بدأت الصراعات الحزبية بين التيارين المدنى والدينى، والتى شهدها البرلمان المنحل، تطرق أبواب مجلس النواب المقبل، قبل انتخاب أعضائه، فبعد تأسيس أحزاب مدنية لحملة «لا للأحزاب الدينية»، اتخذ حزب «النور» موقفا دفاعيا بتأسيس حملة مضادة تحت اسم «لا للأحزاب العلمانية». ووصف خبراء وأساتذة العلوم السياسية فى تصريحات لـ«المصرى اليوم» ما يحدث بأنه «حرب خيبانة»، و«إفلاس سياسى»، فيما أكد حزبيون أن هناك ذيولاً لجماعة الإخوان فى بعض الأحزاب الدينية، ويجب حرمان مرشحيها من دخول البرلمان.
قال الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن تقسيم المجتمع السياسى إلى مدنى وإسلامى، ومسيحى ومسلم، وحشد المساجد والكنائس الأصوات للدفاع عن المدنية والعلمانية أو الإسلامية، هو أمر كارثى، ومن أسوأ الأمور التى تواجه البرلمان.
وهاجم «ربيع» حملة «لا للأحزاب الدينية»، وقال إنها لا تعمل ولا تريد لغيرها أن يعمل، فحزب النور شارك فى ثورة 30 يونيو، وكان الترحيب به واجباً وقتها، فلماذا يتحول الأمر إلى الهجوم عليه الآن، خاصة مع تأكيد الحزب أنه ليس إسلاميا، لكنه سياسى بمرجعية دينية، واصفا ما يحدث بأنه «حرب خيبانة»، وتوقع أن يستحوذ النور على مجلس النواب المقبل، لأنه يمتلك وجودا قويا فى الشارع، مثلما استحوذت جماعة الإخوان على برلمان 2012، ولكن بصورة أقل هيمنة.
أوضح د. عمرو الشوبكى، مستشار رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن كل هذه الصراعات غير دستورية وغير قانونية، فليس من حق حزب المطالبة بحل آخر، إلا فى حالة دعوته للطائفية، لكن المطالبة بحل حزب لأن مرجعيته دينية أمر غير قانونى، مضيفا أنه ليس مع الأحزاب المدنية ولا العلمانية، فما يحدث هو جزء من السجال السياسى غير الصحى، وما نراه فى مصر كلها راجع لعدم وجود نقاش عام على القضايا الأهم فى المجتمع.
ورأى الدكتور محمد السعيد إدريس، أستاذ العلوم السياسية رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب (المنحل)، أن الاتهامات المتبادلة بين الأحزاب المدنية وحزب النور تعد بمثابة «إفلاس سياسى»، وهم يدركون جميعا أنهم فى واد والشعب فى واد آخر، مشيرا إلى أن حزب النور يروج مفهوما خاطئا للعلمانية بأنها «اللا دين» دون أن يدرك أن العلمانية حظر إدخال الدين فى السياسة.
وتابع: «حزب النور يلتقى مع أفكار داعش والسلفية الجهادية، حيث يجاهد لحكم المجتمع من خلال رجال الدين، والفرصتان الموجودتان أمامه، إما التفرغ للعمل الدعوى، أو طرح مشروع سياسى إذا رغب فى الاستمرار بالحياة السياسية، وألا يكتفى كما كان الإخوان فى السابق بطرح شعار (الإسلام هو الحل) وعندما وصلوا للحكم حكموا وفق أيديولوجية قادتهم».
ورأى عبدالغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبى، أن الانتخابات لن تشهد صراعا طائفيا، لأن الأحزاب الدينية فقدت تواجدها فى الشارع، والجميع يعرف دورها السلبى، واصفا حملة «لا للأحزاب العلمانية» بأنها «محاولة من حزب النور لتحسين صورته والرد على حملة لا للأحزاب الدينية».
وأشار الدكتور رفعت السعيد، رئيس المجلس الاستشارى لحزب التجمع، إلى أن الغرض من حملة «لا للأحزاب الدينية» هو تطبيق المادة رقم 74 من الدستور، والتى تنص على عدم جواز قيام الأحزاب على أساس دينى، فى الوقت الذى يؤكد فيه حزب النور السلفى أن مرجعيته دينية.
وأكد «السعيد» ضرورة اللجوء إلى لجنة شؤون الأحزاب لتطبيق نصوص الدستور، وفى حالة عدم الاستجابة يتم تقديم طعون أمام مجلس الدولة وجمع التوقيعات، مضيفا أن «امتناع الحكومة عن تطبيق الدستور يعد خوفا وعدم شجاعة»، وأشار إلى أن رفض الأحزاب الدينية لا يوجد فيه أى نوع من «الإقصاء»، لأنهم يستغلون «تلالاً من الأموال» فى الانتخابات ويروجون بين الناخبين أن مؤيديهم سيدخلون الجنة.
وقال أحمد عودة، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، إن دعوة حل الأحزاب الدينية قائمة منذ العمل بالدستور الجديد، إلا أنه مع اقتراب الانتخابات البرلمانية تتزايد نبرة دعوة الحل من أجل منع تسلل الموالين لجماعة الإخوان إلى البرلمان.