كشفت تحقيقات النيابة العامة، في الهجوم الإرهابي الذي استهدف معبد الكرنك بالأقصر يونيو الماضي، أن تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي، كلف المتهمين باستهداف معبد الكرنك ومرتاديه من السائحين الأجانب، بتنفيذ عملية عدائية به باستخدام أسلحة نارية آلية، و6 قنابل هجومية تستخدم في المعارك الحربية، وقذيفتي هاون و(آر بي جي)، بغية الإضرار بالسياحة داخل مصر والتأثير على اقتصادها القومي، وإشاعة الرعب بين المواطنين وإسقاط الدولة المصرية.
وتبين من التحقيقات، التي باشرها فريق من محققي نيابة أمن الدولة العليا، برئاسة ياسر زيتون رئيس النيابة، وإشراف المستشار الدكتور تامر فرجاني، المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، أن القضية تضم 12 متهما، إلى جانب عنصرين أجنبيين (أحدهما تونسي والآخر سوداني الجنسية) شرعا في تفجير نفسيهما داخل معبد الكرنك، غير أنه تم اعتراضهما والتصدي لهما وتصفيتهما بمعرفة قوات الأمن وإفشال مخططهما.
وتضمنت التحقيقات اعترافات للمتهمين باعتناقهم الأفكار التكفيرية لتنظيم داعش الإرهابي، وتأييدهم لأعمال التنظيم وفروعه بالعراق وسوريا وليبيا، والتواصل مع القيادات والعناصر الإرهابية شديدة الخطورة من تنظيم أنصار بيت المقدس، الذين يضطلعون بأعمال إرهابية في سيناء، وتلقي التكليفات منهم بتنفيذ عمليات إرهابية.
وجاء بتحريات جهاز الأمن الوطني بوزارة الداخلية، أن كوادر تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي، تمكنت من استقطاب عناصر جديدة للتنظيم وفكره القائم على تكفير الحاكم ووجوب الخروج عليه، تحت زعم عدم تطبيق الشريعة الإسلامية، وتكفير رجال القوات المسلحة والشرطة واستباحة دمائهم ودماء المواطنين المسيحيين واستحلال ممتلكاتهم واستهداف دور عبادتهم.
وأضافت التحريات أن المتهم قيادي التنظيم أشرف على حسانين الغرابلي، أصدر تكليفا إلى عضو التنظيم المتهم طارق عبدالستار على (هارب)، بتأسيس وتولي مسؤولية خلية إرهابية تعمل بشكل عنقودي، تهدف إلى تنفيذ أعمال عدائية ضد رجال القوات المسلحة والشرطة واستهداف منشآتهما العامة والسياحية، وترويع المواطنين وتعطيل العمل بالدستور وزعزعة الأمن والاستقرار بالبلاد وإشاعة الفوضى والتأثير على مقوماتها الاقتصادية والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي بغرض إسقاط الدولة.
وأوضحت التحريات أن المتهم القيادي أشرف على، كلف المتهم الهارب حسن سمير حسين بسيوني، من ذوي الخبرة في مجال تصنيع العبوات المتفجرة، بإعداد دورة لعناصر تلك الخلية في مجال تصنيع العبوات الناسفة، وكيفية رصد المنشآت الهامة تمهيدا لاستهدافها، واستخدام أسماء حركية وخطوط هواتف محمولة مغلقة لتجنب الرصد الأمني.
وأكدت التحريات تكليف المتهم أشرف على، المتهم طارق عبدالستار، بتنفيذ بعض العمليات العدائية ضد قوات الجيش والشرطة والتخطيط لاستهداف معبدالكرنك والأجانب المترددين عليه، بغية الإضرار بالسياحة في مصر والتأثير على الاقتصاد القومي وإشاعة الرعب بين المواطنين بهدف إسقاط الدولة، مشيرة إلى أنه تم تكليف عنصرين انتحاريين أجنبيي الجنسية لمعاونة عناصر الخلية في استهداف معبد الكرنك بالأقصر.
وذكرت التحريات أن المتهم طارق عبدالستار، اضطلع بقيادة تلك الخلية، التي ضمت حسين بركات حسين مبروك (هارب)، وشعبان رجب رمضان رزق، وعاشور شعبان عبدالحميد جمعة، ومحمد سيد قرني محمد، وعلي جمال أحمد على، وآخرين، وأن قائد الخلية أعد برنامجا لتدريب عناصر الخلية، تمهيدا لتنفيذ أعمال عدائية ضد مؤسسات الدولة تتضمن عقد عدة لقاءات تنظيمية لهم بمحال إقامتهم لتجنب الرصد الأمني، تدارسوا خلالها أفكارهم التكفيرية والجهادية المتطرفة المعادية لمؤسسات الدولة، وأمدهم قائد الخلية بمطبوعات داعمة لتلك الأفكار، وكلفهم بالدعوة لتلك الأفكار في أوساط من يخالطونهم.
وأشارت التحريات إلى أن المتهم على جمال أحمد على، تمكن من استقطاب المتهمين عبدالله عبدالرحمن عبدالعزيز إبراهيم، وحمدي فاروق تمام عبدالمطلب، وخالد محمد على مكاوي وآخرين، والذي نفذوا عددا من العمليات الإرهابية ضد المنشآت العامة والشرطية، ومنها إلقاء عبوة ناسفة على نقطة شرطة الغمراوي ببني سويف، وزرع عبوة متفجرة بطريق بني سويف، لاستهداف إحدى الدوريات الأمنية، غير أن عطلا بها حال دون تفجيرها.
وأضافت التحريات أن المتهمين طارق عبدالستار وحسين بركات وعلي جمال أحمد، اصطحبوا العنصرين الأجنبيين، وكلف المتهم على جمال عضو الخلية خالد محمد على محمد مكاوي بنقلهما، والمتهم حسين بركات بإحدى السيارات إلى محطة سكة حديد بني سويف، لاستقلال إحدى القطارات المتجهة لمحافظة الأقصر، في حين استقل عضوا الخلية المتهمان على جمال ومحمد سيد قرني محمد، دراجة بخارية بدون لوحات معدنية أمام السيارة لتأمين الركب من أي لجان تفتيش، وتوجه المتهمان حسين بركات وعلي جمال والعنصران الانتحاريان إلى معبدالكرنك لتنفيذ ذلك المخطط العدائي، باستخدام أسلحة نارية ومتفجرات، حيث ضبط بحوزتهم سلاحان آليان ناريان و797 طلقة نارية آلية، و6 قنابل هجومية تستخدم في الحروب وقذيفتي هاون و(آر بي جي) غير أن الخدمات الأمنية المعينة لتأمين معبد الكرنك، استوقفت تلك العناصر وتعاملت معها عقب اشتباه سائق تاكسي فيهم وإبلاغ رجال الشرطة عنهم.
وأقر المتهم على جمال أحمد، بتحقيقات النيابة، بانضمامه لتنظيم داعش الإرهابي، مضيفا أنه في إطار قناعته بتلك الأفكار انضم لجماعة أنصار بيت المقدس، التي أعلنت مبايعتها للتنظيم، وتواصل مع المدعو حركيا أبوعمر البغدادي، مسؤول التنظيم ببني سويف الذي دعاه للانضمام إليه.
وأضاف المتهم في اعترافاته، أنه عقد مع المدعو حركيا «توفيق»، عدة لقاءات تنظيمية، تدارسا خلالها أفكار وتوجيهات الجماعة ووسائلها في تنفيذ أغراضها، وعقب ذلك تم عقد لقاء تنظيمي مع المدعو توفيق والمتهمين الحركيين «فكري» و«شادي»، وهما الانتحاريان الأجنبيان، حيث كلفهما توفيق خلال اللقاء باستهداف معبد الكرنك وقوات الشرطة القائمة على تأمينه والسائحين الأجانب المترددين عليه.
وأوضح المتهم أنه رصد المعبد وقوات الشرطة المرابطة لتأمينه وتوافد السائحين الأجانب عليه، والتقط صورا فوتوغرافية لذلك، ثم نقل المتهمين الأجنبيين وحقائبهما المحملة بالعبوات المتفجرة، لاستقلال أحد القطارات المتجهة إلى الأقصر، وتوجه هو وتوفيق بسيارة الأخير إلى مدينة الأقصر، وفور وصولهما المحافظة عقد لقاء مع المتهمين الأجانب على أحد المقاهي المحيطة بمعبد الكرنك، وكلفهم فيه باستهداف أماكن تجمع السائحين باستخدام العبوات الناسفة والأسلحة النارية حوزتهم، غير أنه وعلى اثر اعتراضهم من رجال الشرطة المعينين بالخدمة لتأمين المعبد، شرع بالفرار محاولا الهرب واضطلع أحد رفيقيه بتفجير نفسه باستخدام عبوة ناسفة زرعها بين قدميه، في حين قام الآخر بإطلاق الأعيرة النارية عليه وعلى رجال الشرطة والسائحين، لقتله معهم خوفا من إفشاء أسرار الخلية، فبادلته الشرطة بإطلاق الأعيرة النارية، ما أدى إلى مصرعه.
وأقر المتهم شعبان رجب رمضان رزق، بالتحقيقات، بانضمامه لتلك الجماعة الجهادية، موضحا أنه عقب ثورة 30 يونيو، أسس المتهم طارق عبدالستار على إمام، تلك الجماعة الجهادية وتعتنق الفكر التكفيري القائم على تكفير الحاكم واستخدام العنف المسلح ضد قوات الجيش والشرطة، وأن الجماعة ضمت المتهمين حسين بركات حسين وعاشور شعبان عبدالحميد وعلي جمال أحمد، وأن المتهم طارق عبدالستار اضطلع بعقد لقاءات تنظيمية للجماعة بمنزله بقرية معصرة، أعد خلالها عناصر الجماعة فكريا وعسكريا، وأعطاهم دورات في كيفية صناعة المتفجرات بمعرفة المتهم حسن سمير حسين، فضلا عن قيام طارق بتدريبهم على حمل الأسلحة النارية واستخدامها بالإضافة إلى تمويله للجماعة.
