x

السرطان: بين أمل الإنجاب وألم العقم

الأحد 13-09-2015 10:27 | كتب: اخبار |
تصوير : آخرون

دموع.. فزع.. تضرع.. شفقة.. رجاء.. يأس.. إنكار.. انتظار.. مشاعر مضطربة ومتناقضة تنتابنا وتسيطر علينا عندما نذكر أو نسمع أو نعايش كلمة سرطان، تلك الكلمة التى نخشى حتى من التلفظ بها فنقول تارة: «المرض الوحش» أو «اللى مايتسماش»، هو ضيف بلا ميعاد ومسافر بلا محطة انتظار أو وصول، إنه الكابوس الذى يجثم على الصدور فيصادر الأحلام والأمانى.

ولكن هل معنى ذلك أن ننتظر واضعين اليد على الخد، وأن يقبع العلم داخل معمله منتظراً الفرج؟ الحقيقة غير ذلك، فقد رفض العلم أن يكون السرطان مرادفاً للموت وخرج يبحث ويُنقب عن نواة الحياة فى السرطان، حتى إنه وجد متسعاً من الوقت لكى يبحث فى السرطان والجنس.

أسمعك تصرخ عزيزى القارئ: «إحنا فى إيه ولّا فى إيه؟»، ومعقول نشغل نفسنا بمشكلة الجنس فى مريض السرطان؟ وأرد: نعم معقول بل واجب أيضاً وضرورة، فما دام مريض السرطان حياً فلابد من أن يمارس مظاهر حياته الطبيعية، دفء الحياة ونبضها، والعلم هنا لا يعرف المستحيل، فما دام هناك نفس فدوماً هناك أمل.. وأولى النصائح التى تقدم لمريض السرطان هى: تشبَّث بالحياة ولا تستسلم لليأس وتغلق جفونك منتظراً النهاية، بل افتح عينيك واشرب من نبع الحياة حتى ترتوى، فلا عطش هناك ما دام نهر التفاؤل والحب يجرى فى وديان الحياة.

مشاكل مرضى السرطان الجنسية احتلت مساحةً كبيرة من اهتمام علماء السِّكسولوجى، وقد منحوها عناية كبيرة فى أبحاثهم، خاصة ماسترز وجونسون اللذين سيتكرر اسمهما كثيراً فى هذا الملف، وكانت البداية هى سرطان الثدى الذى بعد علاجه الجراحى بالاستئصال MASTECTOMY يترك أثراً نفسياً مؤلماً فى المرأة التى رسخ فى عقلها أن الثدى الذى أزيل هو رمز الأنوثة وأنها بدونه أنثى غير كاملة، وإزالة الثدى فى حد ذاتها لا تترك أثراً فسيولوجياً مباشراً، ولكن أثرها النفسى هو الذى يسبب الإحباط وبعض المشاكل كفقدان الرغبة والاضطرابات، وبعد إزالة الثدى تتجنب المرأة جميع أشكال النشاط الجنسى، وتسبب الندبة SCAR التى تتركها العملية إحراجاً للمرأة، ما يجعلها تدمن الهروب والعزلة، ولكن ما إن يمنحها الرجل حباً واهتماماً حتى تعود إلى حالتها الطبيعية. ونقرأ فى ملفات ماسترز وجونسون حالة لامرأة تبلغ من العمر 45 عاماً، أجرت عملية إزالة الثدى، تقول المريضة: «بعد العملية أحسست أن حياتى قد انتهت، وأن مسألة الحب قد دفنت إلى الأبد، وظللت لمدة سنتين أرفض الخروج والتفاعل مع الناس، إلى أن أجبرنى أقاربى وجيرانى على الخروج فى حفل، وقابلته هناك ولا تتصور كم كانت دهشتى حين عرض علىّ الزواج! وأنا الآن أعيش حياة سعيدة، وقد أعطانى هذا ثقة عظيمة فى النفس، إننى ما زلت جذابة».

وقد حدث بسبب هذه النقطة جدل شديد بين الجراحين والأطباء النفسيين؛ فالجراحون يفضلون الإزالة الكاملة ضماناً لعدم ارتداد السرطان، والأطباء النفسيون يؤكدون أنه لابد من احترام التقبل النفسى لهذه العملية، وأثمر هذا الجدل اتجاهاً جديداً فى العلاج وهو إزالة الكتلة نفسها مع الإشعاع فى عملية اسمها LUMPECTOMY تسمح للمريضة بأن تمارس حياتها كأنثى مكتملة. وعلى العكس، فإن نسبة كبيرة من السيدات اللاتى يجرين عملية إزالة الرحم بعد سرطان عنق الرحم يمارسن حياتهن الطبيعية بسعادة بعد زوال المغص والنزيف المصاحب لهذا السرطان، ولكن البعض ما زال يتعامل فى علاقاته بفقدان شهية مماثل لما يحدث مع سرطان الثدى.

وإذا انتقلنا من النساء للرجال، فسنجد أن عملية إزالة البروستاتا، التى هاجمها السرطان، تجعل صاحبها عاجزاً جنسياً بعدها، ولا يرجع ذلك فى الحقيقة إلى عدم وجود البروستاتا نفسها، لكنه يرجع إلى دمار الأعصاب المغذية للعضو، وهذا ما لا يحدث فى عمليات إزالة البروستاتا لأسباب أخرى غير السرطان. أما سرطان الخصية فهو نادر الحدوث، لكنه مصحوب على الدوام بعجز جنسى نتيجة عدة عوامل، أهمها تأنيب الذات ومحاولة إرجاع سبب هذا السرطان إلى العلاقات المحرمة. وهكذا العلم، فكما أنه لا يعرف المستحيل لا يعرف أيضاً الخجل، ولا يعترف أيضاً بمناطق محظورة على البحث العلمى، لذلك فالعلماء ينصحون المريض دوماً بقولهم: «عش سعيداً حتى ولو كانت هذه اللحظة هى اللحظة الأخيرة».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية