عانى «ًصلاح» من أجل المشاركة مع تشيلسي، فلم يشارك سوى في 19 مباراة فقط بقميص «البلوز» طوال عام له في انجلترا، سجل خلالهم هدفين فقط. تألق «صلاح» بعد ذلك في صفوف فيورنتينا الإيطالي، والذي تمت إعارته إليه في موسم الانتقالات الشتوية الماضية، ليعيد إحياء نفسه من جديد، وينتقل إلى روما الإيطالي معارًا من تشيلسي أيضًا، بداية من الموسم الحالي.
وخلال عامه الوحيد في إنجلترا، شارك صلاح في 9 مباريات دولية مع المنتخب المصري، سجل خلالهم 5 أهداف وصنع هدفين، ليثبت أن وضعه مع تشيلسي لم يغير حاله مع منتخب «الفراعنة»، ويثبت أنه واحد من استثناءات المصريين المحترفين في الدوري الإنجليزي الممتاز.
ومن المقرر أن توجه الفرصة للمشاركة مع المنتخب إلى سام مرسي، قائد نادي تشيسترفيلد، إحدى أندية دوري الدرجة الأولى الإنجليزي، خاصة مع تألقه اللافت مع فريقه الإنجليزي حتى الآن وتسجيله لهدفين في 6 مشاركات معه في كافة المسابقات، فهل يفيد «مرسي» المنتخب المصري الساعي للعودة لأمجاده السابقة؟ أم يصبح مجرد محترف في الدوري الإنجليزي مر مرور الكرام على «الفراعنة»؟