سلامتها أم حسن وأحزاب وتجمعات الدوشة والكلام الفاضى، اكتشفت بالأمس أن الانتخابات بعد خمس دقائق فجن جنونها.. خصوصاً أن رصيدها عند الناس يا مولاى كما خلقتنى.. فزعقت بالصوت الحيانى تطالب باستبعاد حزب النور على اعتبار أنه حزب دينى لا يجوز له دخول معترك السياسة من الأصل..!
يا سلام.. وسعادتكم كنتم فين على مدى السنوات الماضية.. وحزب النور يشتغل بجد.. يبنى ويؤسس تحالفاته الانتخابية.. ويتصل بالناس فى الشوارع.. يسعى لوراثة حزب الإخوان المرفوض جماهيرياً.. والبهوات مشغولون بالتليفزيون وقعدات الرحرحة وعقد الاجتماعات فى الغرف المغلقة لصلح المتخاصمين.. دون محاولة للنزول للشارع الانتخابى.. وقد بذلتم الجهد فى جذب الأسماء اللامعة إلى تحالفاتكم وأنتم تعلمون أنه لا رصيد لهم عند الناخب الذى يفهمها وهى طايرة.. ومعظم الأسماء حاولت زمان خوض الانتخابات فخسرت الجلد والسقط.. وفشلت فى استرجاع فلوس التأمين التى تشترط حصولك على واحد فى المائة من الأصوات على الأقل.. أقصد أن كلها أسماء مضروبة لا وجود لها ولا نفوذ عند الناخب.. صاحب القصد والمقام فى موسم الانتخابات..!
حزب النور.. ودعنى أقل إنه ليس حزباً واحداً.. هى أحزاب وتجمعات دينية سلفية متطاحنة بينها ما صنع الحداد والنجار.. لكنها متفقة على هدف واحد.. هو اكتساح الانتخابات بالكلام المزوّق.. وبعدها يحلها الحلال.. وما يجمع بينها هو أنها متفقة على عداء المرأة وكراهية القبطى وتحريم الأفكار المستنيرة.. فى حين أن سعادتك مشغول بتأسيس وفك وتربيط التحالفات.. وضرب إخوتك تحت الحزام.. وقد فشلت فى تجميع الشامى والمغربى فى تحالف واحد.. وكأن معركتك الأساسية ضد التيار الذى يشبه التيار الذى تمثله.. أما التيار الدينى فلم تقترب منه أبداً.. أنت تخشاه لأنه أكثر تنظيماً.. لم تحاول فضح أفكاره لأن على رأسك بطحة.. لم تحاوره بحق وحقيقى وقد اعتمدت على الأمن فى محاربته.. ولم تحاول السعى وراءه فى المساجد لكشف أفكاره وعوراته المتخلفة عقلياً والتى يمكن أن تقود البلاد للوراء 500 سنة.. والتى تنفذ بذكاء المخططات الداعشية.. ومع هذا أنت تتفرج وخلاص فى ظل هذا الكم الرهيب من التحالفات والتكتلات والأسماء اللامعة.. تعبر عن الخيبة التقيلة.. حزب الغد والمستقبل والتكامل والتفاضل والحرية وحساب المثلثات والسلام والاستقرار وغيرها من الأسماء التى لا تعرف لها أصلاً من فصل..!
وللأمانة.. القيادة السياسية لم تُقصّر.. والسيسى شخصياً دعا الأحزاب والتيارات للوحدة والاندماج.. لكنها لم تفعل.. معظمها يسعى للحصول على التمويل ودعم الدولة الذى لو حدث فهو خيبة ثقيلة والله..!
السادات كان ناصحاً بامتياز.. وفى عام 1976 عندما سمح بقيام الأحزاب السياسية من جديد بعد حظرها فى بداية ثورة يوليو.. اكتشف ما يزيد على الثمانين حزباً تطلب تسجيل نفسها لخوض الانتخابات.. واكتشف السادات أن برامجها متشابهة.. ماعدا التيار الدينى الذى سعى لدخول معترك السياسة.
رفض السادات الحدوتة.. واستبعد التيار الدينى تماماً.. واختصر الثمانين لثلاثة أحزاب فقط لا غير.. يمين وشمال ووسط.. مؤكداً أنه بعد نجاح التجربة الديمقراطية فسوف يسمح بولادة أحزاب جديدة.. وهو ما حدث بالضبط عندما سمح لحزب العمل ثم للوفد الجديد وحزب الأمة بالتواجد على الساحة السياسية التى اكتظت بعد ذلك بالأحزاب..!
أقصد أن البداية لابد أن تكون محكمة بحزبين أو ثلاثة.. ثم نفتح الباب بعد ذلك.. وكنت أحسب أن الأحزاب والتكتلات السياسية الحالية سوف تستجيب لدعوة السيسى بالتوحد والاندماج.. وهو ما لم يحدث.. وكأنها يا أخى تعمل لصالح التيار السلفى.. بخوض الانتخابات لتفتيت الأصوات.. لصالح الحزب الدينى الذى يشدنا للوراء..!!
وحتى الحزب الناصرى الذى كنا نأمل أن يقود الناس فى الشوارع معتمداً على قياداته التاريخية.. وعلى رصيده الأيديولوجى القديم.. هذا الحزب باع القضية مبكراً.. وسلق البيض.. واستسهل القفز فى مراكب الإخوان.. وقد تصور أنهم القوة الصاعدة.. شوية انتهازية على خفيف.. فخاض الانتخابات على قوائمهم.. فلما سقط الإخوان سقط الناصريون سقوطاً مدوياً.. ولن تقوم لهم قائمة أبداً.. ورغم أن الناس فى الشوارع لاتزال ترفع صور جمال عبدالناصر فى المظاهرات الجماهيرية.. لكنها لا تثق فى القيادات الناصرية التى باعتها وسلمت رايات واسم عبدالناصر لجماعة الإخوان!
الغريب يا أخى أن الزعامات التى خاضت المغامرة وانقلبت على الخط الأساسى للناصرية.. وارتضت بالتحالف مع الإخوان.. هى ذاتها القاعدة على قلوبنا.. تتحدث باسم الجماهير.. مع أن العُرف فى بلاد الديمقراطية أن تبتعد وتنزوى القيادات الفاشلة..!
لست متفائلاً والله.. ولا أتوقع خيراً فى الانتخابات التى تدق الأبواب.. والأحزاب المدنية التى فشلت فى الماضى لن تنجح هذه المرة.. لسبب بسيط أنها ليست أحزاباً.. وليست مدنية.. ولا أعرف فى السياسة.. ولكن هل يجوز استخدام عبارة الأحزاب الأرزقية لتوصيفها؟!
الانتخابات بعد خمس دقائق إذن.. ولعل الله يخلق من قلب العتمة النور والضياء.. وانظر إلى الديمقراطيين يقترحون اقتراحات «مصيبة» وبعضهم طالب بحل حزب النور ومنعه من خوض الانتخابات وهناك من يطالب باستخدام كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة بغرض إسقاطه فى الانتخابات.. وفريق ثالث يطالب رئيس الدولة بإعادة الانتخابات الديمقراطية فيما لو فاز بها السلفيون.. وخيبتنا ثقيلة والله.. ومن أعمالنا سلط علينا من السلفيين والديمقراطيين..!!