«أقول لكل من أسهم ويسهم فى جريمة بيع عمر أفندى بالصمت أو المشاركة: ماذا تقول لربك غداً؟»
أعلاه من مأثورات المهندس يحيى حسين عبدالهادى، الذى فجّر قضية فساد بيع «عمر أفندى» عام 2006 التى لم تقم لـ«عمر أفندى» بعدها قائمة حتى الآن.
بالأمس القريب، استقال عزت محمود، رئيس الشركة، استقالة مسببة، معلناً انهيار شركة عمرها 150 عاماً، عمرها أكبر من عمر المعمرين فى هذا البلد الأمين، الرجل أعلنها صريحة: «كان يدير أزمة وليست شركة»، متهماً الحكومة بالامتناع عن إعانة الشركة وإنقاذها، سواء بتنفيذ حكم استردادها من وهاد الخصخصة، أو هيكلتها بضخ أموال تقدر بمليار و800 مليون لإعادتها إلى الحياة.
فشل عزت محمود كان متوقعاً، ولم يكن متوقعاً أن ينقذ الشركة، ولو تم ضخ المليارات ما كتب لها الحياة تحت هذه الإدارة التى سبق أن قررت بيعها سابقاً، جريمة تقييم «عمر أفندى» وبيعها للسعودى «القمبيط» كانت المسمار الأول فى نعش «عمر أفندى»، يومها شيعت الشركة إلى مثواها الأخير، ولم يتبق لعمال الشركة سوى البكاء على أطلالها، فروع خاوية إلا القليل منها لزوم بقاء الشركة على قيد الحياة.. تتنفس نفساً صناعياً.
الإدارة تعلن إفلاسها، والموظفون يمضغون الحصرم، وهم يرون شركتهم تخرب أمام أعينهم، يتاجرون فى الخسارة، خسارة عمرهم وشقاهم، وخسارة مستقبلهم الذى كان يوماً مشرقاً قبل أن تسقط الشركة صريعة تحت معاول الخصخصة الفاشلة التى لا أقامت صرحاً ولا أبقت صروحاً تحمل علامة تجارية عمرها قرن ونصف القرن، ومواقع تجارية تحتل نواصى وواجهات يحلم بها تجار القرنص، الذين تآمروا بليل على نهب الشركة، ومص دمائها حتى صارت جلداً على عظم، كالبقرة العجفاء لا تدر لبناً ولا تحتمل ذبحاً.
وقبل أن تغلق الشركة أبوابها بالكلية، ويتحول عمالها إلى متسولين، ينتظرون النفقة الشهرية بلا عمل ولا أمل، لماذا لا يستعين المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء بالمهندس يحيى حسين عبدالهادى، يسترده من موقعه خارج مصر إلى مصر، إلى شركة «عمر أفندى»، التى دفع من عمره سنوات، مدافعاً عن أصولها، ودخل فى معارك قاسية من أجل إنقاذها من براثن الخصخصة العقور التى نهشت الاسم، فسممته، فصار ملعوناً، لعنة عمر أفندى.
يحيى حسين هو فرصة «عمر أفندى» الأخيرة، والرجل قنوع لا طامع ولا طالب، لم يطلب لنفسه شيئا نحن نطلب إليه، ونتمنى عليكم متطلعين أن تكلفوه بمهمةٍ فشل فى إنجازها عتاولة قطاع الأعمال، لأنهم لم يلمسوا مواطن القوة، ولم يدرسوا الإمكانيات، ولم يقفوا على الكفاءات، ولم يثمنوا الجواهر التى بين أيديهم، ولم ينظروا إلى مستقبل هذه الشركة فى قلب قطاع التجارة الداخلية، كيف ينقذ قطاع الأعمال أعداء القطاع العام وسماسرة الخصخصة؟!
أعلم أن المهندس يحيى (على المعاش)، لكنه يملك برنامجاً طموحاً لإنقاذ «عمر أفندى»، ولديه الدراسات الكاملة لإنقاذ الاسم وإحياء العلامة التجارية، وبقدر يسير من الإمكانيات توفره حكومة محلب وإطلاق يد الرجل الأمين فى إدارة هذه الشركة العريقة يمكن تعويمها، والشركة تملك أسباب النجاح، فروع مميزة (80 فرعاً على ناصية الوطن)، وأراض فضاء خلف نادى السكة الحديد (16 ألف متر)، وموظفون أكفاء اشتاقوا إلى العمل ورديات، يصلون الليل بالنهار، فقط تضاء واجهات عمر أفندى مجدداً.