x

على الحجار فى ندوة «المصرى اليوم»: معظم المطربين الجدد «نشاز»

الخميس 08-01-2009 00:00 |
تصوير : other

هو صوت الفقراء رغم فخامته، وصوت المثقفين رغم بساطته، يحمل موهبة بحجم آلام وأفراح ومشكلات وطن، يمد صوته، فيلمس كل ما يختبئ فى نفوسنا، يخرجه، ويصالحه، ويتركنا «مرتاحين» مع أزماتنا الخاصة، لنفكر فى أوجاع الوطن.

اختبر آذاننا ووجداننا بمفردات تخصه وحده، واختبرنا دفء إحساسه فى شتاء الوحدة، وبرودة العلاقات الاجتماعية، وقسوة الحياة، وغموض المستقبل، والنتيجة: عثورنا على الحلقة المفقودة بين جيل عمالقة راحل، وجيل يقدس «الصورة» على الصوت.

هو تاريخ يستحق الدراسة والبحث، لأنه لم يترك منطقة غنائية إلا واقتحمها، فهو يعرف جيداً كيف «يمثل» بصوته فى تترات المسلسلات والمسرحيات، ويعى كيف يعيد أغنيات عبدالوهاب ومحمد فوزى بفخامتها، كما يحاول باستمرار مواكبة العصر من خلال التوزيعات الحديثة، فهو لا يجوز أن يكون فى دائرة الظل، بينما يمسك بالشمس أنصاف وأرباع وأشباه مطربين.

اكتشفه «الجواهرجى» بليغ حمدى، ويفضله الكبار الأبنودى وسيد حجاب وعمار الشريعى وعمر خيرت، والأخير قال عنه: «أعماله ستبقى وتستمر لأنه فنان صنع أعمالاً فنية بمعنى الكلمة».. مع محمد منير، استطاع على الحجار تغيير وجه الغناء، فهما «حارسا» المواطن المصرى أياً كان مكانه، وتربى على صوته جيل وسط يحفظ «أنا كنت عيدك» و«فى قلب الليل» و«لما الشتا يدق البيان» و«عم بطاطا» و«على قد ما حبينا»، ورباعيات العبقرى صلاح جاهين.. «المصرى اليوم» تستضيف على الحجار الذى أصدر ألبوماً جديداً اسمه «حوا وآدم»، وفتح قلبه لكل الأسئلة التى طرحناها، وأجاب دون تردد.

* «المصرى اليوم»: لماذا ضممت أغنيات قديمة لألبومك الجديد «حوا وآدم»؟

- ضميت 3 أغنيات، الأولى «انتى طلعتيلى منين»، وعمرها 25 عاماً، وكانت ضمن ألبوم لم يصدر باسم «هنا القاهرة» كتبه سيد حجاب ولحنه عمار الشريعى، وهذه الأغنية هى الباقية منه لأن باقى الأغنيات تفرقت على أعمال وأشخاص آخرين، وفكرة ضمها إلى الألبوم تخص عمار الشريعى، وقد وافقته لأنها أغنية لا تتأثر بعوامل الزمن، وليست موضة مثلما يفعل المطربون الآن، الذين يسعون وراء موضات لا تخصنا، وأنا لو غنيت على الموضة سأغنى لحناً على آلة السمسمية لأنها تخصنا، والأغنية الثانية هى «العروسة» والتى كنت أغنيها فى الأفراح والحفلات، وقد غيرت توزيعها طمعاً فى زيادة جودتها وحسن شكلها النهائى.

* «المصرى اليوم»: لماذا اخترت أغنية «على قد ماحبينا» كلمات عبدالرحيم منصور ولحن بليغ حمدى، وهى أول أغنية عرفك بها الجمهور؟

- صراحة، لا أعرف لماذا اخترت هذه الأغنية، إحساس غريب جعلنى أختارها، خاصة بعد أن عشت فترة فقدت فيها نفسى، لدرجة أننى كنت أشعر بأننى «مابعرفش أغنى»، وأنقذنى من هذه الحالة عمل أكثر من «عُمرة» فى الأراضى الحجازية، وقد لازمنى لفترة، قلة رزق غريبة، ولم أعمل خلالها لدرجة أننى لم أجد مالاً للإنفاق على أولادى، وقلت: «يارب لما كنت سيئ كان معايا فلوس أصرفها على أصدقائى»، لكننى عدت إلى صوابى، ورزقنى الله من وسع.

* «المصرى اليوم»: كيف لا يجد مطرب لديه موهبتك عملاً، ويجلس فى المنزل؟

- كأنه كان عقاباً من ربنا وتنبيها، فبعد أن أصدرت ألبوم «ريشة» توقفت عن طرح ألبومات لمدة 6 سنوات، وكان المنتجون يستمعون إلى أغنياتى ويبدون إعجابهم بها، لكن كل مرة كانت تفشل المفاوضات فى آخر لحظة، رغم أن صانعيها سيد حجاب وعمار الشريعى والأبنودى.

* «المصرى اليوم»: وهل تهتم بالشباب أكثر أم الكبار؟

- طبعاً الشباب، لأن أنا ومحمد منير تحديداً لدينا نوع من «السميعة» نادر جداً ومن الصعب خسارتهم، وحتى أرضى جيل الشباب يجب أن أتواجد بمواصفات ترضيهم وتليق بى، لأننى لا يمكن أن أفعل مثل هيفاء وهبى ولا سعد الصغير، لأننى سوف أخسر نفسى لو قلدتهما، وبصراحة «أنا عمرى ما هاعرف أجيب كتف هيفاء ولا وسط سعد الصغير».

* «المصرى اليوم»: قرأنا تعليقاً على الإنترنت يصف أغنية «حوا وآدم» بأنها تسئ إلى الأنبياء وتقول عن النبى آدم إنه يشتاق إلى الجنس الآخر، ما تعليقك؟

- هذا الشخص فهم أن الأغنية عن النبى آدم، لكنها ليست لها علاقة بالأنبياء أصلاً، فهى تتحدث عن أول لقاء تم بين أول رجل وأول سيدة وما حدث فيه، وأؤكد أننى والمؤلف والملحن لا نجرؤ أن نتحدث عن الأنبياء، وأنا «عارف دينى كويس».

* «المصرى اليوم»: هل تتدخل فى الكلمات وتعدلها، وما الفرق بين الأغانى العادية و أغانى تترات المسلسلات؟

- عندما كنت فى بداياتى، طلبت من العبقرى صلاح جاهين تعديل جملة فى أغنية «ولد وبنت» التى كتبها، وقد تفهم طلبى وغيرها، فبدلاً من جملة «أنا اللى كاتب الغنوة ديا»، أصبحت «أنا كانت الغنوة ليا»، كما يمكن أن يطلب الملحن تعديل كلمات فى الأغنية، والمهم فى التعديل أن يكون له سبب مقنع، أما عن غناء التترات، فعندما كنت أسجل أغنيات مسلسل «الأيام» حاولت أن أظهر كل مهارات صوتى، لكن عمار الشريعى ويحيى العلمى نصحانى بأن فى الدراما لازم «أمثل بصوتى» وأعبر عن معنى الكلمة أولاً، وهذا هو الفرق بين تترات المسلسلات والأغانى العادية.

* «المصرى اليوم»: منذ بدايتك الفنية، ودعاية ألبوماتك ومسرحياتك ضعيفة، هل تعتبرها صدفة؟

- فعلاً طول عمرى أواجه مشكلة فى الدعاية الضعيفة، يمكن «حظى كده»، لكننى لا أجيد فن العلاقات العامة، ولا أستطيع الاتصال بصحفى حتى يكتب عنى.

* «المصرى اليوم»: وهل ذكاء المطرب مهم فى نجاحه؟

- لابد أن يكون المطرب ذكياً فنياً أى فى اختيار المؤلف والملحن والموزع ونوعية الأغانى، والآن أصبح الذكاء الاجتماعى أهم بنسبة 80٪ بدليل أنه يوجد مطربون لا يمتون للغناء بصلة وأجورهم فلكية.

* «المصرى اليوم»: ما الفرق بينك وبين محمد منير، هل هو أذكى منك؟

- لا توجد مقارنة، لأن كلاً منا له مدرسة مختلفة.

* «المصرى اليوم»: ولماذا هو أنجح منك إن جاز التعبير؟

- لأن طريقة غناء منير أقرب وأسهل فى الوصول إلى الجمهور.

* «المصرى اليوم»: وما مصير مشروع غنائكما معاً؟

- مازال قائماً، لكننى وجدت منير كان يفكر فى أن يغنى الوجه الأول من الألبوم، وأنا أغنى الوجه الثانى، فى حين كنت أفكر فى ألبوم دويتو أى نغنى كل أغانيه معاً ويكتبه شاعر واحد ويلحنه مجموعة من الملحنين.

* «المصرى اليوم»: لماذا ترفض الغناء فى الحفلات الخاصة؟

- الحفلات الخاصة لا تقلل من قيمة المطرب أمام الناس، لكن تقلل من قيمته أمام نفسه وهذا يتوقف على طريقة تربيته، وبصراحة، أنا شاركت فى حفلين خاصين فقط، الأول كنت أصبحت مشهوراً، ولا أملك سيارة، وكنت أركب الأتوبيس فى التنقل، واضطررت إلى التنقل على قدمّى حتى لا يقول الناس إننى بخيل، خاصة أننى لم أكن أملك مالاً لأركب تاكسى، واقترح علىّ صديق أن أغنى فى عيد ميلاد زوجة أحد الأثرياء العرب، وفعلاً غنيت، لكننى لم أحصل على مليم واحد، والحفل الثانى كان أغنية سجلتها فى استديو من أجل شخصية ثرية، واتهمتنى الصحف وقتها بأننى «أرقص تحت أقدام فلانة»، والسبب كان أننى يجب أن أدفع مبلغ 160 ألف جنيه ضرائب لأننى أنتجت مسرحية.

* «المصرى اليوم»: واضح أن مشكلة الإنتاج أو عدم توافر المال بشكل عام يلازمك، هل هذا سبب تنقلك بين أكثر من شركة إنتاج؟

- منذ فترة وأنا أنتج ألبوماتى على نفقتى الخاصة حتى لا أقع فى فخ الاحتكار مرة أخرى.

* «المصرى اليوم»: لكن تكلفة الألبوم الآن تصل إلى مليون جنيه، فهل تدفع لك شركة التوزيع هذه التكلفة؟

- طبعاً لا، لأن الألبوم بعد طرحه فى السوق بنصف ساعة يتم تسريبه على الإنترنت، وهذه كارثة، ولا توجد إلا شركة واحدة فقط تدفع مبالغ كبيرة مقابل التعاقد وشراء «ماستر» الألبوم، وهذه سياستها رغم أنها تخسر.

* «المصرى اليوم»: تردد أن شركة «روتانا» تتفاوض معك، هل هذا صحيح؟

- فعلاً استمرت المفاوضات فترة طويلة، ولم نتفق لأنهم رفضوا التعاقد على ألبوم واحد فقط.

* «المصرى اليوم»: وكيف تنفق على ألبوماتك؟

- أنا أحصل على أجر كبير مقابل غناء تترات المسلسلات، كما أحصل على أجر كبير فى المسرح.

* «المصرى اليوم»: وهل أسست استديو كبيراً فى منزلك بغرض الربح المادى؟

- المهم يكفينى أنا، فقد كنت أدفع مبالغ كبيرة للتسجيل فى الاستديوهات، لأننى أعيد الأغنية أكثر من مرة حتى أصل إلى أفضل مستوى.

* «المصرى اليوم»: هل تغنى فى ساقية الصاوى كل شهر بغرض الوصول إلى الشباب؟

- أولاً ابنتى هى سبب تعاقدى مع إدارة الساقية، ومحمد الصاوى كان متخوفاً فى البداية، لأن جمهور الساقية شباب، لكن عندما نجح الحفل الأول، تضاعفت أعداد الحضور وبدأوا الاستعانة بكراسى إضافية، وبصراحة حفلات الساقية أنقذتنى من حالة نفسية سيئة كنت أعيشها.

* «المصرى اليوم»: وهل تأكدت أن الشباب يريد أن يسمع أغنيات على الحجار التى يصفها البعض بأنها «ثقيلة» على الجيل الحالى؟

- أى مجموعة من الناس تحتاج إلى شيخ فى الدين، وزعيم سياسى، ولا توجد مجموعة تمشى دون قائد، وأجهزة الإعلام لها دور فى إرشاد الشباب، ويجب أن تدلهم على طريقة الاستماع إلى الأغانى، أقصد أنه عندما يكون المطروح أمام الشباب متنوعاً تكون فرصة الاختيار أكبر، والشباب معذور لأنه اعتاد على سماع أصوات «نشاز» مع صورة حلوة، والعين تسرق الإنسان قبل الأذن.

* «المصرى اليوم»: وما سبب انتشار هؤلاء؟

- الفضائيات، لأنهم لو كانوا ظهروا فى زمن العمالقة مثل عبدالحليم وصباح وغيرهما، لن تترك لهم الفرصة للغناء، لأن فى زمن العمالقة كان الكورال يضم مطربين حقيقيين.

* «المصرى اليوم»: وهل ساعدت أجهزة الصوت الحديثة فى نجاح هؤلاء؟

- بالتأكيد، فالأصوات يتم تعديلها باستخدام برامج الكمبيوتر التى تعدل أى «نشاز» وجميع المطربين يستخدمونها الآن.

* «المصرى اليوم»: وهل تستخدمها أنت؟

- للعلم، الأجانب اخترعوا هذه البرامج للمطربين الحقيقيين لتعديل أجزاء بسيطة وليس للذين لا يعرفون الغناء، وبصفة عامة توجد أكثر من طريقة للتسجيل، فمثلاً أيام العمالقة كان المطرب يسجل الأغنية 4 مرات، وينتقى أفضل مقطع من كل تسجيل، أما الآن يجتمع المؤلف والملحن والموزع ومهندس الصوت وأحياناً المطرب «لو فاهم» ويتم تعديل الأغنية بالكمبيوتر، لكن يوجد مطربون يعدلون أغنياتهم من أولها إلى آخرها.

* «المصرى اليوم»: وهل كل المطربين الجدد «نشاز»؟

- طبعاً لا، لكن معظمهم لا تعرف هل هذا صوت رجل أم امرأة، وفى رأيى أن صوت بهاء سلطان صوت رجل، وشيرين عبدالوهاب صوتها جميل جداً وأغانيها مناسبة لها، وأيضاً محمد حماقى وخالد سليم وآمال ماهر ومى فاروق.

* «المصرى اليوم»: ومن الأفضل فى الأصوات العربية؟

- فضل شاكر وصابر الرباعى ومروان خورى.

* «المصرى اليوم»: ما معنى أن يقدم مطرب مشواره الغنائى فى برنامج يستعين فيه بأشخاص يتحدثون عنه؟

- أنا لست ضد هذا الموضوع، المهم أن يكون له تاريخ مثل عبدالحليم حافظ مثلاً.

* «المصرى اليوم»: وهل يوجد مطرب الآن له تاريخ؟

- محمد منير لديه مشوار فنى حقيقى يستحق أن يتعرف عليه الجمهور.

* «المصرى اليوم»: ومحمد الحلو ومدحت صالح؟

- الحلو مشواره الغنائى أقل بكثير من عظمة صوته، أما مدحت فهو صوت أقل من الحلو لكن لديه مشواراً جيداً.

* «المصرى اليوم»: وعلى الحجار؟

- حتى الآن لا يوجد لدى مشوار لأقدمه فى برنامج، ولدى مشاريع كثيرة لم تنفذ بسبب «قلة الحيلة» لأن الفن الآن يساوى «فلوس»، فمن الممكن أن يكون عندى أغنية لا أستطيع تنفيذها أو إذاعتها، لأن الفضائيات تحصل مبالغ كبيرة عن كل مرة إذاعة.

* «المصرى اليوم»: أين مشروع «100 سنة غناء»؟

- وزير الثقافة وافق عليه منذ 6 سنوات وحتى الآن معطل فى صندوق التنمية الثقافية بحجة عمل مناقصة لأرخص استديو، كما أنهم «مستغربين» من أننى تنازلت عن حقوقى المادية.

الغريب أننى تلقيت عرضاً من المركز الثقافى السويسرى لتنفيذ المشروع، فهم يهتمون بتراثنا أكثر منا، فقد اشتريت من فرنسا اسطوانات عليها أغنيات مقاهى مصر فى القرن العشرين بتوزيع جديد.

* «المصرى اليوم»: رغم أن النجوم يهربون من المسرح إلا أنك مستمر فى تقديم مسرحيات، ما السبب؟

- حبى للمسرح، لأننى احترفته قبل الغناء، كما أننى أحب تقديم أغنية مستوحاة من الدراما، والغناء فى المسرح أفضل من الغناء فى حفلات خاصة أو كباريهات.

* «المصرى اليوم»: وهل يوجد إقبال على المسرح الآن؟

- أكيد، وأعتقد أن أزمة المسرح سببها مديرو المسارح الذين يريدون تقديم أى مسرحيات لإنفاق المخصصات المالية لديهم، فمثلاً مسرحية «يمامة بيضا» حققت نجاحاً دون دعاية، واعتمدنا على الأفيش، واستمرت رغم أنها واجهت تهديدات من الرقابة بالإغلاق، وفعلاً نقلوها من مسرح «السلام» إلى الإسكندرية فى مكان يصعب أن يصل إيه أى شخص، ومع ذلك بعد 20 يوماً حققت نجاحاً.

* «المصرى اليوم»: وهل ذلك أصابك بالإحباط؟

- نحن معتادون على الإحباطات فى هذا الوطن.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية