فى واحدة من مناطق الشمال فى سوريا، وبالقرب من الحدود مع تركيا، توجد مدينة اسمها مدينة الشيخ ريحان، وبالرغم من أنى لا أعرف، من هو هذا الشيخ ريحان بالضبط، الذى نقرأ اسمه على مدينة فى الشمال السورى، ثم على شارع فى وسط القاهرة، إلا أن للمدينة هناك قصة لها معنى كبير، لابد أن نتوقف عنده، وأن نلتفت إليه، وألا يفوتنا مغزاه فى أى لحظة!
والقصة أن الحكومة السورية، كانت فيما قبل حكاية الربيع العربى، تجهز مدينتها تلك، لأن تكون مدينة صناعية كبرى، ربما بلا مثيل فى منطقتنا كلها، من حيث حجمها، ومن حيث عدد المصانع فيها، ومن حيث أنواع النشاط الصناعى فيها أيضاً!
وحين جاء «الربيع» بما كان معه، ثم حين فتحت تركيا حدودها، لتنظيم «داعش» الإرهابى، وغير تنظيم داعش الإرهابى، فإن منطقة الشمال كلها فى سوريا، بدت وكأنها أرض الميعاد للإرهاب من شتى أنحاء الأرض، وفى الوسط من أرض الميعاد هذه، كانت مدينة الشيخ ريحان تقع، وكانت النتيجة القائمة على الأرض، الآن، أن المدينة صارت خارج السيطرة تقريباً بالنسبة للحكومة فى دمشق، وصارت من بين المناطق التى يرمح فيها الإرهاب، ويلعب!
ولم تكن هذه هى القصة.. لأن القصة الحقيقية لمدينة الشيخ ريحان، بدأت يوم بحث أردوغان عن المهندسين الألمان والصينيين الذين صمموا مصانع المدينة، والذين ركبوها فى أماكنها، ثم جاء بهم، ليفككوها، مصنعاً، مصنعاً، وينقلوها إلى داخل الأراضى التركية!
حدث هذا، ولايزال يحدث، تحت لافتة كبيرة، اسمها الربيع العربى، ثم حدث هذا، ولايزال يحدث، بما يشير لنا جميعاً، إلى أن إرهاب داعش، وغير داعش، لا يستهدف نظام الحكم فى دمشق، ولا الحكومة فى سوريا، كما قد يصوره لنا، وكما قد يعتقد بعض أصحاب النوايا الحسنة بيننا، ولكنه يستهدف بالأساس، أرض سوريا كلها، وشعب سوريا كله، والوطن السورى كله.. فلا تصدق أرجوك، كل ما يمكن أن يقال لك، بخلاف ذلك.. لا تصدقه، لأنه لا شىء على الأرض يؤيده، ولأنه مجرد ستار، ولأن سوريا الوطن، والأرض، والشعب، هى الهدف.. ولا هدف سواه!
ثم إنى أريد أن أنعش الذاكرة، بما كان محمد على باشا، فى أيامه، قبل 200 سنة من الآن، يقوله عن أن حدود أمن مصر بمعناه الأعلى، تمتد فى نظره إلى جبال طوروس، فى تركيا ذاتها، ثم أريد أن أنعش الذاكرة، مرة أخرى، بما قاله عبدالناصر، يوم فشل الوحدة بين مصر وسوريا، عام 1961، عن أن الوحدة إذا كانت قد فشلت، فليس هذا مهماًَ، لأن المهم هو ألا تسقط سوريا نفسها، تحت أى ظرف!
مدينة الشيخ ريحان، ليست حكاية عابرة!