أكد الدكتور محمد البدرى، سفير مصر فى جمهورية روسيا الاتحادية، أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى الأخيرة للعاصمة الروسية موسكو كانت إيجابية جدا، وأعطت زخما قويا للعلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن الاستثمارات والملفات الاقتصادية كانت فى مقدمة أجندة الزيارة، واصفا القمة بين الرئيسين السيسى ونظيره الروسى فيلاديمير بوتين بأنها قمة الشراكة والانطلاق.
وقال البدرى، فى حواره لـ« المصرى اليوم»، فى ختام الزيارة، إن العلاقة بين مصر وأى دولة فى العالم ليست على حساب عاصمة أخرى، مؤكدا أن علاقة القاهرة بموسكو لا تمر عبر واشنطن، وأن مصر لديها علاقات قوية مع الولايات المتحدة ومع روسيا.
وأشار السفير المصرى إلى أن مصر قطعت شوطا كبيرا فى المفاوضات مع الجانب الروسى بشأن إنشاء محطة الطاقة النووية فى الضبعة، وهناك عروض أخرى مطروحة، والمفاوضات مستمرة بهذا الشأن لأن المشروع كبير جدا.
ورفض البدرى إطلاق كلمة «خلافات» على التباين فى وجهات النظر بين مصر وروسيا فيما يتعلق بالأزمة السورية، مشيرا إلى أن الاتفاق هو أن تكون اتفاقية «جنيف1» أساس التسوية، لكن هناك وجهات نظر مختلفة فى آلية الوصول إلى هذه التسوية.
وتحدث السفير المصرى فى روسيا عن فرص الاستثمار والتعاون الاقتصادى والتجارى والعسكرى بين البلدين، وإلى نص الحوار.
■ كيف ترى نتائج زيارة الرئيس السيسى لروسيا للمرة الثالثة منذ توليه مهام منصبه كرئيس للجمهورية؟
ـ الزيارة كانت إيجابية جدا، وأعطت زخما للعلاقة بين البلدين، فتوالى القمم والقصر النسبى للمدة بينها، تعطى المسؤولين المنفذين لهذه العلاقات رسائل ومسؤوليات لمؤسسات الدولة ككل على الجانبين، فهى تقدم إشارة ورسالة واضحة لتفعيل نتائج القمم فى الأشهر القليلة التالية.
■ لو أردت أن تضع عنوانا للقمة الأخيرة بين الرئيسين السيسى وبوتين، فماذا يكون؟
ـ قمة الشراكة والانطلاقة.
■ ما الذى تعنيه بذلك؟
ـ شراكة لأننا بدأنا الآن مرحلة شراكة بين مصر وروسيا، شراكة مبنية على المصلحة المشتركة، ورؤى متطابقة فى كثير من الأحوال، وعلى المساهمة فى فهم الواقع السياسى وتطويره، أما الانطلاقة فهى لأننا ندخل الآن فى مرحلة بداية التنفيذ لهذه الرؤى، فالزيارة تضمنت وفداً مرافقاً للسيد الرئيس شمل وزيرى البترول والكهرباء، مما يعنى أننا بدأنا ندخل فى تفعيل العلاقة بين الدولتين.
■ كان من المتوقع خلال الزيارة توقيع عقد إنشاء محطة الطاقة النووية فى الضبعة فلماذا لم يتم التوقيع، خاصة أن الرئيس بوتين قال إن الموضوع ما زال فى يد الخبراء، بينما قال سامح شكرى، وزير الخارجية، إن مصر تدرس هذا الموضوع مع أطراف متعددة وليس روسيا فقط؟
ـ لا أرى تناقضا بين التصريحين، فنحن قطعنا بالفعل شوطا كبيرا فى المفاوضات مع الجانب الروسى، لكن هناك مقترحات مطروحة على الساحة، وفى مشروع كبير مثل هذا، مشروع سيغير وجه الساحل الشمالى المصرى، لا بد أن تستكشف كل المقترحات، ويتم اتخاذ القرار بعد استيفاء جميع أركان المفاوضات والبحث.
■ هل قدم الجانب الروسى تسهيلات لإتمام المشروع، خاصة أن ما أعلن قبيل الزيارة من قبل المسؤولين أن مصر استقرت على العرض الروسى لأنه الأفضل؟
ـ العرض الروسى جيد جداً، لكن المشروع كبير، والمفاوضات مستمرة بشأنه، وقطعنا شوطا كبيرا فيها.
