تنتشر في المناطق الشعبية- وحتى الأحياء الراقية- عربات مجهزة لبيع مخلفات الحيوانات مثل الكبدة والقلوب والحواوشي، وما يُطلق عليه «الحلويات» التي تُعد غدد الحيوانات التي يتم تخزين السموم بها، وتحظي بلفت الأنظار إليها بسبب طريقة طهيها أو من خلال الرائحة النفاذة للبهارات التي تُضاف إليها، لتعطي نكهة أفضل لهذه الوجبات التي تُعد رخيصة مقارنة بسندوتشات «الماكس جريل» للحوم أو الدواجن.
وتقول الدكتورة وفية حسن، رئيس قسم صحة الأغذية بمعهد بحوث صحة الحيوان، إنه لوحظ انتشار الباعة الجائلين وما يسوقونه من أطعمة ومشروبات غير خاضعة لمعايير النظافة والإشراف الصحي، للتأكد من خلوها من الأمراض، والذين يقومون ببيع وتداول مخلفات الذبيحة المأكولة مثل الكبد والكلاوي والفشة والحلويات، موضحة أن ما يحمله الباعة الجائلون أنفسهم وتحت أظافرهم وأيديهم الملوثة والعرض المكشوف للسلع وتعرض الأطعمة للذباب والأتربة والتلوث البيئي والملوثات الأخرى كل ذلك يُسَهِّل انتشار الأمراض المعدية المنقولة بالغذاء، والتي تشكل مخاطر جسيمة على صحة المستهلك.
وأضافت «حسن» أنه مع بداية العام الدراسي، ينتشر الباعة الجائلون أمام المدارس بمأكولات تهدد الأطفال والكبار بالإصابة بالأمراض المعدية، ومنها فيروس التهاب الكبد الوبائي من نوع (أ)، وهو من أكثر الأمراض انتشارًا في دول العالم الثالث، ويصيب الملايين سنويًا.
وشددت رئيس قسم الصحة على أن اللجوء لشراء هذه المنتجات من الباعة الجائلين يساهم في نقل الميكروبات المسببة للتسمم الغذائي، والتي قد يكون لها الأثر الشديد على المستهلك، خاصة الأطفال وكبار السن، الذين يعانون من نقص المناعة.
وأشارت إلى أن تلوث هذه المنتجات المعروضة بالأتربة وعوادم السيارات والتلوث البيئي يشكل خطرًا داهمًا يهدد الصحة العامة والبيئة، ويسبب انتشار الفيروسات وارتفاع معدلات الإصابة السنوية بالأمراض، التي لاتزال عالية في مصر، لافتة إلى أن الذباب والحشرات الأخرى تكون الوسائط لنقل العدوى من مخلفات مريض أو حامل للمرض إلى الأطعمة غير المغلفة، التي تتعرض للعراء أثناء العرض والبيع، وهو ما يستوجب تجنب مخاطر شراء الكبد والكلاوي من الباعة الجائلين.
ونصحت الخبيرة في صحة الأغذية الأجهزة المعنية بالرقابة على الغذاء بتوجيه المستهلك، من خلال البرامج التوعوية لتجنب الأطعمة غير المغلفة، التي تتعرض للتلوث المباشر ببقايا براز مريض أو حامل للمرض، وربما يكفي التوعية بهذه الطريقة التي تتم بها العدوى، وذلك لتجنب الأطعمة المُعدة خارج المنزل، واتباع إجراءات الرقابة الصحية للباعة الجائلين، والكشف الدوري، واستخراج شهادات صحية تفيد بخلو هؤلاء الباعة من الأمراض، وتوجيه البائعين الجائلين وتأهيلهم للتعامل الصحي الآمن مع المنتجات الغذائية، لكي لا تتسبب في أضرار صحية للمستهلك.
من جانبها، قالت الدكتورة مروة عبدالكريم شعيب، باحث بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية بمركز البحوث الزراعية، إن من أشهر أكلات الشارع «السمين»، الذي يُعَد أكلة مصرية شعبية يتناولها المصرى من على «العربات» المتجولة، وتحتوي هذه الوجبة على كل ما يمكنه أن يؤدى بالإنسان إلى التهلكة وتسبب له أضرارًا صحية بالغة، حيث تحتوي لحوم السمين على نوعيات من الدهون المشبعة والخطيرة كالممبار ولحم الرأس والكفتة المقلية وغيرها من الأطعمة المليئة بالدسم المشبع.
وأضافت «عبدالكريم» أن الكفتة المقلية ولحمة الرأس تعد أخطر أنواع الطعام على الإطلاق، حيث تؤدي إلى ارتفاع معدل ضغط الدم والإصابة بمرض النقرس وظهور الكرش، خاصة في الرجال، والتلبك المعوي، وصعوبة هضم هذه النوعيات تسبب الإصابة بآلام القولون ونوباته المتكررة والانتفاخ والامتلاء والشعور بالتخمة المزمنة والإمساك المزمن.