x

مراد منير: المسرح لن يزدهر إلا بـ«إصلاح سياسى»

الأحد 04-01-2009 00:00 |
تصوير : other

إيرادات كبيرة حققتها مسرحية «سى على وتابعه قفة» فى أيام قليلة، بعد الإقبال الجماهيرى، الذى شهدته منذ أول يوم عرض، وقد أعادت هذه المسرحية المأخوذة عن نص الكاتب الكبير ألفريد فرج «على جناح التبريزى وتابعه قفة» البريق مرة أخرى إلى مسرح الدولة، الذى تعرض الفترة الماضية لإخفاقات عديدة.

المسرحية التى أخرجها مراد منير على مسرح السلام تعرضت لمشاكل كثيرة حتى ترى النور، وهو ما يوضحه مخرجها فى هذا الحوار:

■ لماذا تقدم «سى على وتابعه قفة» حالياً رغم أنك سبق أن قدمتها على مسرح الحرية عام 1991؟

- بالفعل قدمت هذه المسرحية من قبل مع القطاع الخاص عندما طلب منى سمير خفاجة أن أخرج مسرحية لـ«المتحدين» على مسرح الحرية من أعمال الكاتب ألفريد فرج، ونصحنى عادل إمام بألا أقدم المسرحية على هذا المسرح، ولكننى لم أسمع كلامه فلم أكن أعلم أن فرقة «المتحدين» قد خسرت مسرح رمسيس، الذى كان عادل إمام يعرض عليه مسرحيته فى ذلك التوقيت، وبالتالى أخذوا منى مسرح الحرية ولم يستمر عرض المسرحية إلا 26 ليلة عرض، ولم يتمكن الجمهور من مشاهدتها، ولم يتم تصويرها تليفزيونياً لذلك قدمتها الآن على مسرح الدولة.

■ ولماذا فى هذا التوقيت؟

- لأن العرض كوميدى، فضلاً عن أننى استخدمت جميع وسائل الإبهار حتى أمتع الجمهور وأدخل البهجة إلى صدره، فهدفى الأول من تقديم المسرحية فى هذا التوقيت هو إضحاك الناس، لأننى أعرف جيداً أن المواطن المصرى يعيش معاناة يومية، فالمسرحية تعيد إليه حالة البهجة لكى يتمكن من ممارسة حياته بشكل أفضل من خلال بث الأمل فى النفوس، فالمسرح من وجهة نظرى ليس محاكاة للواقع كما يعتقد البعض، إنما هو إعادة تشكيل للواقع.

■ هل تدعو المسرحية إلى العودة مرة أخرى إلى النظام الاشتراكى من خلال بطل العرض الذى وزع أموال الأغنياء والملك على الفقراء لتحقيق العدالة الاجتماعية؟

- نحن لا ندعو إلى نظام معين، بل ندعو إلى فكرة مجنونة وهى أنه لو جاء لنا شخص مثل «على جناح التبريزى» وأعاد ترتيب الثروة مثلما فعل فى المسرحية، سوف نعيش فى حياة أفضل، خاصة أن الظروف التى يعيشها الشعب المصرى هى نفسها التى يعانيها أبطال العرض، فمصر بها عدد من الأشخاص يملكون مليارات، ويتولون مناصب فى الدولة، ويعيش إلى جوارهم عدد كبير من الشعب تحت خط الفقر، فلو أعيد ترتيب الثروة مرة أخرى مثلما حدث فى العرض، ستزول الطبقات، وستنتهى كل مشاكلنا الاقتصادية، ولن نحتاج إلى إعانة من أحد.

■ تعودنا منك على تقديم معالجة للنص قبل تقديمه على المسرح، لماذا لم يحدث ذلك فى «على جناح التبريزى وتابعه قفة»؟

- لأن نصوص مسرحيات ألفريد فرج تختلف عن غيرها، فمن الصعب أن تجرى أى تعديل فى النص الأصلى، لأنه أحاطه بكل شىء، ولهذا اكتفيت فقط بإضافة بعض الجمل الحوارية حتى يتلاءم مع مشاكلنا فى 2008 أما فيما عدا ذلك فكله من النص الأصلى لهذا الكاتب الكبير.

■ وهل أضفت الألفاظ والكلمات التى رددها محمود الجندى ولطفى لبيب فى المسرحية أم أنها من اجتهادهما؟

- جميع الألفاظ والكلمات التى وردت على لسان الجندى ولبيب تم الاتفاق عليها أثناء البروفات، ولا يجوز لأى ممثل يعمل معى أن يرتجل على خشبة المسرح، ويضيف أشياء من عنده قبل أن يرجع إلى حتى لا تسود الهرجلة.

■ ولكن هذه الجمل كانت تتضمن نقداً لاذعاً للنظام الحالى، فكيف تعاملت الرقابة معها؟

- لا بالعكس الرقابة كانت متفهمة جداً، وتعرف قيمة النص الذى يقدم، ولم تسبب لنا أى مشكلة، فالأزمة الحقيقية التى واجهناها قبل افتتاح العرض بأسبوع أن هناك لجنة هندسية مشكلة من وزارة الثقافة جاءت إلى المسرح بعدما سمعت أننا سنستخدم وسائل إبهار فى المسرحية، وعندما شاهدت جزء من البروفات قالت لى: «إنت فاكر نفسك فى برودواى»، وطالبت بإلغاء جميع المشاهد التى تتضمن الكرسى الهزاز والسرير المتحرك والحصان الطائر على أساس أن خشبة مسرح السلام لن تتحمل ذلك، وأن هناك كارثة ستحدث لو تم تنفيذ هذه الأفكار، فأوصت فى تقرير لها بوقف العرض لحين تنفيذ قرار اللجنة ولولا المجهود الذى بذله الدكتور أشرف زكى، رئيس البيت الفنى، للمسرح لكان من الصعب افتتاح العرض.

■ وهل ترى أن ما أوصى به تقرير الرقابة على حق؟

- إطلاقاً ومازلت مندهشاً حتى الآن من مطالبهم الغريبة، وهذا ناتج عن أننا لسنا معتادين على تقديم أعمال جيدة وجديدة.

■ أنت متهم دائماً بأن العروض التى تقدمها تكلف جهة الإنتاج مبالغ كبيرة وكان ذلك سبباً فى تأخر خروج العرض إلى النور؟

- غير صحيح، فميزانية مسرحية «سى على وتابعه قفة» لم تتعد 700 ألف جنيه شاملة الديكور والملابس وأجور الفنانين، و«بعدين الغالى ثمنه فيه»، أنا أقدم مسرحاً جيداً يصلح لعدة مواسم، وبالتالى أبذل مجهوداً ووقتاً طويلاً فى البروفات، حتى يحفظ كل ممثل دوره جيداً وتقدم الاستعراضات بشكل منضبط.

■ ولكن محمد الحلو ظهر فى أول أيام العرض وكأنه غير متمكن من الشخصية والحوار؟

- حدث ذلك فى عرض الافتتاح فقط، وبعدها تمكن «الحلو» من الدور بشكل جيد، ويرجع ذلك إلى أن اشتراكه فى المسرحية جاء قبل الافتتاح بـ15 يوماً فقط بعد اعتذار فاروق الفيشاوى، الذى خاف أن يركب الحصان والكرسى المتحرك فانسحب من البروفات.

■ بما أن العرض يتضمن أغانى واستعراضات، لماذا لم تختر بطلة مطربة؟

- فايزة كمال قدمت الدور من أفضل ما يمكن كما أننى لم أجد ممثلة فى الوطن العربى تستطيع أن تجسد دور أميرة إلا فايزة كمال.

■ ولكن أرجع البعض مشاركتها فى العرض إلى أنها زوجتك؟

- أنا لم أفرض فايزة كمال على الدور، بل أداؤها الرائع وقدرتها على تقمص الشخصية هما اللذان فرضاها على الدور.

■ لماذا تصر على تقديم نصوص قديمة.. هل لا تجد حالياً نصاً جيداً يصلح تقديمه؟

- بالفعل لا أجد نصاً ولا مؤلفى مسرح، ويرجع ذلك إلى أننا ليس لدينا تيار مسرحى، فالكتاب عندنا يختنقون فى المهد فهم يموتون قبل أن يحيوا، ولو كان لدينا اهتمام بالمسرح لتفجرت المواهب التى لا تحصى ولا تعد.

■ وما الذى أدى إلى ذلك؟

- لأن مصر أصبحت تعيش فى حالة فوضى فى كل أوجه الحياة، فالمسرح كائن حساس لا يمكن أن ينتعش فى ظل هذه الفوضى، فالمسرح ينتعش مع انتعاش العزة القومية التى عشناها فى الستينيات، لذلك كان المسرح فى تلك الفترة فى حالة ازدهار، ولن يعود المسرح إلى عهده السابق إلا بحدوث إصلاح سياسى.

■ كيف ذلك؟

- لأن المسرح مخيف لرجال السلطة، فهو مباشر جداً فى عرض قضايا المجتمع، ويكفى أننا منذ 20 عاماً لم نبن مسرحاً واحداً، بل العكس كل فترة نسمع عن إغلاق مسرح.

■ قدمت أكثر من عرض على مسرح الهناجر وحققت نجاحاً كبيراً آخرها «منين أجيب ناس» لنجيب سرور، فما وجهة نظرك حول أسباب غلق «الهناجر»؟

- كل الحكاية أن وراء مسرح الهناجر الدكتورة هدى وصفى، التى تؤمن بالديمقراطية وتبذل مجهوداً جباراً من أجل تقديم قضايا تعبر من خلالها عن مشاكل الشعب المصرى، لذلك أصبحت مزعجة للمسؤولين فخافوا من مسرح الهناجر، وأغلقوه بالرغم من أن عروضه التى يقدمها شباب يعارض الوضع الحالى بطريقة «الست المستحية» فهى معارضة لا يمكن أن تؤثر على أى سلطة، ومع ذلك تم إغلاقه.

■ مشاكل كثيرة واجهتها مسرحية «اللجنة»، ما السبب الحقيقى لمنعها بعيداً عن الشائعات التى أحيطت بها؟

- تم وقف «اللجنة» بعد أن حضر بروفاتها أشخاص لهم هيبة مرعبة قضوا يوماً كاملاً معنا فى البروفات، ولم أعرف هويتهم وبعدها فوجئت بإلغاء العرض بدعوى أن هناك لجنة تشكلت من جهة مهمة فى الدولة أوقفت العرض وفاروق حسنى وأشرف زكى ليس لهما علاقة بهذا الوقف، فإغلاق «اللجنة» ليس الأول الذى يحدث معى فقد سبق أن تم إغلاق مسرحية «منين أجيب ناس» على «الهناجر» بعد عرضها بشهر ونصف الشهر، ومع ذلك لم أبتعد عن تقديم الأعمال الجادة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية