تعثر جديد لبطل الدوري ومزيد من الأخطاء للبرتغالي جوزيه مورينيو كانت كفيلة بصناعة الإثارة في تلك الجولة من المسابقة الإنجليزية، فنجح كريستال بالاس بمدربه الرائع آلان باردو في تلقين البلوز درسًا بطريقتهم، وكأن المدرب الإنجليزي المخضرم يأبى إلا أن يمنح مورينيو نفس الدرس مجددًا بعد تفوقه عليه مع نيوكاسل الموسم المنصرم.
وواصل تشيلسي، حامل اللقب، مسيرته المحبطة وسقط أمام ضيفه كريستال بالاس بهدفين مقابل هدف.
وتعرض تشيلسي لهزيمته الثانية، خلال أربع مباريات، مقابل تعادل وفوز وحيد ليتجمد رصيده عند أربع نقاط في المركز الثالث عشر ورفع كريستال رصيده إلى 9 نقاط ليقفز إلى المركز الثاني.
بدأ مورينيو المباراة بنفس تشكيل المباراة السابقة بإستثناء إنضمام كاهيل للأساسيين إثر إيقاف تيري بعد طرده أمام ويست بروم، بدا لاعبي البلوز أكثر إنضباطًا وإلتزامًا بمواقعهم خاصة في الخط الأمامي، عكس السيولة التي ميزت أداءهم في المباراة السابقة.
كيف بدأ مورينيو
ورغم بداية المباراة المملة إلا أن أخطاء مورينيو المتكررة جعلتها أكثر سخونة مع مرور الوقت، فالبرتغالي أشرك فابريجاس كإرتكاز مساند للمرة الثالثة على التوالي رغم كل ما سببه له من متاعب في التغطية الدفاعية سابقًا، وهي مشكلة شبيهة بمشكلة وسط ملعب أرسنال بإشتراك كازورلا في نفس المركز، ثم تكفل أداء الصربي إيفانوفيتش والبرازيلي ويليان السييء بالقضاء على ما تبقى.
قابل باردو مورينيو بستار حديدي كونه الثلاثي ماك آرثر، كاباي والدينامو بونشيون الذي لم يكن في أفضل حالاته رغم ذلك ساهم في تفوق وسط ملعب البالاس على البلوز بشكل جيد، بدا باردو أكثر إستعدادًا لإستغلال نقاط ضعف الأزرق اللندني، فمنح تعليماته لقلب الدفاع الأيرلندي ديليني باللعب بخشونة على كوستا، ما أتى بثماره المتوقعة وأخرج المهاجم الأسباني من القاء، فتفرغ للإعتراض أول نصف ساعة، ليكبد مورينيو أولى خسائره.
وبأداء هو الأسوأ في المباراة، تكفل ويليان بالقضاء على خطورة البلوز حتى الدقيقة 19، عندما إخترق كوستا من جهة اليمين ليلتقطها بيدرو الذي سدد بيسراه بجوار القائم، إستمر صمود البالاس لنصف ساعة حتى أتتهم أخطر فرصة في الشوط الأول عن طريق بونشيون الذي نجح في تفريغ منطقة جزاء البلوز من المدافعين بمراوغة رائعة أعقبها بتمريرة بينية لكاباي القادم من الخلف الذي فشل في تحويلها داخل مرمى كورتوا من إنفراد كامل.
شهدت نهاية الشوط الأول نشاطًا نسبيًا للبلوز، فصنعوا أول فرصة خطيرة في الدقيقة 40 بتمريرة رائعة من أزبليكويتا لكوستا فشل في إستغلالها أمام المرمى مباشرةً، أعقبها بدقيقتين أخطر فرص تشيلسي في الشوط الأول بكرة تناوب على تسديدها كل من كوستا وبيدرو وفابريجاس، قابلها إستبسال مدافعي البالاس وحارسهم ماكارثي، وإكتشف مورينيو أن بيدرو لن يستطيع تكرار أداءه أمام البروم نظرًا لضيق المساحات، بغض النظر عن غياب هازارد التام عن كامل المباراة منذ بدايتها لنهايتها، مقابل تألق غير عادي لنجم المباراة بكاري ساكو جناح البالاس الأعسر الأكثر محاولة على المرمى في الشوط الأول.
كان كل شيء مقبولًا للبلوز حتى بداية الشوط الثاني، بدأت الإثارة في الدقيقة 51 بما بدا وكأنه تدخل مثير للجدل من ديليني على كوستا داخل المنطقة، ثم بدأ يعلو نسق البالاس في منتصف الملعب بعد أن منحهم لاعبو تشيلسي دفعة معنوية بفشلهم في التسجيل، قرار مورينيو بإشراك فابريجاس بجوار ماتيتش شلّ جهود البلوز دفاعًا وهجومًا، فحرمهم من جهود راميريس أوميكيل الدفاعية وكان أحدهم الأجدر بمجاورة ماتيتش بل والتأخر عنه أيضًا ليتكفل الصربي لبداية الهجمة، كذلك عجز فابريجاس عن تقديم المساندة بتمريراته الذكية في نصف ملعب البالاس، مكبلًا بواجبات دفاعية لم يعد قادرًا على تأديتها لأنه لم يعتدها منذ زمن كبير.
كانت عرضية ساكو التي أخطأها ويكام أمام المرمى الخالي تقريبًا، إيذانًا ببدء تسلم باردو السيطرة من مورينيو في الدقيقة 53، إستغل الإنجليزي الذكي مخاطرة مدرب البلوز وأشرك بولاسي الخطير بدلًا من شبح زاها الذي لم يشكل أي خطورة طيلة الشوط الأول، ليجري تبديلًا مضاعفًا بإنتقال ساكو المتألق جهة اليمين لمنع أزبليكويتا من التقدم، بينما أخذ بولاسي مكانه على الجهة اليسرى ليستغل طاقته في الإجهاز على إيفانوفيتش تمامًا، الحلقة الأضعف في سلسلة دفاع البلوز.
إنتفض كوستا الذي فضل الإبتعاد عن ديليني والهبوط لمنتصف الملعب ثم الإنطلاق تجاه المرمى لوضعه في موقف أضعف، نجح في المرور والإختراق قبل أن يلتقط بيدرو كرته ويسددها فيشتتها الدفاع، تلك الإنتفاضة لم تمنع بولاسي من إستغلال بطء دفاع البلوز وتمرير عرضية إلتقطها ساكو على مرتين وأودعها المرمى بسهولة ليسجل الهدف الأول لفريقه في الدقيقة 65، مضيفًا المزيد من المتاعب لفريق مورينيو.
الثغرة التي أتى منها هدفي البالاس - ضعف تغطية فابريجاس الدفاعية بالإضافة لأداء إيفانوفيتش الكارثي
في الدقيقة التالية بدأت المباراة التكتيكية بين الثنائي المخضرم، فأشرك مورينيو فالكاو بدلًا من ويليان الذي كان عبئًا على وسط تشيلسي وهجومه، لتتحول خطة البلوز لـ4-4-2 بتقدم فابريجاس أخيرًا وخط هجوم ثنائي، وكان ذلك إعلانًا ضمنيًا بنجاح باردو في إخراج مورينيو من منطقته المفضلة وإجباره على التخلي عن مزيد من المدافعين لتوفير مساحات إضافية لبولاسي وساكو للتحرك وخلق المشاكل لدفاع البلوز المنهار، ففي الوقت الذي يفضل فيه مورينيو التراجع وقتل المباراة بإشراك مدافع إضافي، أجبره باردو على إشراك مهاجم والمخاطرة، الأمر الذي لايجيده البرتغالي وغالبًا ما يأتي بنتائج عكسية.
فابريجاس المرهق لم ينجح في تقديم الإضافة لهجوم تشيلسي خاصة في ظل الأداء الممتاز لثلاثي وسط البالاس، ربما كان على مورينيو إشراك راميريس من البداية وإبقاء ويليان على دكة البدلاء، فاللعب بثنائي إرتكاز دفاعي يحرر ظهيري الجنب ما يؤدي بالتبعية لتنوع هجوم البلوز، صعود ظهيري الجنب يوفر العرضيات اللازمة بالإضافة لأنه يمنح الجناحين القدرة على التمركز على حدود منطقة عمليات البالاس ليشكلوا مع صانع الألعاب – فابريجاس في هذه الحالة – جدارًا يلتقط المرتدات ويوئدها في المهد، الزيادة العددية بالطبع تمنح الأزرق مزيدًا من السيطرة، مطمئنًا لوجود ثنائي كراميريس وماتيتش يمكنهم التغطية على الأطراف وفي القلب.
مخاطرة مورينيو غير المعتادة أخرجته عن تركيزه، فأتبع تغيير فالكاو بدقيقتين نزول كينيدي بدلًا من أزبليكويتا،
لتتغير خطة تشيلسي للمرة الثانية خلال ثلاث دقائق متحولة لـ3-4-3، بتمركز إيفانوفيتش كقلب دفاع ثالث بجانب زوما وكاهيل، وإحتلال كينيدي للجبهة اليسرى وبيدرو لليمنى، وتقدم هازارد لصناعة اللعب من القلب خلف ثنائي الهجوم كوستا وفالكاو، وكان الأولى خروج الصربي صاحب الأداء الكارثي وبقاء أزبليكويتا السريع، ثم ظهر تخبط البرتغالي جليًا عندما أشرك لوفتس تشيك بدلًا من ماتيتش بعدها بأربع دقائق فقط.
بداية المباراة الخاطئة لمورينيو بالإضافة لمخاطرته البالغة أثناءها، حررت الثنائي الأنشط بولاسي وساكو، ففي الدقيقة 74 أتت التمريرة تلك المرة من الثاني للأول الذي فشل في إيداعها المرمى الخالي تقريبًا، أعقبتها تسديدة رائعة للكونغولي الدولي مرت بجوار المقص، وبدا وكأن خط هجوم البالاس قد حفر نفقًا خلف دفاعات البلوز يمكن إستخدامه في أي وقت.
أتت مخاطرة مورينيو الهجومية بثمارها سريعًا، فسجل فالكاو رأسية من عرضية بيدرو على القائم القريب، وهي أول عرضية هوائية ينجح في إستغلالها البلوز منذ بداية المباراة، لكن عاد بولاسي وساكو أسوأ كوابيس دفاع تشيلسي للظهور من جديد، فمرر الأول للثاني الذي هيأها لجويل وورد ظهير البالاس الأيمن، الذي سجلها مباشرة برأسية شاهدها كورتوا وهي تسكن الشباك، وظهر في اللقطة فابريجاس متأخرًا في العودة بعد فشله في التغطية على ظهير البالاس المتقدم، وهو خطأ متوقع لمتوسط ميدان لم يعتد اللعب في خطة 3-4-3 التي تتطلب مهامًا أكثر صرامة، ناهيك عن فشله في تأدية نفس المهام في الخطة التقليدية المعتادة، خاصة مع فريق كتشيلسي لم يعتد التحول لهذه الخطة تحديدًا، فلا شخصية الفريق ولا المدرب ولا فنياتهم تسمح لهم بإستيعاب مهامها الجديدة بتلك السرعة.
لم ينتبه مورينيو لثغرته الدفاعية خلف فابريجاس وخاطر بالتحول لـ3-4-3 فعاقبه باردو بهدف آخر بنفس الطريقة ومن نفس الثغرة
أجرى باردو تغييرًا تنشيطيًا بنزول ليدلي بدلًا من كاباي، ثم أخرج ساكو نجم اللقاء ليتلقى تحيته من الجمهور على أدائه الرائع، وإنتهت المباراة لتضع مورينيو أمام حلين لا ثالث لهما، الأول هو إضافة إرتكاز دفاعي آخر لماتيتش يرفع عنه عبء تغطية نصف ملعب تشيلسي بأكمله ويحرر فابريجاس الأقدر على صناعة اللعب من ويليان، ربما يكون واحد من راميريس أو ميكيل، أو اللجوء للحل الثاني وهو إشراك زوما في هذا المركز والبدء بتيري وكاهيل في الدفاع، وقتها سيحتاج مورينيو للتعاقد مع قلب دفاع في الأيام القليلة القادمة قبل إغلاق إنتقالات الصيف رسميًا، لا داعي لذكر أن مشاركة بابا عبدالرحمن الظهير الغاني الجديد مفروغ منها ليعود أزبليكويتا لجهته الأصلية ناحية اليمين ويخرج إيفانوفيتش المنهار من التشكيل الأساسي، أما باردو فأداءه مطمئن لجماهيره، مقلق لجماهير ساوثامبتون وتوتنهام، فالإنجليزي المخضرم قادر على الإطاحة بأحدهما خارج المراكز المؤهلة للبطولات الأوروبية.