x

مي عزام مصر خرجت من توبها... «عيب» مي عزام الأربعاء 26-08-2015 21:31


ما هذه السيولة التى نعيشها؟؟.. ما هذا التشظى الذى وصلنا إليه؟؟؟... الجميع يصرخ متصوراً أن الآخر يسمعه، لكن الآخر مشغول بالصراخ هو أيضا، لا أحد يسمع إلا صوته... الكل يقول ولم يعد لدينا ما يقال إلا الترهات... زمان كنا نسمع مقولة «العرف أقوى من القانون»، لكن العشوائية التى نعيشها قهرت الاثنين: العرف والقانون.

لو نظرنا لواقع الشارع المصرى سنجده تحول لساحة للتحرش، الشجار، إذلال القوى للضعيف، وانتشار قاموس من الألفاظ الجارحة والخادشة للحياء..

ولو نظرنا لواقع المؤسسات الرسمية والسياسية والاجتماعية والدينية لوجدنا واقعا أليماً... كلام... كلام... كلام، وفى النهاية «لحسة من قعر الطبق».

لو نظرنا لتصريحات المسؤولين لشعرت بأننا وصلنا القمر... فالتقدم الذى ننعم به يفوق التوقع، والحقيقة أن ما نلناه من الرحلة الافتراضية للكوكب المعتم هو فقدان الجاذبية.

ولو نظرنا لحال الإعلام وما نشاهده من خلاله من حوارات ومشاجرات بين من نطلق عليهم «النخبة» لشعرنا بأن هؤلاء يحتاجون لأن يطبق عليهم العزل فى مصحة نفسية أو تحديد الإقامة.

كل شىء مباح، الانتهاك عنوان المرحلة، «اللى تغلبه إلعبه»، هل يمكن أن يستمر مجتمع على هذا الحال من سيئ إلى أسوأ؟ أم أن علينا أن نتوقف لنفكر فى إصلاح العوار الأخلاقى الذى أصابنا؟ كما نهتم بالإصلاح الإدارى فى الحكومة.

وهل هذا دور الدولة فى هذه المرحلة؟؟ هل يمكنها أن تصدر قانون القيم الأخلاقية بنفس سرعة وحزم قانون الخدمة المدنية؟

لدينا تجربة فى هذا المجال، لنعد قليلا بالزمن... فى عام 1980 أصدر الرئيس الراحل أنور السادات قانوناً اشتهر باسم قانون العيب. الرئيس المؤمن بأخلاق القرية كان يريد تعميم تلك الأخلاق، وأهمها من وجهة نظره كرئيس جمهورية احترام الصغير للكبير بلا نقاش ولا جدال. السادات كان يحب أن يصف نفسه بأنه كبير العيلة المصرية، رغم مخالفة ذلك للديمقراطية، فإدارة دولة بأسلوب الأب غير مقبولة.

كان قانون العيب فى ظاهره حماية المجتمع، وفى باطنه تكميم أفواه المعارضة، التى تعد عيباً فى ذاتها، إحدى المواد التوضيحية فى القانون كانت تفسر ماذا يقصد بالقيم الأساسية للمجتمع، على أنها: «المبادئ المقررة فى الدستور والقانون التى تستهدف الحفاظ على حقوق الشعب وقيمه الدينية والمقومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، والحفاظ على الطابع الأصيل للأسرة المصرية وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد، وحماية الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى». كلام إنشاء يراد به إرضاء الحاكم وتنفيذ أوامره... انتهى الحال بإلغاء القانون فى 2007.

الفكرة فى حد ذاتها كان يمكن أن تحدث تطورا كبيرا فى المجتمع المصرى حينذاك، لو كان الرئيس الراحل ورجاله فى الحزب الوطنى تعاملوا مع الأمر بحيدة وأمانة وموضوعية، فالأمر أهم من مجرد وسيلة قانونية لترويض المعارضين، تصور لو كان السادات بدلاً من أن يطلب من ترزية القانون تفصيل قانون بمقاس الجلابية الفلاحى، طلب من علماء مصر والمراكز البحثية دراسة عما حدث للمصريين من تغيرات أخلاقية وقيمية بسبب سياسة الانفتاح الاقتصادى التى طبقها وكان من أثرها تغيرات كبرى فى الهرم الاجتماعى، وتراجع قيمة العلم أمام المال، وهو ما رصدته السينما المصرية فى الكثير من الأفلام مثل «أهل القمة»، و«انتبهوا أيها السادة» وغيرهما.

لكن للأسف لم يفعل السادات ذلك ولا مبارك، فهل يمكن للرئيس السيسى أن يفعله؟ تكليف عدد من العلماء والمراكز البحثية بدراسة سلوك المجتمع المصرى ووضع تصور لما يجب أن يكون عليه مستقبلا وسبل الوصول لذلك الهدف، فالاهتمام بالبشر يجب أن يفوق الاهتمام بالحجر، فالإنسان المصرى لا يمكن أن يصنع مستقبلا مختلفا عن حاضره لو ظل على ما هو عليه... لا يجد من يقول لمرتضى منصور عيب.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية