x

أنيسة عصام حسونة أوكازيون الشعارات والمزايدات أنيسة عصام حسونة الأربعاء 09-09-2015 21:28


والله زمان وبعودة الأيام، فقد دبت الحياة فجأة فى الفضاء السياسى المصرى بعد بيات شتوى عميق منذ انتخابات البرلمان السابق الذى فارقنا منذ ثلاث سنوات غير مأسوف على شبابه، وبطبيعة الحال فقد أعطى قرب حدوث الانتخابات البرلمانية قبلة الحياة لبرامج المحاورات التليفزيونية التى شمّرت عن أكمامها ونفّضت الكراسى لزوم جلوس الخبراء الاستراتيجيين الجهابذة الذين حرمونا من طلعتهم البهية خلال الفترة الماضية، كما أعدت قوائم المتحدثين المعتادين المتخصصين فى تقطيع بعضهم البعض، أيا كان الموضوع وهم بالطبع عِشرة قديمة لنا، نراهم فى كل موسم انتخابى منذ أن وعينا على الحياة، لأن المصريين شعب طيب لا تهون عليه العشرة ويؤمن عبر العصور بأن «اللى تعرفه أحسن من اللى متعرفوش»، وبالتالى هذه أيام مفترجة، كل الناس فيها كسبانة بدون كلام سواء المحطات أو الشخصيات أو البرامج وبطبيعة الحال المحاورون فهذا هو الأوكازيون الموسمى الذى يبدع فيه المصريون بجدارة، وأهم ملامح هذا الإبداع تتمثل فى القاموس العبقرى لعبارات المزايدة والشعارات المستخدمة فى موسم الانتخابات من أول «مصر حبيبتنا ونور عينينا» لغاية «أن كل غرضنا هو خدمة مصر» مرورا بطبيعة الحال بجميع العبارات الفخيمة مثل المناداة بالشفافية والتأكيد على أهمية المساءلة والدعوة إلى ضرورة الاصطفاف والحرص على استخدام كلمة بحبك يا مصر بين كل جملة وأخرى، على أساس أن المصريين يعتقدون أن الكلام أهم من الفعل، لأن الكلام ليس عليه جمرك وبالتالى لا يستلزم العمل وبذل الجهد من أجل مصر.

الخطر فى هذا الأوكازيون الموسمى هو أن البضاعة التى يروّج لها هنا هم حضرات المرشحون المنوط بهم تحديد مسار هذا الوطن خلال السنوات الخمس القادمة، وهناك سيناريوهان محتملان لا ثالث لهما فى هذا الشأن إما أنهم سيتقدمون بنا إلى الأمام أو سيتراجعون بنا إلى الخلف فى مرحلة فاصلة لا تتحمل المزايدات والمواقف الضبابية بين متطلبات الدولة المدنية ومخاطر الدولة الدينية، وتهديدات تحالف السلطة ورأس المال، ولذلك فإن الأمر يستلزم أن يحدد المرشحون المحتملون للبرلمان القادم قائمة مهامهم وأهدافهم داخل البرلمان المأمول ويقوموا بإعلانها على الملأ، فنحن جميعا نحب مصر ولكن المهم ما الذى نستطيع أو نرغب فى تقديمه بالفعل لمصر، وكيف سيفعل عضو البرلمان الموقر ذلك؟ ما هى خططه وما هى أولوياته وما هى أهدافه وأهم من ذلك ما هى انتماءاته وانحيازاته الاجتماعية والاقتصادية؟ ما هى التشريعات التى سيروّج لها أو يدعمها؟ من الذى يدعم حملته الانتخابية ويوفر التمويل اللازم للنجاح فى المعركة الانتخابية؟

ما هى الوعود التى قطعها المرشحون سواء الأفراد أو القوائم للجهات الممولة لحملاتهم، فالنقود لا تنمو على الأشجار، ومن يموّل حملة انتخابية لا يفعل ذلك لوجه الله والوطن، ولكن لتحقيق أجندات تشريعية بعينها أو إصدار قوانين معيّنة أو تبنى توجهات محددة، وهذا كله يكون مشروعا فى حالة واحدة فقط هى أن يعلن المرشحون والمموّلون عن مصادرهم وانحيازاتهم بشفافية للناخبين، وأن يكون هذا التمويل فى الحدود التى ينص عليها القانون، وبذلك يصبح الناخب على بيّنة من تفاصيل المشهد أمامه، ويختار من يحقق له مطالبه المشروعة، فدعونا، مرشحين وناخبين على حد سواء، نأخذ الأمر بجديّة وموضوعية، فالتهرب من إعمال العقل والموازنة بين المصلحتين الخاصة والعامة أو التقاعس عن المشاركة فى الاختيار لن يعفينا من المسؤولية أمام الأجيال القادمة التى ستحاسبنا على سلبيتنا فى هذه اللحظة الحاسمة، فأحسنوا الاختيار يرحمكم الله!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية