احتضنت أدورني جارسيا، الرفيقة العاطفية لحارس مانشستر يونايتد الإنجليزي، الإسباني ديفيد دي خيا، حبيبها، الذي بدت على وجهه ملامح حزن شديدة، قبل أن تداعب شعره قائلة: «لا تقلق يا عزيزي كل الأمور ستكون على ما يرام».
ابتعد «دي خيا» عنها في جفاء وهو يرد: «لا وقت لدي لهذا، سأعد حقيبتي للذهاب لمعسكر المنتخب، لا أدري لنسيان كل هذا الهراء، أم العودة لتذكره مجددًا!».
كانت حالة «دي خيا» يرثى لها وهو يقود سيارته نحو مدينة الكرة للانضمام للمعسكر، حيث كان يشعر كما لو كان الكون كله سقط فوق رأسه بعد أن أفلت إله الشر لويس فان جال حباله في اللحظة المناسبة لسحق آمال الحارس الشاب في الذهاب لريـال مدريد، كما كان يرغب هو ورفيقته العاطفية.
«اللعنة على هذه الرغبات وعلى هذه المكالمات».. قال الحارس لنفسه هذه العبارة وهو يحرك يده فوق شاشة هاتفه الجوال التي تعمل باللمس، وكانت تظهر عليها صورة «أدورني»، ليرفض الرد على المكالمة الصادرة منها.
كان «دي خيا» ينتظر مكالمة أهم من وكيله البرتغالي جورجي مينديش لمعرفة ما هي الخطوة التالية التي سيفعلها بعد دراما اللحظات الأخيرة التي أفسدت انتقاله، حيث كان يفكر في تعنيفه وإخباره بأن زواجه مؤخرًا جعله لينًا وأنساه كونه أفضل ممثل لاعبين في العالم، ولكنه اقتنع بأن هذا ليس الحل الصحيح في الوقت الحالي.
الخيارات أمام «دي خيا» كانت صعبة، فإما تمديد العقد مع مانشستر يونايتد لنيل رضا «فان جال» والعودة للمشاركة مع الفريق وبالتالي زيادة فرص الاستدعاء للـ«ماتادور» واللعب في «اليورو» العام المقبل بفرنسا، ولكن هذا الأمر سيعني وضع شرط جزائي ربما يكون تعجيزيًا، مما سيحرمه من اللعب لريـال مدريد، أو رفض التمديد والتعرض للإذلال من قبل المدرب الهولندي وضياع فرصة المنافسة على تمثيل المنتخب في «يورو 2016».
ظهرت المدينة الرياضية من بعيد كقلعة مجهولة الملامح بالنسبة لـ«دي خيا»، ولكن جواله تلقى إخطارًا يفيد باستقباله رسالة من «مينديش» مفادها: «لا تقلق، كل شيء تحت السيطرة، سنتحدث ليلًا».
هناك في مدينة الكرة، كان قائد المنتخب إيكر كاسياس، الذي رحل عن حراسة عرين ريـال مدريد الإسباني منذ أسابيع قليلة وصل مبكرًا للمعسكر قادمًا من البرتغال، حيث يلعب في ناديه الجديد بورتو، بل وكان قد تمكن أيضًا من الادلاء ببعض التصريحات الصحفية التي ظهرت فيها سعادته.
التقى «كاسياس»، وهو في طريقه لغرفته بمدينة الكرة، بزميله السابق في ريـال مدريد، سرخيو راموس، حيث قال له مازحًا: «يبدو أنك الوحيد الذي خرجت فائزًا من هذه الحرب»، ولكن الأخير أجابه بابتسامة عريضة: «إيكر.. لا تقل هذا فأنت أدرى شخص بصعوبة التعامل مع فلورنتينو».
كان الحارس، الذي خرج من ريـال مدريد بصورة سيئة للغاية، يدرك أن «راموس» ربما كان سببًا مباشرًا في عدم إبرام صفقة «دي خيا»، فالمدافع الأندلسي كان يرغب في زيادة راتبه وكان مانشستر يونايتد يرغب في ضمه، وبعد شد وجذب طويل رضخ فلورنتينو بيريز، رئيس ريـال مدريد، لمطالب «راموس»، رجل كأس دوري الأبطال العاشرة، ومدد وحسن له تعاقده، ليخرج النادي الإنجليزي خاسرًا من هذه المعركة.
ولكن على أي حال، فإن أي من هذا لا يعني شيئًا لـ«كاسياس» الآن: لا «فلورنتينو» ناكر للجميل ولا «راموس» أو حتى «دي خيا»، فهو ابتعد عن كل هذا الضجيج وأصبح في بورتو.. صحيح إنه من حين إلى أخر سيعود لهذا الهراء في كل استدعاء للمنتخب الإسباني، ولكن ما حدث مؤخرًا ربما يصب في مصلحته بشكل كبير.
مدد «كاسياس» جسده فوق فراش غرفته التي دخلها بعد وداع «راموس»، وقبل أن يستعد لحصة التدريبات وهو يفكر في كيف أن سوء طالع «دي خيا» ربما يمثل حسن حظ له: فمن ناحية تراجعت فرص الأخير في أن يأخذ مكانته كحارس الإسبان المفضل، كما أنه سيكون فاقدًا للتركيز لفترة معينة، وربما لا يشارك مع فريقه وبالتالي لن يحدث أي تهديد لفرص «القديس» في حراسة مرمى الفريق بـ«يورو 2016».
«هالا مدريد».. قال «كاسياس» هذه العبارة بنبرة ساخرة وهو يبتسم بعد أن انتهى من تخيل هذا السيناريو، قبل أن يقفز من فوق فراشه في نشاط وهو يستعد للاستحمام قبل الخروج للتدريبات.
«في النهاية اختار لي الرب الطريق الصحيح، أما عن الصحافة فدعها لي والمباريات ستكون الحكم، سأتركك الآن فالرئيس ينتظرني، وداعًا».. أنهى الكوستاريكي كيلور نافاس بهذه العبارة مكالمته الهاتفية مع والده، الذي هنأه باستمراره في صفوف ريـال مدريد، قبل أن يتوجه لمكتب فلورنتينو بيريز.
دلف «نافاس» بعدها بدقائق لمكتب رئيس النادي، الذي كان وجهه يبدو مهمومًا، بل وحتى حينما طلب منه الجلوس قالها بنبرة حزينة بل ومكسورة.
كانت حالة رئيس النادي تستحق الشفقة، فهو لأول مرة من فترة يشعر بالهزيمة إداريًا، البداية كانت بالفشل في حماية «كاسياس» كما يجب، ثم الانقلاب عليه وترحيله، فالرضوخ لمطالب «راموس»، والآن فاجعة إجهاض صفقة «دي خيا-نافاس».
شعر الحارس الكوستاريكي بلذة في رؤية هذا الأمر لأن هذا الرجل الجالس أمامه كان يرغب في سحق مسيرته مع الريـال قبل أن تبدأ، لذا لم يظهر أي إحراج في مطالبه الجديدة التي عرضها أمام فلورنتينو بعد أن سمع اعتذاره، وأهمها تخفيف النبرة المشككة في قدراته بوسائل الاعلام وتحسين راتبه، بينما في نفس الوقت هناك.. في أحد أركان مدينة فالديبيباس الرياضية، كان يجلس لاعب يدعى كيكو كاسيا لم يعد يتذكره أحد على الرغم من كونه أخر الحراس.. حراس المدينة.