وأضاف أنه تنفيذا لتكليفات طارق عبدالستار، تم استهداف نقطة شرطة الغمراوي بعبوة ناسفة، حيث رصد المتهمان طارق وعاشور شعبان الموقع لتأمينه من أية تحركات لقوات الشرطة أثناء التنفيذ، في حين أعطى المتهم على جمال إشارة البدء في التنفيذ، بينما تولى هو والمتهم حسين بركات إشعال فتيل العبوة الناسفة وألقى بها على نقطة الشرطة، غير أنها لم تنفجر لحدوث خطأ في التشغيل، مشيرا إلى أن المتهم طارق عبدالستار كلفهم أيضا بزرع عبوة متفجرة بطريق بني سويف الإبراهيمية لاستهداف دورية للشرطة حال سيرها عليه، فتولى هو والمتهمان على جمال وحسين بركات، زرع العبوة بجانب الطريق إلا أن نفاذ شحن الهاتف المحمول الموصل بها حال دون انفجارها.
وأشار المتهم شعبان رجب إلى أن المتهم حسين بركات، اتصل به في اليوم السابق على استهداف معبدالكرنك، لمقابلة المتهم طارق عبدالستار على طريق الفيوم الدائري، والذي كان برفقته شخصين أجنبيي الجنسية، أحدهما سوداني والآخر تونسي، واستقل هو والمتهم طارق دراجة بخارية مملوكة للأخير لتأمين خط السير أمام السيارة التي استقلها الشخصان الأجنبيان، حتى وصولهم إلى منزل طارق عبدالستار بقرية معصرة نعسان، وأوضح أن المتهم على جمال والشخصين الأجنبيين تولوا التنفيذ وتولى المتهم حسين بركات مبروك رصد المعبدحال التنفيذ.
من جانبه، اعترف المتهم عاشور شعبان عبدالحميد، بانضمامه لتلك الجماعة بعد إقناعه من المتهم طارق عبدالستار، وبمشاركته في واقعة إلقاء عبوة متفجرة على نقطة شرطة الغمراوي وزرع عبوة أخرى بطريق بني سويف، كما أدلى بواقعة كيفية استهداف معبدالكرنك بمساعدة العنصرين الأجنبيين، حيث كانا يستهدفان تفجير نفسيهما داخل ساحة معبدالكرنك غير أن تعامل قوات الشرطة معهم حال دون ذلك.
وأقر المتهم حسن سمير حسن، أن المتهم طارق عبدالستار أخبره أنه على اتصال بمن أسماهم (مجاهدي تنظيم أنصار بيت المقدس) الذين كلفوه باستهداف معبدالكرنك ومرتاديه من السائحين الأجانب بعملية عدائية، وأنه في سبيل ذلك أرسلوا عنصرين أجنبيين للتنفيذ، وأن طارق عبدالستار كلف أحد الأشخاص برصد المكان إيذانا بالتنفيذ.
وقال المتهم محمد سيد قرني، إن المتهم طارق عبدالستار أفصح لأعضاء التنظيم عن رغبته في السفر والالتحاق بـ«حقل الجهاد السوري» والانضمام لصفوف تنظيم داعش، مشيرا إلى أن المتهم طارق تمكن من الهرب عقب ارتكاب الواقعة خشية من ضبطه.
وذكر المتهم حمدي فاروق تمام، أن المتهمين على جمال وطارق عبدالستار اضطلعا بدعوته للانضمام للجماعة التي قاما على قيادتها، ومحاولتهما إقناعه بالفكر الجهادي، وباضطلاع الأخيرين للسفر إلى ليبيا وسوريا للالتحاق بصفوف تنظيم داعش، مشيرا إلى أن المتهم خالد محمود على أطلعه على فيديو يحوي تجربة تصنيع وإطلاق صاروخ موجه صغير الحجم.
كما اعترف المتهم عبدالله عبدالرحمن عبدالعزيز إبراهيم، بأن المتهم على جمال، اصطحبه معه لمحافظة الأقصر منتصف أبريل الماضي، عبر محطة قطارات بني سويف لزيارة معبدالكرنك في رحلة سياحية، وأنه التقط خلالها مجموعة من الصور الفوتوغرافية للمعبد، في إطار الإعداد لتنفيذ العملية الإرهابية.
وأقر المتهم خالد مكاوي بتصفحه صفحات الإنترنت التي تحتوي على فيديوهات خاصة بتصنيع الصواريخ والمواد المفرقعة، وانه عقب ذلك قام بتصنيع صاروخ موجه صغير الحجم، اطلع المتهم حمدي فاروق على تجربة إطلاقه، فدعاه لتطبيقها عقب الالتحاق بحقل الجهاد السوري.