x

رفع العقوبات الدولية ينعش خزينة إيران ويطلق يد الحرس الثوري (تقرير)

الأحد 09-08-2015 17:43 | كتب: رويترز |
احتفالات في شوارع طهران بإتمام الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى في فيينا احتفالات في شوارع طهران بإتمام الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى في فيينا تصوير : أ.ف.ب

من المقرر أن يتم رفع العقوبات المفروضة على عشرات الشركات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني بموجب الاتفاق النووي الذي تم التوصل اليه بين إيران والقوى العالمية، وستنعش أموال العقوبات الخزينة الإيرانية، لكنها ستثير مخاوف الخليجيين وإسرائيل.


والحرس الثوري قوة عسكرية لها إمبراطورية صناعية قوية وتتمتع بنفوذ سياسي هائل.

ومن المرجح أن يغضب هذا التطور منتقدي الاتفاق في الولايات المتحدة وإسرائيل على الأقل، لكنه ربما يكون محل ترحيب من الإيرانيين المتحمسين للانفتاح من جديد على العالم الخارجي. وسيكون على الشركات الغربية التعاون مع الحرس الثوري على أصعدة مختلفة، حتى يتسنى لها العمل في بعض قطاعات الاقتصاد الإيراني الأكثر إدرارا للأرباح.

وتتمتع الشركات المرتبطة بالحرس الثوري الذي يعتبر نفسه المدافعة عن قيم الثورة الإيرانية وحائط الصد في مواجهة الهيمنة الأمريكية، بنفوذ كبير بحيث يمكن أن يساعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها في تسهيل إعادة دمج قطاعات كبيرة من الاقتصاد في التجارة العالمية.

لكنها عملية معقدة وستنفذ على عدة مراحل، إذ يتعين أن تنتظر بعض الشركات لثماني سنوات حتى ترفع العقوبات بينما توجد مؤسسات أخرى لا يمكن أن تنتظر تنازلات من واشنطن حتى بعد مضي تلك الفترة وهو ما يعبر عن المخاوف بشأن الأنشطة التي خارج حدود إيران.

ومن بين هذه الشركات شركة «خاتم الأنبياء للإعمار»، التابعة للحرس الثوري التي تسيطر على 812 شركة تابعة على الأقل تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، وتعتبر واشنطن أنها تقوم «بنشر أسلحة الدمار الشامل».

وسيحذف الاتحاد الأوروبي الشركة من على قائمة العقوبات خلال 8 سنوات، بينما لن ترفع الولايات المتحدة العقوبات التي تفرضها عليها. وسيكون على رجال الأعمال الأجانب وقتها، تقييم إلى أي مدى يمكنهم التعامل مع شركاء كهؤلاء دون أن يعرضوا أنفسهم للعقوبات الأمريكية.

ووفقا لإحصاء أجرته «رويترز» بناء على ملاحق نص الاتفاق النووي فسيتم شطب في المجمل نحو 90 مسؤولا حاليا وسابقا بالحرس الثوري، وكيانات مثل الحرس الثوري نفسه وشركات قامت بمعاملات لحساب الحرس من قوائم العقوبات النووية للولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة.

وسترفع العقوبات الأوروبية عن مجموعة صغيرة متى يبدأ سريان الاتفاق النووي في «يوم التنفيذ» المتوقع أن يكون خلال العام المقبل.

وسيرفع الاتحاد الأوروبي العقوبات التي يفرضها على كيانات أخرى خلال 8 سنوات، مثل بنك صادرات إيران الذي تتهمه واشنطن بتحويل الأموال إلى جماعات تعتبرها «إرهابية» مثل حزب الله و«حماس»، بينما ستستمر العقوبات الأمريكية.

ويقول مارك دوبوفيتز المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن أي شركات مرتبطة بالحرس الثوري تحذف من قوائم العقوبات في مرحلة التنفيذ ستتمكن من «نقل الأموال بحرية عبر البنوك العالمية والتعامل من خلال شبكة سويفت المالية للربط بين البنوك والاقتراض والإقراض»، وسيمكنها الحصول على دعم مؤسسات تمويل الصادرات الأوروبية.

ولن ترفع معظم الكيانات التابعة للحرس الثوري مثل فيلق القدس الذي ينفذ عمليات في الخارج، والقوة الجوية والصاروخية التابعة للحرس من على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي، لحين بلوغ المرحلة الثانية خلال نحو 8 سنوات. لكنها جميعا ستظل خاضعة للعقوبات الأمريكية المفروضة بدعوى «دعم أنشطة إرهابية» أو باعتبار أنها «تنشر أسلحة الدمار الشامل».

وتشمل هذه المجموعات أسماء يرجح أن تثير جدلا على الأقل في الغرب. ومن بين هؤلاء قائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي اضطلع بدور مهم في تقديم المشورة لقادة الفصائل الشيعية المسلحة بالعراق وكذلك للقوات الحكومية السورية.

وتضم قائمة من سيشملهم رفع العقوبات خلال نحو 8 سنوات أحمد وحيدي، وهو قائد سابق للحرس الثوري تطلب الشرطة الدولية «الانتربول» إلقاء القبض عليه لدوره المزعوم في تفجير مركز يهودي في بوينس أيرس عام 1994. وينفي وحيدي أي علاقة له بالأمر.

وسيحذف الاتحاد الأوروبي سليماني من قائمة العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي، لكنه سيبقي على تلك المرتبطة بسوريا والإرهاب. وتنفي ايران أي علاقة لها بالإرهاب.

وكانت المكاسب التي ستعود على الحرس الثوري الذي يقدر دبلوماسي غربي عوائده السنوية من مجمل أنشطته التجارية بما بين 10 مليارات و12 مليار دولار، محورا لمعظم الغضب داخل الكونجرس الأمريكي بشأن الاتفاق.

ويقول منتقدون غربيون إن الاتفاق لا يكفي بأي حال من الأحوال لضمان ألا تتمكن إيران أبدا من إنتاج سلاح نووي وهو الطموح الذي تنفيه إيران. ويسعى الجمهوريون وبعض الديمقراطيين في الكونجرس إلى استصدار قرار بإلغاء الاتفاق.

ومن المقرر رفع العقوبات أيضا عن عشرات الشركات الصغيرة المرتبطة بالحرس الثوري بعضها ضالع بصورة مباشرة في شراء أو تصنيع العتاد العسكري.

ومن بين هذه الكيانات شركة صناعة الطائرات الإيرانية التي تصنعطائرات حربية وطائرات بلا طيار وشركة الصناعات البحرية، التي تقول وزارة الخزانة الأمريكية إنها مسؤولة عن استحواذات القطع البحرية لكل من الحرس الثوري والقوات البحرية. وسيرفع الاتحاد الأوروبي العقوبات خلال نحو ثماني سنوات بينما ستبقي الولايات المتحدة عليها.

ويقول خبراء إن على الرغم من فرض العقوبات، فقد ازدهرت أعمال الحرس الثوري بفضل التحكم في تهريب السلع المحظورة من الدول المجاورة عن طريق الخليج.

والمصالح التجارية للحرس منتشرة على نطاق واسع جدا بحيث قد يكون من الصعب رفع العقوبات بصورة ملموسة عن ايران دون تخفيف القيود إلى حد ما على بعض الشركات الرئيسية.

ويقول المستشار السابق بوزارة الخزانة الأمريكية الذي حاليا بمركز القانون والأمن بجامعة نيويورك، زخاري جولدمان «بدون شطب أطراف معينة في يوم التنفيذ... على سبيل المثال بعض البنوك أو الشركاتالمرتبطة بقطاع النفط سيكون رفع العقوبات صعبا».

وقال دوبوفيتز إن الحرس سيتمكن الآن من ممارسة هيمنته على الاقتصاد في ايران ليكون بمنزلة قناة تتدفق عبرها الاستثمارات الجديدة إلى ايران، وإن من المرجح أن يطلب الدخول في مشاريع مشتركة والمشاركة في الأرباح وغير ذلك من المزايا من الشركات الساعية للعمل في السوق الإيرانية المربحة.

وأضاف «أي شركة تريد العمل في قطاع استراتيجي مهم من الاقتصاد الإيراني ستضطر للتعامل التجاري مع الحرس الثوري».

وسعت إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما إلى التهوين من المكاسب المحتملة التي ستعود على الحرس من الاتفاق الذي يخفف العقوبات مقابل الحد من أنشطة برنامج إيران النووي.

وقال مدير وكالة المخابرات القومية الأمريكية، جيمس كلابر إن من المرجح أن تنفق إيران معظم ما ستجنيه من رفع العقوبات على أولويات محلية، وإن كيانات مثل الحرس الثوري لم تفقد تمويلها قط حتى في أحلك أوقات الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد.

وقال خلال منتدى أمني عقده معهد «آسبن» في يوليو الماضي، متحدثا عن الحرس «تلقى التمويل في كل الأحوال حتى في ظل نظام العقوبات، لهذا أنا واثق أنه سيحصل على بعض المال لكنني لا أعتقد أنه سيحقق مكاسب مفاجئة ضخمة».

ويجب أن تتحرك الشركات الأجنبية بحذر عندما تتجه لإقامة علاقات مع الشركات الإيرانية حتى مع رفع عقوبات الاتحاد الأوروبي. وتختلف السياسات الأوروبية والأمريكية في بعض النقاط مما يترك مجالا للحيرة.

وفي شهادات أمام الكونجرس في يوليو الماضي وأغسطس، قال مسؤولون كبار في وزارة الخزانة إن الوزارة ستواصل تطبيق العقوبات التي تستهدف الحرس.

وقال القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والمعلومات المالية، آدم شوبين في شهادة مكتوبة للجنة البنوك بمجلس الشيوخ، إن أي بنك أجنبي «يجري أو يسهل معاملة مالية كبيرة مع شركة ماهان اير للطيران أو شركة الإعمار التابعة للحرس الثوري خاتم الأنبياء سيجازف بفقد إمكانية تعامله مع النظام المالي الأمريكي وهذا لا يتأثر بالاتفاق النووي».

وتتهم واشنطن شركة «ماهان إير» للطيران بشحن الأسلحة للحرس الثوري، وتوفير خدمة النقل لجماعة حزب الله اللبنانية التي تعتبرها جماعة إرهابية.

واعترف شوبين أنه سيجري رفع العقوبات عن بعض الشركات التي عوقبت فيما مضى لتعاملها مع الحرس الثوري. وقال «لدينا شركات قامت... بتعاملات غير مباشرة مع الحرس الثوري على مدار الوقت وفرضنا عليها عقوبات باعتبار أنها قامت بأنشطة تجارية لحساب الحرس الثوري. لدينا شركات كهذه من المقرر أن ترفع عنها العقوبات في مراحل مختلفة بموجب الاتفاق».

لكن تصريحات إدارة أوباما لم تحقق نجاحا يذكر في تهدئة مخاوف أعضاء الكونجرس، الذين يقولون إن الحرس الثوري سيستفيد كثيرا من رفع العقوبات.

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بوب كوركر في جلسة استماع عن الاتفاق الإيراني الشهر الماضي إن الحرس الثوري سيكون «المستفيد رقم واحد من رفع العقوبات».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية