حقق فريق أرسنال فوزه الثاني هذا الموسم وتغلب على مضيفه نيوكاسل 1 / صفر، السبت، في المرحلة الرابعة من الدوري الإنجليزي الممتاز.
رغم أن الحدث الأبرز في المباراة كان إقصاء بدا قاسيًا لألكسندر ميتروفيتش عقب تدخل عنيف مع فرانسيس كوكلين بعد مرور عشر دقائق فقط من المباراة، إلا أنه بدا وكأن أرسنال هو الآخر يلعب بعشرة لاعبين باقي المباراة.
بدأ الإنجليزي ستيف ماكلارين المباراة بتشكيل جيد طامحًا في الوصول لنتيجة مباراة مانشستر يونايتد في الجولة الماضية والتي انتهت بالتعادل السلبي، استبدل تايلور بمبيمبا في قلب الدفاع مع نزول يانمات الهولندي ليحتل الجبهة اليمنى، كذلك بدأ ثوفين على حساب بيريز، وسيسوكو على حساب أوبرتان، أما أرسين فينجر فبدأ المباراة بأفضل خط دفاع ممكن بمشاركة كل من بيليرين، جابرييل، كوسيلني، ومونريـال، بينما عانى من إصابة نجمه مسعود أوزيل قبل المباراة بدقائق ما أجبره على التراجع عن إشراك رامزي كجناح مرة أخرى لينتقل للعب كصانع ألعاب صريح خلف والكوت المهاجم الوحيد، وشغل تشامبرلين الذي يبدو وكأنه يزداد نضجًا كل مباراة، رغم قلة تركيزه، الجبهة اليمنى لهجوم المدفعجية.
اعتمد تكتيك ماكلارين على عدة نقاط، أولها استغلال خطأ فينجر المعتاد بإشراك كازورلا كارتكاز مساند وضعف التغطية في الطرفين، ووضع كل من سيسوكو وثوفين في جهة تناسب قدمهم القوية، لتمويل ميتروفيتش مباشرة بالعرضيات التي يجيد استغلالها، ربما كان إشراك ميرتساكر- الخطأ الثاني المتوقع من فينجر- كفيلًا بزيادة فاعلية هذا التكتيك، ولكنه لم يحدث لسوء حظ مدرب الماكبايث.
لاحت أول فرصة للمدفعجية في الدقيقة 12 من الجبهة اليمنى بتمريرة ذكية من تشامبرلين للظهير المندفع بيليرين، أنقذ ثوفين العائد الموقف بعرقلة واضحة من الخلف لم يحتسبها الحكم كركلة جزاء.
جاء طرد ميتروفيتش بعد 16 دقيقة ليقلب موازين المباراة، فاعتمد ماكلارين على لاعبه التكتيكي المرن وينالدوم للعودة كارتكاز ثالث مع الثنائي الرائع أنيتا وكولباك، وتبدلت أماكن سيسوكو وثوفين ليتحول أحدهما للمهاجم الوحيد لحظة الإرتداد، بالطبع تبديل الأماكن سمح لكل منهما باللعب على قدمه العكسية وهو الوضع الأنسب للاختراق من الجناح دخولًا، نظرًا لأن العرضيات لم تعد حلًا في ظل إقصاء مهاجم الماكبايث الوحيد، كذلك حرر طرد ميتروفيتش كل من كازورلا ورامزي من أداء كثير من الواجبات الدفاعية، رغم ذلك لم يستجب فينجر للتكتيك الجديد وأبقى على والكوت الذي لم نشعر به في ظل غياب المساحات وانكماش نيوكاسل المتوقع للدفاع، فلم يظهر الجناح الإنجليزي إلا في لقطة واحدة في الدقيقة التاسعة عندما تصدى تيم كرول المتألق وأفضل لاعبي الماكبايث في المباراة، لتصويبته الأولى، ثم مرة أخرى في الدقيقة 32 عندما أطاح بكرة سهلة مرتدة عن تسديدة سانشيز، خارج المرمى الخالي، ما بدا وكأنه فرصة أرسنال الوحيدة التي اتسمت بالخطورة في الشوط الأول.
ظهر عجز لاعبي نيوكاسل عن تطبيق خطة مدربهم ولم ينجحوا في مجاراة دفاع أرسنال القوي الذي استحق أعلى تقييم له منذ فترة طويلة، رغم أنه لم يختبر كثيرًا، ولكن أراح فينجر خصمه ماكلارين كثيرًا بإشراك والكوت من البداية، فالفرنسي يبدأ كل مباراة تقريبًا بنفس التشكيل ونفس الخطة وكأنه يواجه نفس الخصم بنفس التكتيك، فمن البديهي بداية عند مواجهة فريق يلعب بثنائي ارتكاز دفاعي، أن تقوم بفتح الملعب على مصراعيه لتصعب عليهم مهمة التغطية وتجبرهم على ترك منتصف الملعب للقادمين من الخلف ككازورلا ورامزي، بالطبع فتح الملعب واللعب على الأطراف يتطلب مهاجمًا يمكنه استثمار العرضيات التي ربما تكون الحل الوحيد لفك التكتلات الدفاعية التي نصبها فريق ماكلارين بعد الطرد.
جاء هدف تشامبرلين في الدقيقة 52 من جملة تكررت أكثر من مرة بتقدم بيليرين والتمرير في عمق المنطقة، إلا أن كرة الإنجليزي الشاب كانت في طريقها لتخطي المرمى لولا أن حولها كولوتشيني لتسكن الشباك ويسجل الهدف باسم المدافع الأرجنتيني، رغم ذلك لا تنفي تلك الجملة قراءة فينجر التكتيكية السيئة للمباراة إجمالًا من جهة، واستفادة ماكلارين من أخطائه من جهة أخرى، فبنزول جيرو في الدقيقة 68 بدلًا من والكوت، نال ماكلارين قليلًا من الراحة، وبدأ في فتح خطوطه والسعي للتعادل معتمدًا على بطء المهاجم الفرنسي ورعونته.
صحيح أن الطرد جاء لنيوكاسل ولكن فينجر تكفل بتعويض الفارق لمنافسه، فبدا وكأن أرسنال يلعب المباراة كاملة من دون مهاجم، فلعب والكوت عندما ضاقت المساحات واقتربت الخطوط لتتعطل فاعليته في المساحات ويظهر عجزه عن استقبال العرضيات الهوائية، ثم قام ماكلارين بفتح خطوطه قليلًا عندما إشترك جيرو، ليحاول مقابلة خطوط أرسنال بعيدًا عن منطقة جزائه ويمنعهم من ضغط الملعب وتمويل جيرو بالعرضيات، تاركًا لمهاجم أرسنال الكرات الطويلة والأرضية التي يتسلمها دائمًا وظهره للمرمى ما يضاعف فرص الفشل في استثمارها، وتجرأ ماكلارين، رغم النقص الذي يعاني منه فريقه بتبديلين هجوميين بإشراك بيريز الجناح بدلًا من أنيتا بعد نزول جيرو بثلاث دقائق، وسيسيه المهاجم بدلًا من سيسوكو الجناح الذي أرهقته مساندة يانمات طيلة المباراة لإيقاف سانشيز صاحب المجهود الوافر والمحاولات المستمرة.
لا تحتاج لكثير من الإحصائيات لتدرك أن أرسنال قد عانى أكثر مما يجب للفوز بالمباراة، ولكن بعضها قد يفيد في منحك فكرة عامة عن أهم درسين لابد أن يخرج بهما فينجر من اللقاء، الأول هو الكف عن محاولة فرض أسلوب اللعب المميز للمدفعجية على أي مباراة وكل مباراة مهما تغيرت المعطيات، ففي بعض الأحيان يأتي ذلك بنتائج عكسية، فرغم إكمال الفريق اللندني لـ718 تمريرة إلا أن أغلبها كان خارج منطقة العمليات، وشاهدنا لاعبي أرسنال في أكثر من لقطة عاجزين عن الاختراق ومكتفين بالتمرير حول منطقة العمليات، الدرس الثاني توضحه الإحصائية الأقوى التي كانت بفشل أرسنال في استثمار أي عرضية هوائية داخل المنطقة طيلة المباراة، بل وخسارته أغلب العرضيات الأرضية أيضًا، كذلك فإن أرسنال لم ينجح سوى في محاولة واحدة على المرمى من 23 محاولة، أخطأ المدفعجية كثيرًا منها وتكفل تيم كرول الرائع بالباقي، حتى المحاولة الوحيدة التي سكنت الشباك لم تكن لتنجح لولا خطأ كولوتشيني، لم تبد حاجة أرسنال للتعاقد مع مهاجم مميز أكثر إلحاحًا ممن الآن، ولكن الجميع في لندن قد كف عن التساؤل فيما يبدو.
على الناحية الأخرى، أوضح ماكلارين المزية الوحيدة التي يتمتع بها مدربي فرق الوسط ومؤخرة الجدول، فهم لا يملكون رفاهية الفلسفة الزائدة ولا عُقد النجومية واللمعان، المدرب الإنجليزي عانى من سوء مستوى مهاجميه العام الماضي واضطراره لإشراك بيريز الجناح كمهاجم وحيد فتعاقد مع مهاجم صريح واعد هو ميتروفيتش لينهي المشكلة، لن تجد ماكلارين يحاول إشراك جناح في غير مركزه مادام يمكنه التعاقد مع مهاجم، ولن تجده يأتي بصانع ألعاب ككازورلا ليحاول تطويعه في مركز الارتكاز كما فعل فينجر مع أرتيتا من قبل، ليعاني خط وسطه ودفاعه مع كل هجمة، ولولا انخفاض حالة لاعبي الماكبايز البدنية والفنية بعد مباراة مانشستر يونايتد الأسبوع الماضي لأمكنه الخروج بالتعادل، لذا ينتظرنا أداء أفضل من الأبيض والأسود مع ارتفاع نسق المباريات بقيادة مدربه المميز.