الارتحال علمه أن يجمع التراث، وأشعار «ابن عروس» التى وقعت فى يده مصادفة منذ عامين جعلته يبدأ رحلته فى عشق الفلكلور والتراث الشعبى ورحلته فى جمعه وحفظه وتدوينه وإنشاده وهو لم يتجاوز السابعة عشرة من العمر، «عبدالله حافظ»، طالب بالمرحلة الثانية فى الثانوية العامة من سكان المنصورة فى السابعة عشرة وهب عاميه الأخيرين لجمع التراث وحفظه لأنه يرى فيه كنزاً يجب أن يظل هناك من يحافظ عليه: «أصل الحاجات دى كنز ماينفعش تضيع.. وبعدين ربنا يدى طولة العمر لسيد الضوى آخر منشدى السيرة الهلالية، لكن التراث ماينفعش يبقى له آخر، لازم نورثه».
يرى أن ما يقوم به ليس بتجميع للتراث، لأنه لم يضف جديداً للتراث المجموع حتى الآن رغم محاولاته فى معرفة الأشعار من سكان القرى القديمة، لكن الإنجاز الذى يفتخر بأنه يفعله - على حد قوله - هو عرض التراث بشكل جديد ومختلف وتقديمه لأقرانه بصورة أكثر شبابية ليقول لهم إن تراثنا يحوى كل ما هو جميل.
حين كان يسمع «حافظ» بعض أسماء جامعى الفلكلور يذهب مسرعاً للبحث عنهم: «المسألة كانت صدفة لكن اللى يحب الفلكلور يلاقيه بحر ويبقى عايز يدخل فيه أكتر وأكتر من غير ما يحس بتعب».
يعوض الفلكلور «حافظ» عما يسمعه من أغان حديثة لا يجد فيها اهتماماً على مستوى الكلمة واللحن: «كرهت نوع الأغانى المنتشرة اليومين دول والذوق المنحدر اللى عند معظم الناس وعشقت التراث، ده غير إن فيه حاجات كتيرة منه ليها نزعة صوفية وبتبقى مدح فى سيدنا النبى»، حين كان «حافظ» يتناقش مع أصدقائه أو يذكر اسم إحدى الشخصيات التى تركت أثرا فى التراث، كانوا يسألونه «مين دول» فكان دائماً ما يشرح لهم دورهم فى الفلكلور المصرى: «سيد الركابى صاحب الصوت الذى يتربع على عرش قلبى بلا منازع، أما الشيخ جابر أبوالحسين، صاحب السيرة الهلالية، والشيخ على جرمون صوته يدخل القلب، أما مربعات ابن عروس فدى الحاجة اللى بهرب بيها من الدنيا، وفيه منهم اللى اخذ حقه بشكل كبير فى تراثنا وهناك عظماء مازالوا مغمورين لا يعرفهم أحد مثل حفنى أحمد حسن اللى محمد محيى غناله مظلوم، ويوسف شتا صاحب المبادئ والقيم الحميدة، على عكس الريس متقال (اللى أخد حقه تالت ومتلت).
واجه عبدالله العديد من الصعوبات خلال رحلته فى جمع التراث أولها من وجهة نظرة هى دراسته للثانوية العامة، لأنها تسرق منه أغلب الوقت، وتعليقات العديد من الأفراد من حوله مثل: «اللى إنت بتعمله ده مش حاجة أصلاً وكل الناس تعرف تعمله»، بالإضافة لكونه يقوم بذلك وحده دون مساعدة من أحد، وهو ما يجعله يجد صعوبة فى الحصول على الكتب والمراجع الخاصة بالتراث والفلكلور على الرغم من كثرتها.
يسعى «عبدالله حافظ» لدراسة الفلكلور وتحويل الأمر من مجرد هواية إلى احتراف، يتمنى أن يتخرج فى المعهد العالى للفنون الشعبية، الذى يطمح فى دخوله، وأضاف أن لديه مشروعه الخاص وهو أن يبحث فى الصعيد عن بعض شخصيات التراث والفلكلور، ويقوم بتسجيل التراث بأصواتهم، ويشرحها للشباب بطريقة بسيطة تقرب التراث من قلوبهم: «قبل الفلكلور كنت بسمع موسيقى لكن مش نوع معين، ولما سمعت الفلكلور حسيت إنى لقيت مشروع حياتى، وحسيت إنى اتجوزت وخلفت كمان، لأن الفلكلور عالم كبير أوى مابيخلصش أبداً، زى جراب الحاوى»