x

عمرو الليثي أبوالغلابة عمرو الليثي الخميس 20-08-2015 21:37


ومازلنا مع الحاكم العادل عمر بن عبدالعزيز، رضى الله عنه، الذى كانت فترة حكمه للأمة الإسلامية والتى استمرت سنتين وخمسة شهور وخمسة أيام فقط، من أكثر الفترات المليئة بالخير والبركة والعدل، فهو حاكم عادل سار على نهج وخطى الفاروق عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، ومنذ اليوم الأول لخلافته وهو يعلم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه ويخاف من هذه المسؤولية أمام الله، حتى إنه عندما نام القيلولة فى اليوم الأول من توليه الخلافة، فأتاه ابنه الصالح عبدالملك بن عمر بن عبدالعزيز، فقال: يا أبتاه، تنام وقد وليت أمر أمة محمد، فيهم الفقير والجائع والمسكين والأرملة، كلهم يسألونك يوم القيامة، فبكى عمر واستيقظ..

ابتكر عمر بن عبدالعزيز نظاما رائعا للبريد، يرسل إليه أفراد الرعية بموجبه شكاواهم ومظالـمهم من كل بلاد المسلمين لكى يستطيع أن يلمّ بأحوال رعيته، ومن ضمن الرسائل التى جاءت له رسالة من أمة فقيرة تدعى فرتونة السوداء من الجيزة بمصر، كتبت لأمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز بدمشق لتشكى له أن حائطا لدارها قصيرا متهدما، يتسوره اللصوص ويسرقون دجاجها، وليس معها مال تنفقه فى هذا السبيل.. ليكتب إليها ذلك الخليفة العادل ليطمئنها أنه علم بشكواها وليس هذا فقط بل يخبرها أنه أرسل لوالى مصر كتابا ليذهب إليها بنفسه ليبنى لها الحائط ليحصن بيتها من السرقة التى تتعرض لها، وكتب عمر بن عبدالعزيز كتاباً إلى والى مصر يأمره بالبحث عن فرتونة السوداء والذهاب إليها بنفسه لتحصين بيتها، وبالفعل ذهب والى مصر بنفسه يبحث عن فرتونة السوداء ليجدها امرأة فقيرة مسكينة ليحصن لها بيتها ويعلى سورها.. وعلى الرغم من بساطة حكاية فرتونة السوداء إلا أنها كفيلة بتوثيق عصر ذهبى كان العدل فيه يطبق على الجميع، فهى قامت بإرسال رسالتها إلى خليفة المسلمين، وعلى الرغم من بعد المسافة إلا أنها كانت متيقنة من إجابته ونصرتها ومساعدتها، وعندما وصل مكتوب الخليفة لوالى مصر لم يرسل شخصا آخر، بل على العكس ذهب بنفسه لنجدة هذه المرأة الفقيرة، فالعدل كان هو السائد، وكان هو منهج هذا الإمام العادل الذى اجتهد فى مدة ولايته - مع قصرها- حتى رد المظالم، وصرف إلى كل ذى حق حقه، وكان ينادى فى كل يوم: أين الغارمون؟ أين الراغبون فى الزواج؟ أين اليتامى؟ أين المساكين؟ حتى أغنى كلا من هؤلاء.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية