x

منصور كامل التسوّل بالأطفال وغيبوبة الدولة منصور كامل السبت 22-08-2015 22:09


أصبحت الجرائم الاجتماعية مركبة، بنفس تعقيدات وتركيبات المجتمع الذي نعيش فيه، فجرائم خطف الأطفال التي ازدادت حدتها خلال السنوات الماضية اقترنت بها جريمة استغلالهم في التسول والمتاجرة بأجسادهم الضعيفة وبراءتهم وطفولتهم التي اغتصبت من قبل مجرمين لا تعرف الرحمة طريقاً إلى قلوبهم، ربما في قصة الطفل الأشقر الذي عُثر عليه مع متسولة، وعجزت عن إثبات نسبه، دلالات عديدة، فلقد حوَّلته المتسولة إلى مدمن بإعطائه كميات كبيرة من المنوم، وأحدثت به عاهات في أنحاء متفرقة من جسده الضعيف، وأصابه المرض بتضخم الكبد.

الدولة بأجهزتها الأمنية تبذل جهوداً مضنية لمحاربة الاٍرهاب الذي يستنزف موارد الدولة ومنشآتها، ولكنها لم تكن بنفس الهمة في التصدى للجرائم الاجتماعية، ومنها بالطبع خطف الأطفال، بل ان جهود التصدى للمتاجرة بأطفال مختطفين واستغلالهم بالتسول لم تزد على كونها جهوداً فردية من قبل بعض المنظمات الحقوقية، أو من قبل بعض المهتمين الذين دشنوا صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى لمكافحة هذه الظاهرة.

وقبل أشهر استنفرت الأجهزة الأمنية بعد خطف أحد أحفاد رجال الأعمال بالجيزة، ولم تمض أيام حتى عاد الولد بسلام إلى أهله، وهو أمر محمود للأجهزة الأمنية، ولكن لن نجد مثل هذا الحماس مع عشرات من الأسر الفقيرة والمتوسطة ممن يُختطف أبناؤهم.

إيطاليا، ومن خلال رئيسى وزرائها الحالى والسابق، وجَّهت الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى بعد أن أعاد لسيدة إيطالية ابنتها التي اختطفها والدها المصرى عنوة ودون موافقتها، وذكروا في شكرهم أن هذه الجريمة استحوذت على اهتمام الرأى العام الإيطالى بأكمله، فما بالنا بعشرات من الأسر اختطف أبناؤهم من عصابات لا ترحم، فواجب الدولة أن تعمل ليل نهار حتى تعيد آخر طفل تم اختطافه لأحضان أهله.

وإن كانت الدولة غابت أو فشلت في حل مشكلة أطفال الشوارع، رغم وعود كبيرة بحلها، ورغم وجود وزارة للتضامن الاجتماعى، فإن عليها أن تتصدى وبسرعة لظاهرة التسول بالأطفال بعد اختطافهم من أسرهم، خاصة أن هؤلاء الأطفال لهم مأوى وأسر تبحث عنهم، ولن يكلفوا الدولة عناء الإنفاق عليهم.

هذه الظاهرة تكشف بوضوح عن غياب التنسيق بين أجهزة الدولة لحلها، فواجب على الدولة أن تتبنى مشروعاً قومياً لمكافحة هذه الظاهرة التي أصبح يكتوى بنارها أسر فقدت فلذات أكبادها، وأطفال وقعوا تحت يد لا تكف عن الأذى، وقلوب لا ترحم براءتهم، وهذا المشروع القومى تتعاون فيه وزارات التضامن الاجتماعى والداخلية والصحة، والمركز القومى للبحوث الجنائية، واتحاد الإذاعة والتليفزيون، ويكون لكُلٍّ دوره، بدءاً من فحص نسب الأطفال بالشوارع الموجودين مع متسولين، ونشر إعلانات مجانية عنهم عبر شاشات التليفزيون، سواء من تعرض للخطف أو من تم العثور عليهم، وسن القوانين الرادعة للتصدى لهذه الظاهرة، وهو واجب أصيل على الدولة نتمنى أن تحققه في أسرع وقت.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية