x

كلام حواوشى

الأحد 28-12-2008 00:00 |

علمنى الدكتور «يوسف إدريس»، فترة تتلمذى على الاستماع لكلامه والاستمتاع بقراءته، أن الكلمة ليست بلاغة بقدر ما هى صدق.. كان المبدع الحاضر رغم غيابه يرى أن للكتابة قدسية يعرف معناها المحترمون.. وتعلمت من الأستاذ «محمود عوض» على مدى أكثر من ربع قرن، شرفنى خلالها بأن يقربنى منه، أن الصحافة تحترم الذين يحترمون القارئ.. وكان دائم القول لى: «إياك من الاستخفاف بالقارئ.. فقد تخدعه بعض الوقت.. لكن يا ويلك إذا اكتشف أنك مخادع»!!.

وكان «جلال سرحان»، وهو الحاضر فى ذهنى وأفكارى يقول لى دائما: «لا تتسرع بالكتابة، وأسرع دائما بالقراءة».. وأكد المعنى عندى «مصطفى شردى» وأرفض أن يسبق اسمه الراحل، لأنه كان دائم التنبيه بأن من الأفضل القراءة والفهم على الانبهار بكتابة الكلام «الحواوشى».

وعرفت من «محسن محمد» إبان فترة تتلمذى على يديه فى جريدة الجمهورية أن خطأ الصحفى أبشع من خطأ الطبيب.. فالطبيب إن أخطأ يقتل مريضا، أما الصحفى فيمكن أن يقتل أمة بخطأ واحد.. سيما لو اعتقد فى صواب جهله، واستمر على طريق المجهول يلهث ويحاول أن يغرى الناس بأن يلهثوا خلفه !! ولا أنسى للأستاذ «أنيس منصور» أنه قال لى ذات يوم: «الصحافة لا تكذب أبدا لأن وظيفتها كشف الكذابين»،

كما يبقى درس الأستاذ «إبراهيم سعدة» راسخا فى ذهنى: «ابحث عن الإثارة واعلم أن ما يفصل بينها وبين الصدق بكل جفافه شعرة لا تختلف عن شعرة معاوية».. ولا يمكن أن أتجاهل أو أنسى ما تعلمته من الأستاذ «إبراهيم نافع» الذى كان يؤمن بأن: «الصحافة الرشيدة والمحترمة تصنعها قيادات واعية».. ولا شأن لى إن كان لم يترك خلفه أولئك الواعين!!

وعلمتنى تجربة صديقى الحى رغم غيابه «مجدى مهنا» أن المخلص والصادق يعيش، حتى وإن غاب عن الحياة.. وسيبقى «فيليب جلاب» باقيا فى وعيى ووجدانى، لأنه كان دائم القول لكل من اقترب منه: «احترم نفسك قبل أن تسأل عن احترام الآخرين»!!

وأتذكر دائما الباقى رغم اختلاف الدنيا معه «موسى صبرى» الذى دافع عن كل ما يؤمن به، حتى إن اعتقدت الأغلبية فى خطأ آرائه وأفكاره.. بل وإن رائحة عمى وأستاذى «فتحى رزق» لا تغيب عما أتنفسه من مواقف واحترام وتقدير للذات.. وكذلك المقاتل الذى أتمنى أن أطمئن عليه «سمير تادرس» فهو أستاذ «جنينة» نقابة الصحفيين - وقت أن كان للصحفيين نقابة – وعفوا إن كنت لم أتمكن من تعلم شىء من نقيب الصحفيين الحالى «مكرم محمد أحمد»!!

الصحافة هى عقل الأمة ووجدانها.. وعظمة «الأهرام» أنها عنوان الوعى والتنوير ولحظة إعلان التحدى عند «الشعب المصرى الشقيق».. فقد عاشت تجربة الأستاذ «محمد حسنين هيكل» طويلا، لأنه رجل تعبد فى محراب المهنة.. وإن كان لم يهتم بأن يقدم قيادات تحمل اللواء من بعده.. وهذا عكس ما فعله «مصطفى وعلى أمين» اللذان اختارا طريق الحياة بالبشر.. أى الصحفيين الذين يحافظون على المهنة من أشباه المتطفلين عليها..

فالمتطفلون على الصحافة ظهروا بعد أن غاب «صلاح حافظ» و«فتحى غانم».. ولو اتسع المجال لذكرت آخرين من العمالقة الذين قدموا صحافة، تختلف عن أولئك من رؤساء التحرير فى زمن «الكلام الحواوشى»!! مع كل الاحترام والتقدير للذى ابتكر رغيف الحواوشى، فهو يختلف عما نأكله هذه الأيام.. فهو يصيب البطن بالألم، قدر ما يصيب كلام «اللى بالى بالك» من تخلف عقلى!!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية