x

عبدالرحمن مقلد يكتب.. كيف آمنت بصلاح عبد الصبور

الجمعة 14-08-2015 16:10 | كتب: اخبار |
الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور تصوير : آخرون

كيف تلبست، هذا الشاب، يا سيدي الشاعر؛ حتى جن بما تكتب، برغم عدم إدراكه في هذا الوقت لكنهه ولا ما يكون أصلا.

يقرأ الشاب قصائد «الناس في بلادى» ويتوقف طويلا عند قصيدة «أبى»، وخاصة عند قوله: «ذاتَ فجرٍ، تذكرت أبي عقَرَ الكلبُ أخي وهو في الحقل يقُودُ الماشية فبكينا حين نادى يا أبي! إننا الأغرابُ في القفر الكبير إننا ضِقْنَا وضاقَتْ روحنا»، فيستغرب ما الذي يكتبه هذا الرجل، يرى كلمات قليلة لا تشبه ما يعرف من شعر ولا ما قرأ سابقا.

يتساءل الشاب الغِرُ وروحه مسلوبة وهو يقرأ، ما يكتب هذا الرجل، وما الذي يأخذك في هذا الكلام البسيط، الذي لا تجد فيه جزالة ولا فخامة بل على العكس، لا ترى فيه إلا هشاشة لغوية وموسيقى فقيرة وقوافى قريبة«.

ما الذي جذبك في هذه الكلمات، حتى بت الليل كله تقرأ بارتعاشٍ، كل جملة، وكأن جنًا مسك، تقرأ بصوت منخفض، وبهدوء لم تتعود عليه، تقرأ الحوارية في قصيدة «لحن»: «أشرقى يا فتنتى.. مولاى.. أشواقى رميت بى.. آه لا تقسم على حبى بوجه القمر»، فتجن بها، تتعجب من وصفه لجسد حبيبته في قصيدة «أغنية في فيينا»: «يا جسمها الأبيض مثل خاطر الملائكة»، وتسأل من أين أتى بهذا الكلام.

تنشد قوله «لو أننا كنا كغصنيْ شجرَه.. الشمس أرضعتْ عروقنا معا، والفجرُ روّانا ندىً معا ثم اصطبغنا خضرةً مزدهِرهْ.. حين استطلنا.. فاعتنقنا أذرُعا.. وفي الربيع نكتَسي ثيابَنا الملوّنهْ.. وفي الخريفِ نخلعُ الثياب.. نعرَى بَدَنا»، فتسأل أساتذتك عن شاعر اسمه صلاح عبدالصبور، وتخبرهم كيف أنه اخترع كلامًا جديدًا، وأن هذا ليس بما جاء به السابقون.

وحين تعرف أن ما يكتبه عبدالصبور يسمى الشعر الحر، وانه تطور جديد للكتابة الشعرية العربية، فتتبعه، وتؤمن أنه هو الأحق بالصحبة وبالاتباع، وتشكر لهذا المبعوث البسيط أنه أنقذك وأنقذ القصيدة الحديثة ولم يترك لنا إلا كل جميل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية