أعرف خلود العميان كصحفية زميلة مجتهدة وعنيدة وناجحة، وأيضا كرئيسة تحرير للطبعة العربية من مجلة «فوربس».. ومنذ سنوات قليلة جدا، اعتادت خلود الترويج للطبعة العربية لمجلة «فوربس» العالمية العريقة والشهيرة بإجادة اللعب على التناقضات والسذاجة والحساسيات العربية.. فكان أن اخترعت حكاية أقوى الشركات العربية والبنوك والجامعات ورجال الأعمال.. وتنشر الأقوى فى كل مجال بالترتيب دون أى تفسير أو تحليل أو إجابة أى سؤال موضوعى أو شرح لمبررات وأسس الاختيار.. ثم التفتت خلود لما هو أكثر إثارة، فتوالت نتائج أقوى النساء فى العالم العربى أو أكثرهن نجاحا.. وكان كوميديا جدا ومفضوحا جدا أن تختار خلود مثلا ابنة صاحب شركة كبرى أو زوجة رجل أعمال كواحدة من أقوى نساء العرب، مع أن تلك المرأة لم ولن تقوم بأى عمل حقيقى أو تخوض أى تحد وتحقق أى نجاح تستحق عنه لقب الأقوى..
لكن خلود العميان ليست ساذجة وكانت تعرف الذى تحتاجه بالضبط.. وهى أن تجرى كل امرأة اختارتها لتقيم احتفالاً باعتبارها واحدة من أقوى نساء العرب.. لقب جميل بالتأكيد ورائع، خاصة أنه فى النهاية يحمل لقب «فوربس» بكل ما له من تاريخ واحترام.. وأمس الأول، قررت خلود ألا تكتفى باللعب بالنساء والشركات والبنوك والجامعات فقط، إنما اختارت أندية كرة القدم.. وأعلنت نتيجة استطلاع علمى دقيق قامت به الطبعة العربية من «فوربس».. وجاءت النتيجة تؤكد أن الزمالك المصرى هو الأقوى عربيا، ثم الهلال السعودى، ثم الكويت الكويتى، ثم الأهلى المصرى، ثم النصر السعودى.. وكانت خلود واثقة من نتيجة ما تقوم به.. أن يثور الجدل ويعلو الصراخ ويتحدث الجميع عن مجلة «فوربس» العربية واستطلاعها عن الأندية القوية كرويا.. كانت خلود متأكدة أنه لا أحد سيتوقف ليسألها عن معنى الأقوى ومعايير هذه القوة.. هل هى النتائج وعدد البطولات والألقاب أم الثروة والأرباح.. فخلود وزملاؤها لم يهتموا بذلك مطلقا.. لكنهم فقط انتظروا وتوقعوا كل هذا النجاح.. ويكفى أن نتابع المعارك الإعلامية عبر شبكات التواصل الاجتماعى فى مصر بين جماهير الأهلى والزمالك.. أو فى السعودية بين الهلال والنصر.. والأندية التى لم يكن لها ذكر، سواء فى قطر أو المغرب العربى.. وصدقت جماهير الزمالك هذه الكذبة فبدأت احتفالاتها.. وصدقتها أيضا جماهير الأهلى فبدأت تمارس الغضب والانفعال.. تماما مثلما تعمد الاتحاد الوهمى للإحصاء والتاريخ سابقا أن يقول إن الزمالك هو نادى القرن الحقيقى فى أفريقيا.. ففرحت جماهير الزمالك وأقسمت وصرخت بأنه اتحاد علمى ومحترم ولابد من احترام نتائجه.. وبعد وقت قليل كان نفس الاتحاد يعتذر عن خطأ وقع فيه، وأن نادى القرن الحقيقى هو أشانتى كوتوكو الغانى.. وأنا لست هنا ضد أى لقب حقيقى للزمالك أو الأهلى.. لكننى فقط ضد كل هذه السذاجة التى تسمح بأن يتلاعب بنا كل وأى أحد.. وضد هذه الاحتفالات التى أقامها الإعلام الكروى المصرى، وهذا الصخب الذى يكشف حجم طيبتنا وجهلنا أيضا.