x

يسري الفخراني دولة الساحل الشمالى! يسري الفخراني الثلاثاء 01-09-2015 21:25


بينما تقتل مارينا (الساحل الشمالى) بدم بارد ومع سبق الإصرار، تزرع مكعبات الأسمنت من جديد على طول الساحل الشمالى من سيدى عبدالرحمن إلى ما بعد مطروح، بسرعة وهمة وعشوائية، مارينا (هنا) ليست رمزا للأغنياء (لأنها لم تعد)، إنما استثمار دولة ومشروع وطنى يساوى بأسعار اليوم مائة وخمسين مليار جنيه على الأقل، الكتابة عنها ليست من فرط الرومانسية والرفاهية، إنما من باب كيف تحسن استثمار موارد الدولة، وتنقذها.

مارينا نموذج لمليارات دفعت حينها لكى تصنع مدينةـ وليست قريةـ على الساحل الشمالى، تبنى فيها الفنادق لا القصور، وتصبح مبانيها موتيلات صغيرة وليست بيوتا صيفية مغلقة، مارينا (مهمة للغاية) لأن استثمارها كان يفترض له أن يعود بالمليارات إلى خزينة الدولة. هذا لم يحدث، ولا يحدث، وإن كان يمكن أن يحدث.

الحكومة (حكومات متتابعة الحقيقة) فضلت أن تلعب دور السمسار الخايب الذى يبحث عن بيعة سريعة لكل الذهب الذى يملكه، فأهدرت أراضى بسعر بخس وأهدت مارينا إلى مصير الخراب دون أن تعيد ولو جزءا صغيرا من مليارات دفعت، ودفنت فى أرضها التى كانت يوما منبت القمح وميناء تصديره إلى أوروبا.

سمسار لا تخلو لعبته من بيع بالمزاد العلنى أو التخصيص، والجرى إلى الرأى العام (وإلى الرئيس أولا) لإعلان خبر سعيد أنه تم بدون ألم ضمير التخلص من أراضٍ مصرية لا تعوض دون خطة أو دراسة أو دراية.

أسأل الوزير السابق حسب الله الكفراوى: هل كنت تدرى أن الساحل الذى افتتحت البناء فيه سوف يصل إلى هذا الحال؟ هل كان لديك خطة واضحة لسنوات تالية ما الشكل النهائى للساحل الشمالى؟ كما لا يفوتنى أن أسال رئيس الحكومة إبراهيم محلب نفس الأسئلة، وأزيد: هل طلبت تقريرا يصف ملامح هذا الشريط الرائع التركوازى، وجلست تحلم له بالأفضل؟ هل من حق كل شركة أن تفصل من البحر الملامح التى تناسب مصالحها دون المصلحة العامة والشكل العام؟

أعود إلى مارينا التى يعلن إهمالها الواضح أنها فى الطريق لتصبح استثمارا للدولة فى غير محله، تعديات من مواطنين تركت لمن يدفع أو لمن له ظهر أو واسطة، وعدم وجود أفكار لامعة لإحياء 14 كيلومترا من الماء الدافئ على الامتداد، أما عن كم الحدائق التى انتحرت حزنا.. فحدث وقلبك مستريح!

ثم.. بسرعة مذهلة يتم بيع النصف الثانى من الساحل، دون أن يكون له عمق يجعل لهذا البيع مكانا يسمح بنمو سكنى يجعل المنطقة سياحية فى المستقبل، سياحية بالعملة الصعبة لا بالعملة المحلية.

هناك شباب كثير يملك أفكارا وأحلاما لتحويل الساحل الشمالى إلى تعمير سياحى منظم، لا تعمير سكنى عشوائى. لكن (سماسرة ومقاولى) العقارات لا يهمهم سوى أن يحصلوا على قطعة أرض تطل على الساحل، مع صناعة خريطة للموقع وتكاليف حملة فى الجرائد (أرقام لا تزيد عادة عن 20 مليون جنيه) يبدأ حجز وحدات جديدة على البحر، وترى البحر، وتشم البحر، وفى ظهر البحر، ويتضاعف رقم الحساب فى بنوكها، أما القيمة للمكان، وأما ما سوف يكون عليه بعد البناء وغياب الصيانة، أما بعد أن يتحول إلى موضة لبعض الوقت، أما وقد تحول إلى شقق للإيجار المفروش، ثم لا شىء بعد ذلك.

أود أن أوقظ السادة(رئيس الحكومة، وزير الإسكان، محافظ الإسكندرية، ومحافظ مطروح) إلى أنه بحلول 2020 سوف ينتهى الساحل الشمالى كمكان كان جميلا مطلا على أحلى مشهد، ينتظر منه دخل قومى من سياح أوروبا الذين يعتبرون دفء شواطئ الساحل شتاء فى دفء شواطئهم فى الصيف.

بالأرقام أخيرا: يمكن أن يستوعب الساحل الشمالى إذا تحول إلى سياحة طوال العام حوالى 400 ألف وظيفة، أن يستقبل مليون سائح على الأقل، أن يزيد من إنتاج المصانع الغذائية القريبة من الإسكندرية إلى ضعف إنتاجها، أن يعوض التجارة المفقودة بسبب التوتر الموجود فى ليبيا، أن ينقذ ثروة عقارية تساوى أكثر من 300 مليار جنيه، أن يعيد تخطيط المائة وخمسين كيلومترا المتبقية وإنقاذها، أن يتم فى العمق زراعة قمح فى أرض خصبة تروى على الأمطار والآبار، بما يساوى ضعف ما يتم زراعته فى مصر كلها.

على سبيل المثال، لكن من يبدأ؟ ويهتم؟ ويؤمن أن الساحل مشروع وطنى مهم، وليس مجرد مصيف شهرين يضم الأثرياء بجنون والبسطاء بحزن.

مصر حلوة.. لكن هل نراها؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية