لم يكن الرئيس السيسى محظوظاً بأمه فقط.. لكنه أيضاً كان محظوظاً بالشعب.. وما أدراك حين تحبك أمك؟.. وما أدراك إذا الشعب أحبك؟.. وقد بدا حب الشعب للرئيس منذ اللحظة الأولى لانحيازه لثورة الشعب.. كما بدا يوم استدعاه لقيادة مصر، ويوم فوضه فى مواجهة الإرهاب.. أيضاً بدا هذا الحب فى مواساة الشعب للرئيس، بمجرد علمه بنبأ وفاة السيدة والدته، رحمها الله.. «طوفان من برقيات العزاء»!
اسودّت صفحات الفيس بوك، وانهالت برقيات العزاء لتملأ فضاء الإنترنت.. كأن أم الرئيس هى أم لكل مصرى.. معناه أن الرئيس محظوظ بالشعب أيضاً.. فهو الذى يؤيده فى كل خطواته.. لدرجة أنه يتأثر عندما يراه معكّر المزاج.. وقد بدا الرئيس فى الندوة التثقيفية للجيش مهموماً على غير عادته.. ليس لهول المهمة التى يحملها.. وإنما لأنه ربما كان قد بلغه يقيناً أن أمه فى حالة متأخرة جداً، قبل أن ترحل!
أمهات الرؤساء لسن من طينة مختلفة.. لكنهن بالتأكيد يتمتعن بمواصفات خاصة.. قال السيسى إنها أرست قيماً ينبغى إحياؤها وتأصيلها من جديد.. سواء فى علاقتها بالجيران، أو بالأولاد أيضاً.. فلم تميز واحداً عن واحد.. ولم تميز ولداً عن بنت.. مع أنها كانت بنت عصر مختلف.. لكنها كانت تحمل طاقة كامنة فى داخلها هى التحضر.. والتحضر لا يرتبط بالتعليم أساساً.. وكانت هى «المدرسة الأولى» للرئيس!
الأم مصنع الرجال.. أتذكر اليوم أمى، يرحمها الله.. كانت تدفعنى للتفوق دائماً.. كانت تقول لى «عاوزاك تطلع الأول، وتسلم على عبدالناصر».. كان عبدالناصر من الزعماء الأسطوريين.. وكان فى قصص المساء يشبه الشاطر محمد.. كان فارساً يستطيع أن يقفز إلى البحر من شاطئ لآخر مرة واحدة.. وكان هناك من ينسج القصص الخيالية حول شخص الزعيم.. كثيرون شبّهوا «السيسى» الآن بعبدالناصر!
عندما ماتت أمى بكيت حتى كاد رأسى ينفجر.. أحسست أنه لا أحد لى بعدها.. ومن يومها كلما ماتت أم أحد الأصدقاء بكيت تلقائياً.. أحس بإحساس الفراق الذى قد يؤلمه.. الأم تستطيع أن تدفعك للأمام بكلمة بسيطة.. تستطيع أن تفجر طاقاتك الكامنة.. توفر لك السعادة بدعوة مخلصة.. تصنع لك أملاً.. أظن أن السيسى كان مفتوناً بعبدالناصر.. ويقال إنه سلّم عليه فى مناسبة ما، وربما غيّرت مجرى حياته!
الأم هى المدرسة الوطنية الأولى.. هى التى ترضعك التسامح، أو ترضعك أى صفات سلبية.. هى الحاضنة الأولى لحالة الصفاء النفسى، أو غيرها من الصفات الشاذة.. السيسى كان محظوظاً بأمه فى هذه الناحية.. وهو الآن محظوظ بشعب يحبه.. يشاركه فرحته.. يشاطره العزاء أيضاً.. ملايين برقيات العزاء.. تشبه الاستفتاء الجديد على شخص الرئيس.. بالتأكيد الحب من الله.. وقد يكون سببه دعاء الوالدين!
عاشت الحاجة «سعاد» حتى أصبح ابنها رئيساً للجمهورية.. اطمأنت عليه طوال عام.. تدعو له بأن يحميه من كل شر، ويبعد عنه شر الإرهابيين.. حضرت افتتاح القناة، ثم استأذنت ربها فى الرحيل.. لكل هذا كان السيسى محظوظاً بأمه.. ويبقى أنه محظوظ بشعبه.. يؤيده ويؤازره.. وما أدراك إذا الشعب أحب!