يلعب المُناخ دورًا محوريا في حياة الإنسان، لا يقتصر على أنشطته الاقتصادية فحسب، بل يمتد ليشمل صحته النفسية والجسدية، ورغم عدم وجود تأكيد لعلاقة المناخ والجسد البشري، إلا أن هناك مجموعة من الأدلة التي تُشير إلى وجود تأثير سلبي لدرجات الحرارة المرتفعة، وتحاول الدراسات العلمية رصد مدى التأثيرات العميقة لتغير المناخ على الصحة العامة، لتجد في نهاية المطاف أن هناك رابطًا خفيًا بين تلك التغيرات ومعدلات المواليد والوفيات وانتشار الأمراض.
ففي دراسة علمية نشرها موقع مركز الأرض للعلوم المناخية، قال باحثون إن درجات الحرارة المرتفعة قد ترفع من مُعدل الوفيات أكثر من موجات البرد، حيث تتسبب درجات الحرارة المرتفعة في زيادة الضغط الجوي، الأمر الذي يرفع من ضغط الدم؛ ما يؤدي إلى زيادة مُعدلات الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. ويقول الخبراء إن التغيرات في الضغط الجوي يُصاحبها الشعور بالصداع، إذ تؤثر على كتل الدماغ وترفع درجة حرارتها، وهو ما يسبب ذلك الشعور.
تعمد إلحاق الأذى بالنفس، مرض قد يُسببه الطقس السيئ، فمع تغير حالة المناخ للأسوأ، تتأثر الصحة النفسية والعاطفية للإنسان، حسب دراسة نفذها الدكتور «جاري ديكسون» المتخصص في الطقس الحيوي، والذي يقول إن تأخر الربيع أو مجيء الصيف مُبكرًا، قد يسببان تغير المزاج؛ الأمر الذي يُعزز الميول الانتحارية.
الطقس الحار يؤدي إلى تفاقم أعراض الربو والحساسية، إذ يتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة ارتفاع في نسب تلوث الهواء، الأمر الذي يزيد من صعوبة التنفس لدى المرضى بعلل الصدر.
مع زيادة مدة النهار في الصيف، تزيد فترة التعرض للضوء الساطع، وهو ما ينتج عنه الصداع النصفي. ويقول العلماء إن قدرة الجسد على التحكم في مستويات السكر في الدم تقل حال تغير درجات الحرارة، الأمر الذي يُضيف صعوبات للمتعايشين مع مرض السكري.
وبحسب تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية، تتغير نسب المواليد بناءً على الأحوال الجوية، ففي نصف الكرة الشمالى؛ يزيد عدد المواليد الذكور في السنوات التي تشهد طقسًا دافئًا عن مثيلاتها ذات الطقس البارد، ولا يزال السبب مجهولا، إلا أن ثمة تكهنات تقول إن السبب قد يرجع إلى أن درجات الحرارة تُغير التوازن في الهرمونات التي يفرزها الجسم، أو في إنتاج السائل المنوى فيما يرى البعض أن ما يحدث هو آلية تطورت مع الإنسان لتعزيز فرص الأم في نقل جيناتها: فالذكور لديهم فرصة أقل في الإنجاب من الإناث إذا كان وضعهم الصحي سيئاً، لهذا تقرر أجسادنا جنس الجنين بناء على البيئة التي نعيش فيها.