x

صلاح منتصر فاروق ظالماً ومظلوماً (3) صلاح منتصر الإثنين 24-08-2015 21:00


حضرة المتهم صاحب الجلالة أبوه

الإنسان نتاج البيئة والظروف والتعليم الذى تلقاه والناس الذين أحاطوا به وصادقهم، ولهذا تهتم الأسر المالكة بصفة خاصة بما يسمى «صناعة الملك»، وهو على العكس تماماً ما لم يجده فاروق الذى نشأ بين أبوين مختلفين.. الأب وهو الملك فؤاد رجل يتسم بالحماشة والجدية والشارب المفتول وندرة الضحك، وقد صاحبته منذ تزوج نازلى عبدالرحيم صبرى (وهو الزواج الثانى بعد الأميرة شويكار) عقدة كبر السن، فقد كانت عندما تزوجها فى الخامسة والعشرين وهو فى الواحدة والخمسين أى ضعف سنها، فى وقت كان متوسط العمر قصيراً ويطلق على من بلغ الأربعين اسم الشيخ العجوز!

كان فؤاد وهو ابن الخديو إسماعيل قد صحب والده وسنه ١١ سنة عندما سافر إسماعيل منفيا إلى إيطاليا بعد عزله. وفى إيطاليا تعلم فؤاد وحصل على رتبة ملازم، وبعد ذلك تولى عدة مناصب فى قصر الأستانة والنمسا، ثم فى مصر كبيرا لياوران الخديو عباس حلمى الثانى الذى كان يكره الإنجليز، فلما قامت الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٤ وأراد الإنجليز تأمين مصر خلال الحرب عزلوا عباس حلمى (ابن توفيق ابن إسماعيل)، وعهدوا بالحكم إلى السلطان حسين كامل (ابن إسماعيل وشقيق فؤاد) الذى توفى بعد ثلاث سنوات وخلفه شقيقه أحمد فؤاد بعد اعتذار الابن الأمير كمال حسين الذى كان مقيما فى باريس وغارقا فى حب امرأة فرنسية فضلها على عرش مصر فكان أن وجد فؤاد نفسه سلطان مصر، وبعد ذلك أول ملك فى تاريخ مصر الحديث.

ولم تكن نازلى هى الزوجة الأولى لفؤاد، فقد تزوج أولا من الأميرة شويكار من الأسرة المالكة (صاحبة القصر الذى فيه حاليا مجلس الوزراء) وأنجب منها إسماعيل الذى مات قبل أن يبلغ سنة والأميرة فوقية. ولم تدم الحياة الزوجية بينهما بسبب سوء معاملة فؤاد فتم الطلاق، إلى أن وقع اختيار فؤاد على نازلى عبدالرحيم صبرى حفيدة سليمان باشا الفرنساوى من ناحية الأم، وقيل إنها كانت تحب شخصا هربت إليه على طريقة الأفلام قبل يوم الزواج، ولكن الرجل خاف فأعادها إلى بيت والدها، ليتم الزواج القائم على كبر السن من ناحية فؤاد وعدم الحب من ناحية نازلى بين رجل منغلق اجتماعيا وزوجة تبدأ الحياة، وقد استمر إلى وفاة فؤاد عام 1936 بعد أن أثمر فاروق ولى العهد وفوزية وفايزة وفايقة وفتحية.

وقد أثرت عقدة السن على فؤاد داخل القصر الذى بدا فيه أشبه بالسيد عبدالجواد، سواء لنازلى التى حبسها فى القصر لا ترى أحدا حتى ابنها الذى لم ترضعه وتكفلت تربيته مربية إنجليزية، أو فاروق نفسه الذى لم يعرف أصدقاء من طبقته بسبب إحساس فؤاد بغيرة وحقد أقاربه له لوصوله إلى عرش البلاد بطريق الحظ، فمنع عنه مصادقة أحد، متصورا أنه يمكن أن يشغله باللعب التى تعوضه حرمانه من أصدقاء سنه. وكان من بين اللعب التى أحبها فاروق قطار يتحرك بالكهرباء على قضبان فى شكل دائرى كثيرا ما كان يتعطل فيستدعون عامل الكهرباء بالقصر لإصلاحه. وكان فؤاد تأثرا بسنوات تعليمه فى إيطاليا قد اعتمد فى شغل معظم أعمال القصر على الطليان: الكهربائى والحلاق وميكانيكى السيارات وغيرهم مما جعلهم يكونون عصابة خفية. وهكذا فإنه عندما تكرر تعطل القطار كان فاروق يجد أمامه عاملا إيطاليا متخصصا فى الكهرباء يتولى إصلاح القطار، وبالتالى نشأت علاقة فاروق بـ«انتونى بوللى» عامل الكهرباء الإيطالى الذى فيما بعد أصبح أقرب الناس إلى فاروق وأستاذ إفساده من خلال «الشؤون الخاصة» التى كان يجيدها ويجد فيها فاروق ما يرضيه.

وكان من سوء حظ فاروق وحظ مصر أيضا عدم تلقى فاروق أى مستوى مناسب من التعليم رغم ما وصف به فاروق من ذكاء فطرى، وهكذا فإنه عندما تولى عرش مصر فى سن السابعة عشرة وثلاثة شهور بعد أن دبرت أمه نازلى مع مصطفى النحاس باشا رئيس الوزراء، توليه العرش فى سن الثامنة عشرة حسب التوقيت الهجرى، كان ملك مصر الذى أحبه الشعب بصورة حقيقية شاباً جاهلاً أكثر منه متعلماً، ولم يعرف عن مجالسه أنها ضمت ما تميز به العصر من مثقفين ومفكرين، بل كان أصدقاؤه داخل القصر من العاملين الطليان وخارج القصر من الذين يمضى معهم إما السهر على موائد القمار، أو الحفلات التى يرتبها له «بوللى» ويحلو لفاروق أن يمارس فيها قدراته على صيد النساء فى الوقت الذى كان معظمهن هن اللاتى يصطدنه!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية