توقعت صحف إسرائيلية أن يؤثر اكتشاف حقل «شروق» للغاز الطبيعى فى مصر على الانتخابات البرلمانية المقبلة فى القاهرة، مؤكدة أنه يعزز نظام السيسى بعد أن يحل عدداً من المشاكل المزمنة للمصريين.
وقالت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية، أمس، إن كل من استمع إلى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى سنغافورة كان بوسعه أن يلمس نبرة الارتياح الكبيرة التى برزت فى كلماته. وأكدت الصحيفة أن مصر مقبلة على عهد جديد، تعمل فيه كل مصانعها بكامل طاقتها بعد أن يتوافر الغاز المطلوب، الأمر الذى سيؤدى إلى انخفاض الأسعار، لا سيما بالنسبة لمصانع الحديد والأسمنت. وتوقعت الصحيفة أن يؤدى اكتشاف الغاز أيضاً إلى توافد المستثمرين الأجانب إلى مصر من أجل إقامة مصانع جديدة وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إنه فضلا عن القيمة الاقتصادية الكبيرة التى ستنعكس بسرعة على الاقتصاد المصرى، والتى تأتى بعد وقت قصير من تدشين قناة السويس الجديدة، يمثل اكتشاف الغاز دعما سياسيا قويا لنظام السيسى. ولفتت إلى أن من المنتظر أن يحل اكتشاف الغاز هذا العديد من المشاكل المزمنة فى مصر، والتى كانت تمثل مظاهر صارخة للحكومات المصرية، وعلى رأسها الانقطاع المتكرر للكهرباء، ونقص أنابيب البوتاجاز، ونقص الغاز اللازم للصناعة، والسوق السوداء النشطة فى هذا المجال.
وأكدت أن اكتشافات الغاز المصرية جاءت أيضا لتعفى السيسى من الضغوط التى كان سيشكلها استيراد الغاز من إسرائيل، وصورته أمام الرأى العام المصرى، لا سيما أن كثيرين كانوا يرون أن استيراد الغاز من إسرائيل يعنى تهديداً للأمن القومى المصرى.
وتوقعت الصحيفة أن يؤثر اكتشاف حقل الغاز أيضاً على الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقرر إجراؤها فى أكتوبر ونوفمبر المقبلين. وقالت الصحيفة إنه «عندما تكون مصر غارقة فى مواجهات دموية مع التنظيمات الإرهابية، وينتقد البعض عدم قدرة الرئيس على وقف العمليات الإرهابية اليومية، لن يكون هناك أفضل من محيط من الغاز الطبيعى لدعم أنصار السيسى فى الانتخابات».
وأعربت الصحيفة، فى تقرير آخر، عن اندهاشها من عدم معرفة إسرائيل واستخباراتها الاقتصادية أى شىء عن عمليات التنقيب التى تنفذها الشركة الإيطالية «إينى» قبالة السواحل المصرية. وقالت إن مصر والشركة الإيطالية تعمدتا التكتم على الأمر، فلم يرد ذكر أى شىء عن الأمر فى تقارير الحكومة الإسرائيلية ولا الاستخبارات ولا الخارجية ولا هيئة الأمن القومى عن سوق الغاز الإقليمية.
وقالت صحيفة «كالكاليست» الاقتصادية الإسرائيلية إن اكتشاف حقل الغاز «شروق» فى مصر، والذى يعد أضخم حقل فى الشرق الأوسط والبحر المتوسط، يهدد بإلحاق الضرر بعائدات روسيا.
وذكرت فى تقرير لها، أمس، أن اكتشافات الغاز بهذا الحجم الهائل الذى أعلنت عنه مصر سيضر على المدى القصير بواردات مصر من روسيا، متوقعة أن تدخل مصر، على المدى الطويل فى منافسة مع روسيا على تصدير الغاز لأوروبا.
وأوضحت الصحيفة أنه قبل أسبوع واحد مما وصفته بالإعلان «الدرامى» لشركة الطاقة الإيطالية «إينى» عن اكتشاف الغاز الضخم فى مصر، زار الرئيس عبدالفتاح السيسى موسكو، وكان من بين الأهداف الرئيسية للزيارة التوقيع على مسودة نهائية لاتفاق توريد الغاز السائل من روسيا إلى مصر. ولفتت إلى أنه بموجب الاتفاق من المفترض أن تزود شركة الطاقة الروسية «جازبروم» نظيرتها المصرية «إيجاس» بـ35 شحنة من الغاز المسال على مدار السنوات الخمس المقبلة. كما وقعت الشركة المصرية اتفاقاً آخر مع شركة «روسنافت» فى يوليو الماضى كى تزود مصر بـ3.5 مليون طن من الغاز المسال على 24 دفعة، حتى عام 2017. ومن المقرر أيضاً أن تزود شركة روسنافت الروسية مصر بالديزل وغاز الطهى.
ولفتت الصحيفة الإسرائيلية أيضاً إلى أن مصر وقعت أيضاً فى إبريل الماضى اتفاقات مع عدة شركات للطاقة من بينها شركة نوبل إنيرجى الأمريكية وتريفيجورا وبريتش بتروليوم وغيرها لتزويد مصر بكميات من الغاز المسال مقابل 3.5 مليار دولار خلال العام المالى 2015-2016.
وقالت الصحيفة إن كل هذه الاتفاقيات مهددة بالإلغاء الآن بعد اكتشاف حقل الغاز المصرى «شروق»، الذى تؤكد التقديرات أنه سيوفر لمصر كل احتياجاتها من الغاز لعدة عقود، بحسب شركة «إينى».
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أنه على الرغم من خسائر الشركات الروسية بمليارات الدولارات بسبب هذا الاكتشاف المصرى، إلا أن أكبر مخاوف موسكو يتمثل فى زعزعة سيطرة روسيا على أوروبا بسبب تحول مصر إلى قوة عظمى إقليمية فى مجال الغاز الطبيعى.
وأشارت إلى أن روسيا هى مورد الغاز الرئيسى لأوروبا، حيث تزودها بنحو 27% من احتياجاتها. وبحسب بيانات معهد أبحاث الطاقة «كلينجنديل»، فإن أكثر من 60% من استهلاك الغاز فى بولندا واليونان والمجر وسلوفينيا تأتى من روسيا، التى تزود كلا من بلغاريا والتشيك وسلوفاكيا بأكثر من 90% من احتياجاتها. بينما توفر روسيا كل احتياجات الغاز فى كل من فنلندا وأستونيا ولاتفيا وليتوانيا.
وكانت الصحيفة ذاتها قد وصفت الخسائر الفادحة التى تكبدتها شركات الطاقة فى البورصة الإسرائيلية، أمس الأول، بسبب الغاز المصرى بأنها «حرب أكتوبر أخرى فى أسهم الغاز». فيما شبهت بعض التقارير الإسرائيلية خسائر إسرائيل بسبب مصر بأنه تكرار لـ«تقصير الاستخبارات الإسرائيلية فى حرب أكتوبر».