x

أحمد الجمال هى ظاهرة واحدة.. هناك وهنا أحمد الجمال الثلاثاء 04-08-2015 21:19


من باب الحرث فى المحروث والتبليط فى المبلط أن يتكرر الكلام والصراخ عن عنصرية الصهاينة، وعن إجرامهم وعن تجردهم من كل القيم الإنسانية.. بل والمسلك الحيوانى، لأن الغابة بقوانينها الحتمية الجبرية ليس فيها حيوان يحبس حيوانا آخر ويشعل فيه النيران! ذلك أن الثابت منذ أن نشأت الحركة الصهيونية واتجهت لمشروعها السياسى هو أنها حركة استعمارية استيطانية عنصرية عدوانية واستئصالية، مهما كانت محاولات تجميل وجهها بإظهار وجود تفاوتات بين أحزابها وحركاتها وتجمعاتها ومنظريها وساستها أو بالتفوق فى بعض مظاهر الحياة فى فلسطين المحتلة كمجالات الزراعة والرى والهندسة الوراثية وغيرها من التطبيقات العلمية، التى ساهم فى تقدمها انتساب الباحثين فيها والعلماء إلى مجتمعات أوروبية وأمريكية وتعلمهم وعملهم بها إلى أن انتقلوا للدولة العبرية، ولم تنقطع صلتهم بما حملوا جنسيته من قبل!

ولعل أبلغ رد على جريمة حرق الرضيع الفلسطينى مع أسرته هو أن يستمر الفعل المقاوم والآخر المقاتل على جميع الأصعدة.. المقاوم فى فلسطين وكل الأرض العربية وكل مكان فيه بشر يسكنهم ضمير حى وعقل يقظ وروح إنسانية لا تعرف التمييز ولا التعصب.. والمقاتل هناك على الأرض المحتلة حتى يتم إحقاق الحقوق الفلسطينية التى أقرتها الشرائع الدولية ومنظماتها!

فى الفعل المقاوم هناك عشرات المجالات التى بدأت مظاهر مقاومة فلسفة الوجود الصهيونى تظهر فيها، حيث بات معروفا أن هناك جامعات ومؤسسات وجماعات نخبوية فى أوروبا وآسيا والأمريكتين بدأت تقاطع مثيلاتها فى الدولة العبرية وترفض المشاركة معها فى محافل دولية، وترفض أيضا الذهاب إلى تلك الدولة بسبب تمييزها وعنصريتها.

والفعل المقاوم على مستوانا نحن فى مصر والدول العربية يجب أن يتجاوز مجرد المقاطعة والرفض إلى مجال آخر هو أن نسعى فعليا لتحقيق التميز العلمى والبحثى والتطبيقى فى كل مجال، ليكون لدينا قاعدة صلبة ومتطورة، وقابلة للتقدم تؤدى إلى ألا ينجح سعى الصهاينة لتكون دولتهم هى القوة العظمى للمنطقة، وهى قلعة التقدم العلمى والبحثى والتقنى، وهى واحة الديمقراطية فى محيط من التخلف والهمجية!

وعلى ذلك فإننى أذهب إلى أنه من صميم الفعل المقاوم للصهاينة ودولتهم العبرية أن نواصل التصدى الفعال غير المحدود لجماعة الإخوان الإرهابية وامتداداتها التى تتنوع فى عدة أشكال ومناهج نشاهدها ونتابعها ونكتوى بنارها الآن ابتداءً من داعش والنصرة وبيت المقدس، وليس انتهاءً بالسلفية حزبية وجهادية وغيرهما!

ولقد سبق أن كتبت عن الصهاينة اليهود والصهاينة الإسلاميين وسُقت أوجه التطابق بينهما، وها هو الموضوع يطرح نفسه ثانية بمناسبة جريمة مصرع الطفل الرضيع حرقا وإصابة بقية أسرته على يد استعماريين استيطانيين صهاينة يعبرون فى نظرى عن أنقى مظاهر الفكرة والحركة الصهيونية، مثلما يعبر الإخوان وسلالاتهم الداعشية والمقدسية والنصراوية وغيرها عن أنقى مظاهر الفكر والحركة المسماة الإسلام السياسى، وما تلك الأسماء التى تجرعناها ردحا طويلا من الزمن باعتبارهم أقلاما ووجوها مستنيرة تعبر عن الأمل فى التأصيل الحضارى والثقافى لمشروعنا الوطنى التحررى القومى إلا المكافئ لأسماء ظنها البعض وجها مستنيرا داعيا للسلام والوئام فى المجتمع الصهيونى، وهرول إليهم بعض المفكرين والسياسيين من النخبة المصرية والعربية.. ثم ظهر أن الظاهرة لا تتجزأ، وأن «المستنير» الصهيونى يمكن أن يناقشك ويزايد عليك فى كل قضية ثم يصمت ويصاب بالخرس إذا طرقت مسألة وجود الدولة العبرية وقوتها وتفوقها على محيطها مجتمعا!!

ولقد استغل الكاتب الضلالى إياه فرصة جريمة إحراق الطفل الفلسطينى، ليعقد مقارنة بين من سماهم دواعشهم ودواعشنا، وإذا قرأت ما كتبه فإنك ستظن أنه يدين الاثنين ويجرمهما، غير أنه كالعادة ما إن يبدأ فيبدو مستقيم الطرح إلا وسرعان ما يعوج طرحه، وكأنه يدلل على مصداقية المثل القائل «كيف يستقيم الظل والعود أعوج».

«فدواعشنا» حسب تعبيره يسعون لفكرة هى الخلافة، وأما «دواعشهم» أى الصهاينة فيسعون لبناية هى الهيكل!! وينسى أو يتناسى أن الخلافة لم تكن فكرة أو معنى وإنما هى مبنى منذ اللحظة التى داس فيها المهاجرون على بدن زعيم الأنصار فى السقيفة.. ثم تعاظم المبنى قبل أقل من نصف قرن ليصبح قصورا وإماء وخصيانا وظلما وعنصرية طالت أحفاد صاحب الرسالة، صلوات الله عليه، وكان الظلمة يقفون ليسبوا آل محمد على المنابر ثم يجلسون للتحيات فيصلون على محمد وعلى آل محمد!! لم تكن الخلافة التى يسعى لها ليس فقط الدواعش وإنما أعلن سعيه لها وعزمه عليها بديع والشاطر ومرسى والكتاتنى وبقية العصابة فكرة ولا حلما وإنما مغنم يرتب ملكا عضوضا وراثيا للأسرة أو للجماعة!

ويذهب ذلك الكاتب إلى أن مشروع الدواعش العرب سحابة طارئة غير مرشحة للاستمرار، فى حين دواعش الصهاينة لهم وضعهم المستقر من الناحيتين السياسية والقانونية، وهم هراوة الدولة الإسرائيلية.. إلى آخر ما كتب.. غير أن التاريخ والواقع يثبتان أن دواعش العرب موجودون منذ الفتنة الكبرى على الأقل ولم يختفوا لحظة، لأن وجودهم مستمر، إما حركيا على أرض الواقع أو مستمرا فى بطون المتون المتراكمة التى يحشى بها عقول طلاب العلم فى المعاهد الدينية!

وخلاصة ما أود قوله هو أن الرباط متين والعلاقة عضوية موصولة بين إنشاء ووجود وتعاظم الظاهرة الصهيونية وبين إنشاء ووجود وتعاظم الظاهرة الإخوانية، لا أستثنى منها أحدا.. لأن أمثال يورى أفينيرى على الجانب الصهيونى موجودون على الجانب الإسلامى وهم معروفون ولطالما تجرعناهم وخطبنا ودهم وساهمنا فى صناعة أسمائهم وزكيناهم، وجلبنا لهم مساحات الصحف ليكتبوا ويحصلوا على أعلى الأجور.

جريمة الصهاينة فى فلسطين قائمة ومستمرة إلى أن نبنى أوطاناً حرة متقدمة بالعلم والبحث والجهد والعمل المتقن ورفض كل ما ومن يزعم أنه امتلك الحقيقة المطلقة، وأن بيده مفاتيح الملك والملكوت!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية