x

محمود مسلم حكومة «الجزر المنعزلة».. هل لها من تغيير؟! محمود مسلم الجمعة 14-08-2015 22:04


بعد افتتاح القناة الجديدة يتساءل الشارع السياسى: هل سيتم تغيير الحكومة قبل الانتخابات البرلمانية أم بعدها؟! ومتى ستجرى الانتخابات؟! وإذا كانت الأجواء توحى بقرب إعلان مواعيد الانتخابات فإن التغيير الوزارى المنتظر لا توجد مظاهر له باستثناء بعض التقارير الصحفية المكررة عن إعداد الأجهزة الرقابية تقارير حول أداء الوزراء الحاليين، لكن هذا لا يمنع أن البعض يرى ضرورة إجراء تغيير وزارى فورى، خاصة أن قدرة الحكومة الحالية على ملاحقة الأحداث ضعيفة، وأداؤها باهت، ولا تعرف من المسؤوليات سوى زيارات «الشو» الميدانية، حتى لو لم تحقق نتائج ملموسة، كما أنها تفتقد التناغم وتعمل كجزر منعزلة، وأبرز مثال معركة القطن بين وزيرى الصناعة والزراعة وأزمة ضرائب البورصة بين وزراء المجموعة الاقتصادية، وخلاف وزير التعليم العالى مع وزير البحث العلمى، كما أن الرؤية الجماعية غائبة عن هذه الحكومة والنجاحات فيها فردية ومؤقتة..

والأهم من ذلك كله أن الحكومة جاءت بمفهوم أنها انتقالية لعدة أشهر حتى الانتخابات، وبالتالى رفعت شعار «الطبطبة» وعدم الحسم، رغم أنها كانت أمامها فرص ذهبية لإصدار قرارات صعبة وقوية لم تحظ بها حكومة من قبل، لأن معها رئيساً منتخباً بشعبية كاسحة، بلعت الجماهير من أجله أخطر قرار وهو تخفيض الدعم، كما أن المطالب الفئوية تلاشت، على عكس السنوات الأخيرة، أملاً من الناس في الاستقرار، والأهم أن الحكومة لا يراقبها أحد، فمجلس الشعب غائب والأحزاب تائهة والائتلافات الثورية والشبابية اختفت.. وحتى الإعلام دعم هذه الحكومة كثيراً.

تغيير الحكومة أو تعديلها أصبح أمراً ضرورياً بعد افتتاح قناة السويس، ولا يجب تكرار «حجة» أن الوقت ضيق لأن مصر أمامها 6 أشهر حتى يبدأ البرلمان أعماله، وهى فترة كبيرة من عمر الأوطان في مثل هذه الظروف، كما أن هناك فرصة لأن يقدم الرئيس مجموعة جديدة من الوزراء للبرلمان المقبل قد يكونون «طوق النجاة» من الخلاف البرلمانى المرتقب حول الحكومة.. ولا يجب ترديد كلمات «الاستقرار» و«مفيش كفاءات»، لأن التجارب تثبت عكس ذلك، فقد طالبنا من قبل بتغيير نبيل فهمى، وزير الخارجية السابق، وعاند النظام وقتها كثيراً ثم جاء سامح شكرى ليثبت أن الأداء أفضل، وأن التغيير في صالح الوطن، ثم تكرر نفس السيناريو مع محمد إبراهيم، وزير الداخلية السابق، الذي بحت الأصوات لتغييره، ولم يلتفت النظام، ثم جاء مجدى عبدالغفار بأداء أفضل نسبياً حتى الآن.. وتكرر المشهد ثالثاً في حالة وزير العدل، فقد طالبنا بأحمد الزند، وزيراً، ولم يستجب أحد حتى جاء الرجل وأثبت في أشهر قليلة جدارته بالمنصب، وسوء اختيارات من قبله، لكن بعد أن دفعت مصر الثمن في حالات تأخر التغييرات المطلوبة.

هذه الحكومة المحظوظة التي جاء تشكيلها الأول في فبراير 2014 على أنها انتقالية تستمر عدة أشهر لحين انتخاب الرئيس الجديد في يونيو، لكن الرئيس رأى استمرارها لحين انتهاء الانتخابات البرلمانية نهاية عام 2014، فإذا بالتأجيل يشفع للانتخابات ولها حتى الآن، وبالطبع جاء تشكيلها وسط اعتذارات كثيرة لأن المناخ لم يكن يسمح بقبول الكفاءات من أصحاب الرؤى، وبالطبع فإن التاريخ سيقف كثيراً كيف وصل هؤلاء لهذه المناصب مثل وزراء التعليم العالى، الزراعة، القوى العاملة، الاتصالات، النقل.

لقد وعد الرئيس السيسى بإنشاء وزارتين جديدتين منذ شهرين خلال رحلة ألمانيا وهناك مطالب ملحة وعاجلة بعودة منصب وزير الإعلام.. كما أن واقعة «البلدوزر» التي أفصح عنها السيسى خلال أحد لقاءاته ثم اجتماعاته مع كل وزير على حدة دون حضور رئيس الوزراء.. كلها مؤشرات حول التغيير الوزارى المرتقب، لكن إذا رأى الرئيس عكس ذلك فعليه أن يعلن ذلك بصراحة، لأن ما يتردد عن التغيير الوزارى منذ عدة أشهر جعل الوزراء في حالة خوف وميل إلى المنظرة والعمل اليومى أكثر من الاستراتيجيات والمشروعات الكبيرة والرؤى، هذا بالإضافة إلى خوفهم التقليدى والمستمر من التوقيع على مصالح الناس، خشية السجن، لأن معظمهم جاء في فترات انتقالية.. وبالتالى الرئيس ليس أمامه إلا أن يعلن استمرارهم حتى يستقروا، أو يتخذ القرار الأصعب بسرعة ويبدأ إجراءات تغييرهم حتى تنتهى أسوأ مقولة تتردد بين الناس، أن الرئيس نشيط أو يعمل كالصاروخ بينما الحكومة مسحولة وتسير بسرعة السلحفاة، لأن الرئيس هو المسؤول الأول والأخير عن هذه الاختيارات.. كما أعتقد أن السنوات الأخيرة قد قضت للأبد على نظرية «المسؤول الكبير الطيب ومن حوله دون المستوى»!!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية