x

عبد الناصر سلامة إحنا بتوع السيسى عبد الناصر سلامة الأحد 30-08-2015 21:31


من الاتحاد القومى، إلى الاتحاد الاشتراكى، إلى حزب مصر، إلى الحزب الوطنى، كان المصريون، إلا قليلاً، منذ ما بعد ١٩٥٢، على موعد مع النظام، إحنا بتوع النظام الحاكم أياً كان هو، نترشح على قوائمه، نصفق لقادته، لا يهم إن كان هذا النظام حلواً أو مُرّاً، جمال عبدالناصر، أو أنور السادات، أو حسنى مبارك، ليس ذلك هو المهم، المهم أن نضع قدماً فى المجالس النيابية، أو فى المجالس المحلية، وقد تكون فى العُمُدية، أو حتى لأبنائنا فى الكليات العسكرية، الطريق إلى أىٍّ من ذلك يبدأ دائماً بالارتباط بالنظام.

نحن نتحدث عن مجموعات مُهيمنة على توجيه الرأى العام، خصوصاً فى الأقاليم، لا يعنيها بالضرورة من الذى يحكم مصر، ولا طبيعة نظام الحكم، هم يخضعون فى معظم الوقت لتعليمات أمنية، هم الآن فى حيرة من أمرهم، التعليمات لم تصدر حتى الآن، لا يوجد حزب خاص بالرئيس، بالتأكيد سوف تكون هناك تعليمات، هكذا يرددون، بالتأكيد سوف تكون هناك أحزاب مُقرَّبة من الرئيس، هناك الآن أحزاب كثيرة يقودها قيادات سابقة بالقوات المسلحة، قد تكون هذه، هناك أخرى أكثر قرباً للحزب الوطنى السابق، قد تكون هى، هل هو حزب الفريق أحمد شفيق؟ هو أمر مستبعد، إذا كان الفريق نفسه لم يستطع العودة إلى أرض الوطن، هل هو حزب اللواء فلان أو علان؟ الأمور ليست واضحة.

دخلتْ على الخط أحزاب رجال الأعمال، يغدقون أموالاً طائلة، ندعوك للترشح معنا، لن تتحمل أى نفقات، الأكثر أنك سوف تتربح من هذه الانتخابات، فى المقابل هناك شيكات وتعهدات سوف توقِّع عليها لضمان الطاعة والولاء. شكوك كثيرة تدور فى أذهان البعض، هل سيُسمح لهذه الأحزاب بالهيمنة على البرلمان، بالتأكيد لا، ذلك يتعارض أساساً مع ما يشاع من أن البرلمان القادم سوف يكون منزوع المعارضة، هؤلاء لهم أطماع فى الاستحواذ، ربما فى تشكيل الحكومة، ربما فيما هو أكثر من ذلك مستقبلاً، الانقسام بدا واضحاً بين أعضاء الحزب الوطنى السابق، مجموعات ذهبت هنا، وأخرى راحت هناك، وثالثة ترى الأمل فى المهندس أحمد عز، للم الشمل.

فى أحد الاجتماعات المخصصة لهذا الغرض، صاح أحدهم قائلاً: يا جماعة، لنكن واقعيين، إحنا دلوقتى بتوع السيسى، قد لا يكون راضياً عن أحمد عز، رد الآخر: كيف ذلك؟! أحمد عز كان أحد رعاة حفل افتتاح قناة السويس، رد ثالث: وماذا إذا اتفق الرئيس مع ساويرس فى النهاية؟ جاء الرد هذه المرة من ذلك القابع بعيداً: إحنا بتوع السيسى، ليس مهماً مع من سوف يتفق، حتى لو اتفق مع أى حزب كان، يا جماعة من الآخر إحنا بتوع النظام، وأمن الدولة سوف يدلنا فى النهاية على الحزب الذى سوف نقف معه، رد أحدهم: يا أخى اسمه الأمن الوطنى دلوقتى، رد عليه مسرعاً: لكن هُم فى نفس مبنى أمن الدولة، نعم ونفس الأشخاص، طب ليه غيّروا اسمه؟ ليس هذا موضوعنا، دعونا نحسم الأمر.

المهم أن هذه هى نوعية النخبة التى تهيمن، وتسيطر، وتوجه الرأى العام فى التصويت لمَنْ وضد مَنْ، وفى التصويت بنعم دائماً وأبداً فى أى استفتاء، لنا أن نتخيل كيف يفكرون، نحن بتوع الرئيس أياً كان هو، أجدادهم خرجوا يهتفون: لا تتنحَّ، فى مسرحية جمال عبدالناصر الهزلية، فيما بعد هزيمة ١٩٦٧، وآباؤهم خرجوا يهتفون للرئيس السادات تأييداً لحملة اعتقالات ٥ سبتمبر ١٩٨١، وهم أنفسهم الذين خرجوا يؤيدون الاستفتاء بنعم لتعديل الدستور، كى يستمر الرئيس مبارك فى الحكم مدى الحياة، وها هم يوَرّثون أبناءهم السياسة، على طريقتهم الخاصة، إحنا بتوع السيسى.

توقفتُ أمام هذه الحالة المصرية، وأنا أشاهد قبل أيام فيديو للرئيس الكورى الشمالى، الذى لا أذكُر اسمه، ولا أريد، والناس يتزاحمون ويتشاجرون من أجل الوصول إليه لرؤيته، وتلاميذ المدارس يبكون بحُرقة بالغة، وكأنهم يرون ملَكاً مُنزلاً من السماء، بل وصلت الأمور إلى القفز فى الماء، من مدنيين وعسكريين لتحيته، وهو يستقل سفينة أبحرت به وسط هذا الهلع غير المسبوق، لمجرد رؤية زعيم الأمة، ومن هو زعيم الأمة هذا؟ وكيف وصل إلى سدة الحكم؟ وكيف هى حال الديمقراطية وحقوق الإنسان هناك، والحالة الاقتصادية والاجتماعية التى يعيشها المواطن، وترتيب هذه الدولة بين دول العالم فى هذا الشأن أو ذاك، والفرق بين مستوى دخل المواطن هناك مع نظيره فى الشطر الجنوبى؟ جميعها أمور تجعلنا نتحسر على أحوال ذلك الشعب، الذى قد نحتاج فى فهم موقفه هذا إلى دراسات مستفيضة.

إلا أن السؤال المهم هو: هل هناك جينات ما تجمع بيننا كمصريين وبين هذا الشعب فى أقصى الأرض؟ أعتقد أن هذا الأمر هو الآخر فى حاجة إلى دراسة، بعد أن بدا واضحاً أن إفساد الحياة السياسية يبدأ وينتهى من الشعب، سواء كان ذلك فى مصر، أو فى كوريا الشمالية، ولكن هل يعنى ذلك أن القيادة السياسية فى الحالتين مجنى عليها، أى أنها دائماً وأبداً ضحية لغباء شعوبها، وليس العكس، وأن هذا هو أقصر الطرق لصناعة ديكتاتور؟ هو سؤال للمناقشة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية