قبل أسابيع وعقب زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى الناجحة لألمانيا، كتبنا فى هذه المساحة مقالاً بعنوان «جولات داخلية للرئيس»، طلبنا فيه من الرئيس أن يقوم بجولات بداخل البلاد على غرار جولاته الخارجية، يلتقى فيها مع الذين «أيدوه بأغلبية ساحقة ويتوقعون منه أداءً غير مسبوق، فهم يحق لهم أن يكون له جولات بينهم فى مختلف مناطقهم وبتنوع شرائحهم وفئاتهم، لكى يسمعوا منه مباشرة ما يجب أن يصل إليهم حول ما يجرى فى بلادهم وحولها بالداخل والخارج».
ومرة أخرى نتوجه بهذا المطلب للرئيس السيسى، لأن العام الثانى لحكمه، والذى بدأ منذ نحو شهرين، يحتاج منه لتفاعل مباشر مع المصريين الذى يعتمد عليهم وحدهم، كما يقول فى خطبه وكلماته ويظهر من أفعاله، فى إنجاز تصوراته وخططه لتغيير واقعهم وصنع مستقبلهم. وكما ذكرنا فى مقالنا السابق، فإن أهمية اللقاءات والجولات الداخلية المباشرة للرئيس تأتى من التساؤلات الكثيرة والواسعة التى تثار بين المصريين حول ما ستكون عليه البلاد فى حاضرها ومستقبلها القريب والهموم والمشاكل والأزمات التى يشكون منها فى الفترة الحالية الانتقالية الصعبة، وهى أمور لن يستطيع أن يقدم إجابات شافية عنها أو شروحات منطقية لها ومقنعة لهم سوى الرئيس نفسه. ونؤكد مرة أخرى أن لقاءات الرئيس المباشرة مع المصريين وجولاته بينهم سوف تعطى أيضاً رسالة أخرى مهمة فى الداخل والخارج باستقرار الأوضاع فى البلاد، فالتهديدات الإرهابية لا تحول بينه وبين التجول فى بلاده ولقاء أبناء شعبه دون حواجز.
ومثل هذه الجولات الداخلية المقترحة يمكن أن تتم فى عديد من الأطر، فهى يمكن أن تتم بصورة جغرافية، بحيث يلتقى الرئيس مع ممثلين للمواطنين المنتمين لمحافظات وأقاليم مصر الرئيسية فى عواصمها، أو إذا تعذر الأمر، لأسباب مختلفة، فيلتقى بهم فى القاهرة، وإن كان ذلك فى أضيق الحدود، فاللقاءات فى المحافظات والأقاليم تعطى النتائج الأفضل وترسل الرسائل الأهم. ويمكن أيضاً أن تتم لقاءات الرئيس مع المصريين بحسب فئاتهم أو شرائحهم الاجتماعية والعمرية، وهذه يمكن أن تنظم جميعها فى القاهرة بمعرفة الجهات المختصة بكل شريحة أو فئة، مثل العمال والفلاحين والشباب والمرأة وصغار وكبار رجال الأعمال وغيرهم.
وبمناسبة قرب افتتاح الموسم الدراسى الجديد، وبخاصة الجامعات، فمن المهم للغاية أن ينظم لقاء موسع للرئيس تتم إذاعته كاملاً على الهواء مباشرة فى وسائل الإعلام، مع طلاب الجامعات المصرية الحكومية والخاصة والأهلية، يقترح أن يتم فى قاعة الاجتماعات الكبرى بجامعة القاهرة، الأقدم والأكبر فى البلاد. ولا شك أن مثل هذا اللقاء الذى يعطى فيه الطلاب فرصة مناقشة الرئيس وطرح أسئلتهم وتخوفاتهم وحتى انتقاداتهم عليه مباشرة، سوف يكون فرصة كبيرة لكى يجيب عنها، وهو قادر بقوة على هذا، وأن يشرح لهم تفاصيل ما يجرى فى حكم البلاد الصعب وما يعترضها من عقبات ومشكلات كبرى، وأن يجد الطلاب أمامهم ومعهم أعلى مسؤول فى البلاد يناقشهم ويتفاعل معهم، وهم الذين يشكون من غياب المسؤولين الأقل عن التواجد معهم.
إن لكل اقتراح وحدث إيجابياته وسلبياته، ولا شك أن بعض الأفراد أو الأجهزة قد تقدر أن لقاءات الرئيس مع المصريين، وبخاصة مع طلاب الجامعات، لها من السلبيات أكثر من الإيجابيات، وهذا حقها فى التقدير. إلا أننا نرى أن تلك اللقاءات، وبخاصة المقترح مع طلاب الجامعات، سيكون لها جميعاً من الإيجابيات على إعادة لحمة المصريين، وبخاصة الشباب ودعمهم للرئيس الذى انتخبوه والنظام السياسى الذى أقاموه بعد ثورتين، أكثر بكثير من السلبيات التى قد يظنها البعض.
فهل نسمع قريباً عن مثل تلك الجولات، وبخاصة مع طلاب الجامعات بجامعة القاهرة؟ أظن أن الإجابة ستكون بنعم.