بجملة بسيطة مكتوبة على تي شيرت أحمر ارتداه بعد فوزه ببطولة أمريكا المفتوحة للسومو، لخص البطل المصري، رامي الجزار، حكايته: «البداية بلا شيء، والنهاية انتصار»، هكذا بدأ كعامل بسيط في شركة غزل المحلة، وهكذا انتهى كبطل عالمي، حقق العديد من البطولات الدولية في لعبتي السومو والجودو، كان آخرها بطولة أمريكا، الأحد الماضي.
وأعلن الموقع الرسمي للبطولة، فوز لاعب السومو المصري، رامي الجزار، بالمركز الأول في الوزن الثقيل، بعد تغلبه على اللاعب المنغولي، بايامبافاج، الذي لم يخسر مباراة واحدة على مدار 9 أعوام، والمركز الثاني في الوزن المفتوح، حاصلًا لمصر بذلك على ميداليتين ذهبية وفضية.
وحصل الجزار على عدة بطولات دولية، بينها المركز الأول في بطولة بولندا الدولية للسومو، في 2014، في الوزن المفتوح، وحصوله في المسابقة نفسها على كأس أقوى لاعب في العالم، كما حصل على المركز الأول في بطولة العالم، التي أقيمت في المجر، 2015، وفي رياضة الجودو حصل الجزار على المركز الأول ببطولة العرب للشباب في 2002، وكذلك في بطولة أفريقيا في 2004.
يعمل الجزار عاملًا في قسم صيانة الغزل، بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، وتقدم بأكثر من طلب للحصول على تفرغ للاهتمام بالنشاط الرياضي، خاصة أنه مُدرب فريق غزل المحلة للجودو، (براتب 140 جنيهًا)، وأنه لاعب في منتخب مصر للسومو، وحاصل على العديد من البطولات، إلا أن طلبه كان يُرفض كل مرة، والسبب: «العمل في حاجة إليك»، يقول: «أحد مديري الشركة قال لي في إحدى المرات: احنا شركة اللي يشتغل يقبض واللي ميشتغلش ميقبضش، وعندما قلت له إنني أسافر في مهام رسمية وأمثل مصر، قال لي: مليش دعوة».
عندما فاز رامي الجزار ببطولة أفريقيا في 2004، حصل على مكافأة من نادي غزل المحلة قدرها 14.60 جنيه، وعندما فاز بكأسين في بطولة بولندا الدولية، علقت إدارة شركة غزل المحلة منشور تنوه لمشاركته، وليس فوزه، وتشكر بعض الإداريين دون توجيه الشكر للاعب، إلا أن الأمر لا يتوقف على ذلك، يقول: «عندما أسافر مع المنتخب، الشركة تتعامل معي كعامل عادي، وليس ممثل لمصر في مهمة رسمية، وعندما أعود من السفر محققًا بطولات، لا أجد حتى كلمة شكر، بالعكس أجد نفسي مفصولًا، بسبب تأخر المنتخب في مخاطبة الشركة، و(أبوس الأيادي) وأنتقل من مكتب لآخر، كي أعود لعملي مرة أخرى، ولكن مرتبي في النهاية يكون خُصم منه الحوافز والبدلات».
في وضع اجتماعي واقتصادي لا يختلف عن وضع غيره من عمال غزل المحلة، يعيش «الجزار» في عزبة البرلسي جنوب المحلة الكبرى، رغم ذلك قرر المشاركة في بطولة أمريكا المفتوحة للسومو، على نفقته الخاصة، دون أن يتحمل منتخب مصر أو الاتحاد المصري للجودو والسومو، أي تكلفة، يقول الجزار في اتصال مع «المصري اليوم» من الولايات المتحدة: «غير مصرح للاعب سوى بمعسكر أو بطولة واحدة في العام، وأنا وصلني دعوة من بطولة أمريكا المفتوحة، عرضتها على الاتحاد فرفضوا تمويلها، فقررت المشاركة فيها على نفقتي الخاصة هدية مني لبلدي، لأنها بطولة مهمة جدًا، ولها تأثير قوي، ولو استطعت أن أفعل أكثر من ذلك لفعلت».
يخضع السومو إداريًا الاتحاد المصري للجودو والإيكيدو والسومو، وعرفت مصر هذه الرياضة منذ 1992، ورغم ذلك فهي مصنفة بين الدول الكبار في اللعبة إلى جانب اليابان وأوكرانيا ومنغوليا وتايلاند. وتقوم اللعبة على لاعبين داخل حلبة تسمى «دوهيو»، تتوسطها دائرة، يحاول كل لاعب فيهما إخراج المنافس منها، أو جعل أي جزء من جسمه بخلاف الأرجل يلامس محيط الدائرة.
يتحدث رامي عن انتصاره في بطولة أمريكا الدولية بفخر قائلًا: «اللاعب الذي فزت عليه، لم يخسر مباراة واحدة على مدار 9 أعوام، وله شعبية جارفة في الولايات المتحدة»، ويضيف: «كنت أتمنى الفوز بالذهبية في الوزن المفتوح كما فزت بها في الوزن الثقيل، لكني فزت بالميدالية الفضية، الحمد لله، لأني بعد 14 مباراة في الوزن الثقيل ومثلها في المفتوح كنت أشعر أن قلبي سيقف، خاصة أنني كنت أصرخ طوال الوقت للجمهور ليردد ورائي: «مصر.. مصر».
وعن تكريمه بعد عودته إلى مصر، قال الجزار: «تكريمي الوحيد هو رفعي علم مصر اليوم أمام أكثر من 7000 متفرج داخل الصالة، وأكثر منهم حول العالم، الذين كانوا يشاهدون البطولة على قنوات فوكس سبورت، التي كانت تنقل المباريات، وجعلتهم يقفون في صمت وقت رفع العلم المصري، الذي سيبقى فوق الجميع، أنا ألعب هنا باسم مصر، رغم أنني مسافر على نفقتي الشخصية، وأتمنى أن أقدم لبلدي أكثر من المال والعرق كي أراها أجمل وأقوى بلد اقتصاديًا وتكنولوجيًا وكي يعيش شعبها في أمان وسلام»، وأضاف الجزار: «تكريمي فقط بعد تكريم العسكري الذي استشهد وهو يدافع عن الوطن، وبعد تكريم المواطن الذي يحاول تصحيح صورة مصر في الخارج ويدعوهم لزيارتها، تكريمي سيتلخص في أن أرى كل مصري يتعب لهدف واحد فقط هو مصر».
يتابع الجزار: «أنا أعيش حالة غريبة هنا في الولايات المتحدة، الأمريكيون يعتقدون أن مصر تعيش حالة حرب مثل ليبيا، أحاول أن أشرح لهم الوضع، وهدفي تحسين صورة مصر، كان حلمي أن أجعل 7000 متفرج في الصالة يهتفون في توقيت واحد باسم مصر، والحمد لله تحقق هذا الحلم».