■ هل يمكن أن نحدد مدة معينة حتى نرى المشروع على الأرض؟
ـ ربنا يسهل.. ونتمنى أن يكون ذلك فى المستقبل المنظور.
■ على مستوى الاستثمارات والمشروعات التى تناولتها المباحثات الثنائية، هل كانت هناك اتفاقات استثمارية واضحة خلال هذه الزيارة؟
ـ كانت الأجندة الأساسية لزيارة الرئيس لموسكو أجندة استثمارية وتجارية، فقد عقد سيادته اجتماعات مع عدد من الشركات الروسية، من بينها شركة «روزنفت» وهى أكبر شركة بترول فى العالم، ولها استثمارات واسعة دولياً، ولها جذور فى العديد من الدول، وهى مهتمة بالاستثمار فى مصر، وترى فيها سوقاً واعدة، وفرصا كثيرة فى مجال البترول سواء فى مجال التكرير أو التوريد أو الاستكشاف، وهم مهتمون بأن يكون لهم دور فى مشروع محور تنمية قناة السويس، ولديهم اهتمام بتمويل وتشغيل السفن العابرة، وكانت أجندة الرئيس واضحة، وعرض عليهم المقترحات والأساليب المختلفة.
■ إلى أى مدى كان هناك اهتمام بالاستثمار فى محور قناة السويس؟
ـ جزء كبير من المفاوضات كان حول الاستثمار فى محور قناة السويس والمركز اللوجيستى للحبوب، وقد بحث الرئيس هذا الموضوع مع ثلاثة مسؤولين روس هم وزير التجارة والصناعة، ووزير التنمية الاقتصادية، ورئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسى، وعرض الرئيس رؤى محددة لكيفية الاستفادة من محور قناة السويس، رؤى واضحة المعالم بها منافع لنا والتزامات علينا... وهذا أراح الجانب الروسى كثيرا لتنظيم استثماراته وطريقة تفعليها.
■ وماذا عن المنطقة الصناعية الروسية فى قناة السويس؟
ـ بالفعل مصر اقترحت إنشاء منطقة صناعية روسية فى شمال عتاقة، لتكون منطقة للاستثمار الروسى الخالص، يمكن فيها للشركات الروسية أن تبدأ شراكات مع الجانب المصرى، وهذا يسهل للمنتج الجديد تسويقه فى التكتلات الدولية التى وقعت مصر معها اتفاقيات تجارة حرة مثل أفريقيا والاتحاد الأوروبى وغيرهما، فمثلا عند تصنيع سيارة يمكن أن تأتى المكونات من روسيا، وتساهم مصر بنسبة 40 % منها، وبالتالى يمكن منح السيارة شهادة منشأ مصرية، وتصديرها للدول التى لديها اتفاقات تجارة حرة مع مصر، وهنا يستفيد الجانب الروسى استفادة كبرى من إزالة الحواجز الجمركية، كما أن الموقع الاستراتيجى لمصر بالقرب من قلب حركة التجارة الدولية يمنح المنتج الروسى ميزة نسبية، وتستفيد روسيا الكبرى من هذه المسألة وتستفيد مصر أيضاً، هنا نتكلم عن سوق حجمها 1.8 مليار نسمة، أى ما يقرب من 29% من سكان الأرض ترتبط بهم مصر باتفاقات تجارة حرة، والروس مهتمون للغاية بهذا المشروع.
■ هل هناك جدول زمنى للتنفيذ؟
ـ الجدول الزمنى للرئيس هو «الأمس»، على حد تعبير سيادته، وقد صدرت تكليفات واضحة لتفعيل هذا وستبدأ الوفود الروسية فى زيارة مصر للاتفاق على شكل هذا التعاون.
■ من الواضح حتى الآن أن كل المشروعات عبارة عن مفاوضات دون اتفاقات محددة بجدول زمنى للتنفيذ؟
ـ رؤية الرئيس السيسى فى هذا الأمر، تركز على ضرورة تنفيذ المشروعات بشكل صحيح، فمن السهل جدا الخروج من الزيارة بكلام براق، لكن الهدف هو وضع اللبنة الأساسية للبناء عليها فيما بعد، وهذه أصعب مراحل المفاوضات، فالروس لهم مطالب ونحن لنا رؤية، وهناك عملية مزج بين هذه المطالب والرؤية المصرية، لكننا نتكلم عن المستقبل القريب، حيث وعد وزير الصناعة الروسى الرئيس بتقديم تصوره لمشروع المنطقة الصناعية بعد دراستها.
■ تحدث الرئيس بوتين عن صندوق استثمارات مشتركة بين مصر وروسيا والإمارات، فهل هناك اتفاق ثلاثى حول هذا الموضوع؟
ـ بالفعل الجانب الروسى طرح هذه الفكرة من خلال صندوق الاستثمار الروسى، وهو صندوق تم إنشاؤه عام 2011 للاستثمار داخل وخارج روسيا، وهو دائما ما يسعى فى الخارج للحصول على شريك استثمارى، واقترحت روسيا إنشاء صندوق بالتعاون مع الجانب المصرى والإماراتى ليكون موجها للاستثمار فى مصر، وسنبدأ مباشرة التعامل فى هذا الأمر مع المسؤولين عن الصندوق ومن المحتمل أن تتوجه بعثة روسية إلى مصر قريبا لبحث هذا المقترح.
■ وهل تم الحديث مع الإمارات بهذا الشأن؟
ـ أعتقد أن الجانب الروسى تحدث مع الجانب الإماراتى.
■ هل هناك دلالة لتجمع 3 من القادة العرب فى روسيا فى هذه الفترة، الرئيس السيسى والعاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى، وولى عهد أبو ظبى محمد بن زايد؟
ـ هى مجرد صدفة فى تقديرى، حيث كان الملك عبد الله، والشيخ محمد بن زايد يشاركان فى حضور معرض الطيران والفضاء الروسى «إيرماكس»، الذى افتتح فى اليوم الأول من زيارة الرئيس السيسى لموسكو ولم يشارك فيه سيادته، ولا ننسى وجود تعاون كبير بين الأردن وروسيا وصل لحد التوقيع على إنشاء مفاعل نووى للطاقة الكهربائية.
■ على المستوى الاقتصادى كان هناك حديث عن استخدام الجنيه مقابل الروبل لتسهيل التعاملات التجارية بين البلدين، فهل تم الاتفاق على ذلك؟
ـ الهدف من استخدام العملات المحلية هو تقليل تكلفة المعاملات «to cut transaction cost، بمعنى أنه عندما تكون لدى مصر مشكلة سيولة دولارية، وترغب فى الاستيراد من روسيا، فيمكن استخدام الروبل الناتج من زيارات السياح الروس لمصر على سبيل المثال، فيتم رفع العملة الوسيطة فى التعامل ويكون دورها مجرد استرشادى لسعر الصرف، ولكن التعامل يكون بالعملة الوطنية للطرفين، وتتم تسوية المسائل كل فترة زمنية من خلال استخدام العملة الصعبة، وهذا يقلل التكلفة، ويؤدى إلى انسيابية العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدول، وبالطبع الموضوع ليس بهذه السهولة، حيث لابد من دراسته بعناية وبشكل دقيق من قبل البنكين المركزيين فى روسيا ومصر، خاصة مع المشاكل التى يواجهها الروبل الروسى أيضا.
■ هل تم الاتفاق على أن يتم تعامل السياح الروس فى مصر بالروبل؟
ـ لا... هذا يحتاج للاتفاق على ما سبق أن أشرت إليه.
■ متى ستنتهى هذه الدراسة؟
ـ نأمل أن يكون ذلك فى وقت قريب.
■ هل سيؤدى هذا القرار لمزيد من المشاكل بالنسبة للجنيه، خاصة مع انخفاض الروبل الروسى وعدم استقراره؟
ـ فى مثل هذه الأمور، يتم استخدام عملة وسيطة تحدد سعر وقيمة العملة الوطنية بشكل متغير حسب أسعار صرف العملة، دون أن يتم تحويل العملة ذاتها، وهذا الموضوع له فوائد كثيرة كما أشرت، من حيث تخفيف الضغط على الطلب على العملة الصعبة فى الدولتين، ويرفع عن كاهل البنك المركزى توفير الدولارات، فيخلق انسيابية فى حركة التعاملات.
■ هل الدول العربية تبعت مصر فى تطوير علاقاتها مع روسيا؟
ـ كل دولة تبنى علاقتها بناء على مصلحتها الوطنية، ومصر دائما مثال يحتذى به فى السياسة الخارجية، لأن سياستها الخارجية موزونة تاريخيا، وحاليا هناك عملية تغير على المستوى الدولى بحلول العولمة والمتغيرات الأخرى، وهذا يتطلب من الدول تعظيم استفادتها من خلال عملية التنويع، والتواصل مع العالم الخارجى والانفتاح عليه، وتقديرى أن الدول العربية بدأت ترى روسيا كدولة قوية على ما هى عليه، فهى دولة قوية جدا وعضو فى مجلس الأمن وهى أغنى دولة فى العالم، فهى رقم 3 على مستوى الاحتياطى البترولى فى العالم، والثانية فى الغاز الطبيعى، وبها ألف نهر و56 ألف كيلو من الشواطئ، ولديها قاعدة قوية جدا للصناعات الثقيلة والعسكرية، ومن الطبيعى أن تسعى الدول لفتح علاقات مع قطب من أقطاب السياسة فى العالم.
■ البعض يتخوف من عودة تجربة العلاقات الثنائية مثل فترة الستينيات؟
ـ المعادلة اختلفت تماما، فى فترة الاتحاد السوفيتى كان هناك صراع قوى أيديولوجى، أما اليوم فنحن فى عالم منفتح، وكانت العلاقات فى السابق مبنية على فكرة أن تعطى الدولة الكبرى للدول الصغرى لاستقطابها، أما اليوم فالعالم وخريطة التوازنات اختلفت، ولا يمكن مقارنة الفترتين، فاليوم هى مبينة على المصلحة والفائدة المشتركة بين دولة عظمى مثل روسيا ودولة إقليمية عظمى مثل مصر.
■ كلمة المصلحة المشتركة وردت فى خطاب الرئيسين السيسى وبوتين.. كيف تفسرها؟
ـ لأن العلاقة مبنية على المصلحة المشتركة، وعندما طرح الرئيس الخطط الاستثمارية فى مصر على المسؤولين الروس وكبار الشركات، طرحها بمفهوم المصلحة المشتركة لهم ولنا، وإلا فلن تتحرك الأمور، ولن تقبل هذه الشركات العمل، فى السابق كان الاتحاد السوفيتى لديه شركات حكومية موجهة، اليوم تختلف الأمور بشكل كبير.
■ يعنى العلاقة بين البلدين لا تقوم على العاطفة؟
ـ العاطفة أو العلاقة الإنسانية التى نشأت بين الرئيسين دائما ما تسهل العلاقات، لكن لابد أن يكون هناك أساس من المصلحة المتبادلة.
■ ما الذى يمكن أن تقدمه مصر لروسيا؟
ـ الكثير، ورسالتى الآن هى أننا فى مصر لابد أن نعرف قيمة أنفسنا، صحيح أن هناك مشاكل عديدة، لكن مصر تظل مركز الاستقرار فى الشرق الأوسط، وهذا رأى الرئيس بوتين، إضافة إلى تقديره الشخصى الشديد للرئيس السيسى، ووجود روسيا فى مصر يفتح لها أسواقا، ومصر الدولة الإقليمية الكبرى فى المنطقة فى النهاية أكبر سوق، أقوى جيش، أهم مركز استراتيجى، وهو ما أكده الرئيس الروسى.. هم يعرفون قيمة مصر.
■ طرح الرئيس بوتين تكوين جبهة لمكافحة الإرهاب تضم سوريا، فهل كان هناك تباين بين المواقف بشأن الأزمة السورية؟
ـ الرئيس طرح رؤية مصر لمكافحة الإرهاب، واتفق معه الرئيس بوتين، فالإرهاب ظاهرة متعددة الجذور، ولابد أن تكون استراتيجية مكافحة الإرهاب متعددة الجوانب، تضم الجوانب الاقتصادية والفكرية والدينية والثقافية، إضافة إلى استخدام السلاح والقوة عند تهديد الدولة وأمن المواطن، واتفق الجميع على ضرورة مواجهة الإرهاب.
■ لكن هل وافقت مصر على ضرورة تشكيل تحالف دولى يضم سوريا؟
ـ الاثنان اتفقا على ضرورة مكافحة الإرهاب وداعش، وعدم الانتقائية فى محاربتهما.
■ لكن هناك اختلافا حول الأزمة السورية، فالرئيس أكد أن الحل فى سوريا لابد أن يكون وفق اتفاق جنيف؟
ـ الجميع يتفق على أن أساس الحل للأزمة السورية هو اتفاق «جنيف 1»، والاختلاف بين الأطراف مبنى على تفسير الاتفاق، فالقاهرة استضافت المعارضة السورية وخرجت بأول خريطة طريق واضحة فى هذا الصدد، وضعها المعارضون السوريون أنفسهم من أغلبية التوجهات، ولابد اليوم من توحيد المعارضة السورية.
■ وماذا عن الطرح الروسى لحل هذه الأزمة؟
ـ الطرح الروسى به بعض الاختلافات لكنه يعتمد على «جنيف 1»، فهناك الكثير من الرؤى فى التطبيق، فلماذا أنظر إلى نصف الكوب الفارغ ولا أنظر إلى النصف الممتلئ، روسيا لها جهود مع المعارضة السورية، وهناك توافد للمعارضة السورية على موسكو منذ 10 أيام، وروسيا استضافت موسكو 1 وموسكو 2 فى هذا الصدد، والجهود مستمرة والتشاور قائم.
■ هل الخلاف الرئيسى بين البلدين على النظام السورى وتحديدا بقاء بشار الأسد؟
ـ نحن فى مصر ليس لنا أجندات فى سوريا إلا أجندة واحدة هى بقاء الدولة السورية والحفاظ على سلامتها الإقليمية وأمن الشعب السورى، وهو ما يتفق معنا فيه الروس، فأغلبية الرؤى المطروحة تتفق على بقاء الدولة السورية، لكن الخلاف على كيفية الوصول إلى هذه النتيجة.
■ بعد أى تقارب روسى مصرى يبدأ الحديث عن أن هذا يتم على حساب الولايات المتحدة؟
ـ علاقة مصر بروسيا لا تمر عبر عاصمة أخرى وليست على حساب عاصمة أخرى فى نفس الوقت، فنحن لنا علاقات قوية مع الولايات المتحدة وستظل هذه العلاقات، ومن حقى أن يكون لى علاقات قوية مع روسيا وغيرها، وهذا لا ولن ينتقص من قدر أى دولة.
■ الناس تقول إن الرئيس السيسى زار روسيا 3 مرات، لكنه لم يزر الولايات المتحدة سوى مرة واحدة، ولم تكن زيارة رسمية بل زيارة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
ـ الرئيس زار الصين وسيزورها مرة أخرى، كما زار دولاً فاعلة فى النظام الدولى.. فمصر تنفتح على العالم.
■ على الصعيد العسكرى تحدث الرئيس السيسى عن تعزيز التعاون العسكرى، فهل تم الاتفاق على صفقات عسكرية جديدة وما خلفية زيارة مركز التحكم والسيطرة؟
ـ مصر تربطها علاقات عسكرية بروسيا منذ زمن طويل، وهذه العلاقات لم تنقطع فى أى وقت، وهناك دفعة للتعاون العسكرى الآن، والموضوع ليس صفقات فقط، بل يشمل أشياء كثيرة من نقل الخبرات والتدريبات المشتركة، أما دعوة الرئيس السيسى لزيارة مركز التحكم والسيطرة العسكرى الروسى، فجاءت بطلب من وزير الدفاع الروسى، سيرجى شويجو، واستجاب له الرئيس، ورحب بالزيارة للتعرف على منظومات التحكم والسيطرة الروسية، وهذا شىء إيجابى جداً.
■ كيف وصف الإعلام الروسى زيارة الرئيس السيسى؟
ـ الرئيس السيسى يتم استقباله بحفاوة شديدة من قبل القيادة السياسية والشعب والإعلام الروسى.
■ لكن البعض ما زال يتحدث عن انقلاب فى 30 يونيو؟
ـ هى من جهة واحدة نعرفها جيداً.. وأعتقد أنها بدأت تدرك أن وصف ما حدث فى مصر بالانقلاب العسكرى لملايين المصريين الذين خرجوا للشوارع فى 30 يونيو أمر غير منطقى، ولكن المشكلة الحقيقية هنا أن ما حدث كان نموذجاً غير معروف فى العالم، الجيش يتدخل ليساند مطالب الشعب، ولكن مصر بلد الريادة.. ودعنى أذكركم بنموذج آخر.. فأول دستور ليبرالى فى مصر ونظام سياسى مبنى على توزيع السلطات جاء من خلال الحركة العرابية التى قادها الجيش، وأقصد حكومة شريف باشا فى 1881 ودستور 1882.. الجيش يتدخل للإصلاح وليس للاستئثار بالسلطة.. لماذا ننسى التاريخ؟ لماذا لا نُذكر العالم بأننا قدمنا نموذجاً مختلفاً عن أغلبية النماذج التاريخية؟.
■ هل تعيش روسيا حالة تقشف بعد أزمة أوكرانيا؟
ـ هناك أمران أثّرا فى روسيا بشكل مباشر، الأول وهو الأخطر يتمثل فى انخفاض أسعار النفط، حيث إن ما يقرب من 50% من موازنة الدولة مبنية على صادرات البترول، والأمر الثانى هو العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، وتحاول موسكو التغلب على ذلك من خلال التقشف فى بعض الأمور والترشيد فى أمور أخرى، لكن الاقتصاد الروسى قوى جدا، ويصل الاحتياطى النقدى فيه إلى ما يقرب من 360 مليار دولار، لكنه يعانى من الكثير من التقلصات بسبب هذا.
■ يُحذّر البعض من خطورة الرهان على روسيا؟
ـ الرهان يتناقض مع المفهوم الأساسى للتنويع، فعندما تنوع فى علاقاتك الخارجية وتنفتح على الجميع لا يوجد شىء اسمه الرهان، والسؤال هل العلاقة مع روسيا قاصرة عليها فقط؟ بالطبع لا، وبالتالى لا توجد خطورة.
■ متى يشعر المواطن بنتيجة الزيارة على الأرض؟
ـ زيارة الرئيس السيسى ستتبعها زيارة عدد من الوفود الروسية لمصر، تبدأ بزيارة وفد من شركة «روزنفت» للقاهرة، مطلع الأسبوع المقبل، ويجهز رجال الأعمال الروس خطتهم للاستثمار فى مصر، وسألتقى بهم فى هذا الشأن خلال عدد من المناسبات التى ننظمها.
■ متى ستعقد اللجنة العليا المشتركة؟
ـ ستعقد بشرم الشيخ فى ديسمبر المقبل.
■ كان من اللافت للنظر تشابه الملابس بين الرئيسين السيسى وبوتين خلال الزيارة فهل كان الموضوع مرتبا؟
ـ هذه صدفة وهى من محاسن الصدف.
■ بماذا تفسر التقارب بين الرئيسين المصرى والروسى؟
ـ فى تقديرى أن كليهما قائدان قويان من معدن وطنى صلب، غيّرا مسار التاريخ فى بلادهما، فمن الطبيعى أن يكون هناك تقارب إنسانى بينهما.
■ هل للخلفية المخابراتية للرئيسين دور فى هذا؟
ـ تقديرى أن الأساس فى هذا الأمر هو الدور التاريخى للرئيسين، والحوار بينهما حوار صريح ومفتوح يعكس علاقة إنسانية رفيعة المستوى، وهى علاقة ليست ولن تكون على حساب أحد.
■ الكرملين قال فى بيانه إن العلاقة بين الرئيسين متينة؟
ـ نعم فى أغسطس من العام الماضى فى أول زيارة للرئيس السيسى إلى روسيا، ظل الرئيسان معا 10 ساعات متواصلة وهذا لا يحدث بين القادة، وفى هذه المرة اصطحبه فى جولة بالكرملين، وكان من المفترض أن تستمر القمة المصغرة لمدة ساعة، لكنها استمرت ساعتين وربع، كما جلس القائدان فى مباحثات أخرى لمدة ثلث ساعة قبل جلسة المباحثات الموسعة على مأدبة الغداء، وبعد الغذاء جاءت جولة فى الكرملين شرح فيها بوتين للسيد الرئيس تاريخ الكرملين، وجلسا فى مشاورات ثنائية مرة ثالثة، وكان من المقرر أن تستمر زيارة الكرملين فى مجملها من الواحدة ظهرا إلى الثالثة والنصف عصرا، لكنها امتدت إلى السادسة إلا ربع، فالعلاقة الإنسانية لها دور كبير.
■ هل يرى الروس فى الرئيس السيسى عبد الناصر آخر؟
ـ يرون فيه السيسى، لكل زعامة وقتها وشكلها.