التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، نظيره السنغافورى، تونى تان، فى مقر القصر الجمهورى بسنغافورة، بعد إقامة مراسم الاستقبال الرسمى للسيسى واستعراض حرس الشرف وعزف السلام الوطنى للبلدين.
وقال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن تان رحب بالرئيس الذى تعد زيارته الأولى لرئيس مصرى، وهى بمثابة انطلاقة كبيرة للعلاقات بين البلدين.
وأعرب الرئيس عن شكره وتقديره لنظيره السنغافورى على حفاوة الاستقبال والأجواء الإيجابية التى تسود الزيارة، مشيداً بالتطور والتقدم الذى تحرزه سنغافورة متمنياً لشعبها مزيداً من الرخاء، وأشاد الرئيس بالمواقف السنغافورية الداعمة لإرادة الشعب المصرى وخياراته الحرة، وكذلك بالمشاركة الفاعلة لسنغافورة فى مؤتمر شرم الشيخ وافتتاح قناة السويس الجديدة.
أشار الرئيس إلى تطلع مصر للاستفادة من الخبرة السنغافورية فى عدد من المجالات، ومن بينها تحلية ومعالجة المياه وتطوير الموانئ، حيث ستشهد المرحلة المقبلة المشروعات التنموية التى ستنفذها مصر، ومن بينها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، الذى يضم إنشاء عدد من المناطق الصناعية فى البحر الأحمر ومنطقتى العين السخنة وشرق بورسعيد.
ورحب الرئيس بالاستثمارات السنغافورية فى مختلف المشروعات المطروحة، حيث استعرض الإجراءات والتشريعات التى اتخذتها وأصدرتها مصر مؤخراً من أجل جذب الاستثمارات وتهيئة المناخ المناسب لذلك.
وأكد أهمية قيمة التعايش السلمى وضرورة التصدى بقوة وفاعلية للإرهاب، لأن أعمال العنف أبعد ما تكون عن قيم الإسلام السمحة، وأكد استعداد مصر للتعاون مع سنغافورة فى مجال تدريب وتأهيل الأئمة وعلماء الدين من خلال الأزهر ليتمكنوا من توجيه الشباب نحو الاتجاه السليم.
ووجه الرئيس الدعوة لنظيره السنغافورى لزيارة مصر، وهو ما رحب به الأخير معرباً عن تطلعه لإتمام الزيارة للتعرف عن قرب على التجربة المصرية والاطلاع على التقدم الذى حققته مصر خلال العام الأخير، خصوصاً على الصعيد الاقتصادى.
وأشار الرئيس السنغافورى إلى أن زيارة السيسى تتزامن مع احتفالات البلاد باليوبيل الذهبى لتأسيسها، حيث كانت مصر من أوائل الدول التى اعترفت بها وساعدتها على الانضمام لحركة عدم الانحياز، منبهاً إلى أن السفارة السنغافورية بالقاهرة أقدم بعثة دبلوماسية لسنغافورة على مستوى العالم.
وأعرب «تان» عن تطلع بلاده للعمل والاستثمار فى مصر، منوها إلى أن لقاء الرئيس السيسى مع رجال الأعمال السنغافوريين يُعد فرصة مناسبة للتعريف بالإجراءات التى اتخذتها مصر لجذب مزيد من الاستثمارات، مشيرا إلى خبرة بلاده فى مجال إنشاء وإدارة الموانئ، وتحلية ومعالجة المياه.
وأشاد الرئيس السنغافورى بمشروع قناة السويس الجديدة وإنجازه فى زمن قياسى، مشيراً إلى أنها تُعد بحق هدية مصر إلى العالم نظراً لدورها المحورى فى تيسير حركة الملاحة الدولية.
وعلى صعيد التعاون فى مجال التعليم، أشاد تان أيضاً بالدور المحورى الذى يقوم به الأزهر فى تعليم الطلبة السنغافوريين، حيث يدرس به حالياً حوالى 300 طالب مثنياً على دور خريجى الأزهر السنغافوريين، وفى مقدمتهم مفتى سنغافورة، ما يساهم بفاعلية فى مكافحة الفكر المتطرف.
ولفت الرئيس السنغافورى إلى توافقه مع رؤية الرئيس السيسى بشأن مكافحة الإرهاب وأهمية التعايش السلمى منوهاً بأن بلاده تستوعب العديد من الديانات والثقافات وتحرص على التعاون وتحقيق التوافق المجتمعى، مشيراً فى هذا الشأن إلى أهمية الدور الذى يقوم به مركز الوئام الدينى الذى زاره السيسى.
وقال: «مكافحة الإرهاب يجب أن تتم من خلال استراتيجية شاملة لا تقتصر على الجوانب الأمنية فقط، ولكن تمتد لتشمل أيضاً الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية وإعادة تأهيل المجتمع ليغدو أكثر تسامحاً»، مؤكداً أهمية تعزيز التعاون والتواصل بين المؤسسات السنغافورية ونظيراتها المصرية فى مختلف المجالات.
واجتمع الرئيس السيسى بمقر القصر الجمهورى أيضاً مع رئيس الوزراء السنغافورى، لى هزين لونج، حيث أشاد بحكمة الزعيم التاريخى لسنغافورة لى كوان يو، والد رئيس الوزراء الحالى، ودوره واهتمامه بالتصنيع كعنصر ضرورى لعملية التنمية الشاملة، فضلاً عن حرصه على عدم الاعتماد على المُساعدات الخارجية وتأكيده على الاستثمارات الوطنية.
رحب رئيس الوزراء السنغافورى بالرئيس السيسى، معرباً عن عميق امتنانه لإشادة الرئيس بوالده، ومنوهاً باعتزاز بلاده بالدور التاريخى الذى قامت به مصر للاعتراف باستقلال سنغافورة وبعلاقات الصداقة الوطيدة التى جمعت بين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ولى كوان يو.
وأكد الرئيس تطلعه لترجمة العلاقات التاريخية بين البلدين إلى خطوات عملية جادة للتعاون والعمل المشترك فى عدد من المجالات ذات الأهمية الحيوية، مثل التعليم العام والفنى.
وأشار رئيس وزراء سنغافورة إلى توافق البلدين فى الرؤى سواء إزاء سبل إدارة العلاقات الثنائية أو فيما يتعلق بالقضايا الدوية ذات الاهتمام المشترك، مؤكداً دعم وتأييد بلاده لحصول مصر على العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن لعامى 2016/2017.
ونوّه لونج إلى أهمية الاستثمار فى الكوادر البشرية عبر التعليم والتدريب الجيد، مستعرضاً تجربة بلاده فى هذا الصدد، ومشيراً إلى معهد التدريب الفنى فى سنغافورة ودوره فى تخريج العمالة الماهرة، وأشار الرئيس إلى أنه فى إطار فعاليات زيارته إلى سنغافورة سيقوم المسؤولون المصريون المعنيون بزيارة المعهد للتعرف على الخبرة السنغافورية.
وكان الرئيس استهل يومه الثانى بسنغافورة بزيارةٍ إلى حديقة النباتات التى تقع على مساحة 74 هكتاراً وتُصنَف كثالث حديقة للنباتات على مستوى العالم، حيث تم إجراء مراسم تسمية إحدى زهور الأوركيد باِسم السيسى وهو تقليد تتبعه سنغافورة، حيث تقوم بتسمية زهور الأوركيد بأسماء رؤساء الدول وكبار الشخصيات الدولية الزائرة.
وأعرب الرئيس عن خالص تقديره وامتنانه لهذه اللفتة الكريمة مشيداً بهذا التقليد الحضارى الذى يدلل على رقى سنغافورة وشعبها ويأتى متسقاً مع اهتمامها بالبيئة، وتم إهداء الرئيس كُتَيباً عن حديقة النباتات احتفالاً بمرور 150 عاماً على إنشائها.