عقب إطلاق صافرة نهائي كأس العالم العسكري عام 2011 بإعلان فوز الجزائر على مصر بهدف نظيف التقطت الكاميرات هذا المشهد: «لاعب مصري منفعل، يدفع بيديه أحد المنافسين، يتوافد المنظمون، يقفون حوله ويحاولون إبعاده، يفلت من بينهم، يركض صوب منافس آخر يقفز عاليًا ثم يركله في ظهره، ثوان قليلة يتحول بعدها الملعب إلى ساحة عراك بين لاعبي الفريقين».
بطل هذا المشهد هو أحمد عيد عبدالملك، اللاعب الدولي المخضرم، والحادثة السابقة ما هي إلا صفحة واحدة في كتاب ضخم مليء بالعراك والشجار مع المنافسين والحكام وزملائه بالفريق، كتاب لا يمل عبدالملك أن يدّون فيه كل يوم جديد.
يصعب أن تُفارق صورة عبدالملك ذهن من يراه، عبوس، منفعل، غاضب، يقطب جبينه، ينظر حينًا بعينين جاحظتين، وحينًا آخر يستدير وجهه، تتسع أخاديده وتغمرها ابتسامة ساخرة من حكم المباراة أو أحد المنافسين.
قبل 12 عامًا، كانت البداية، انتقل من الزمالك إلى أسوان، ومع الفريق ذو الرداء الأزرق، تألق عبدالملك، لينتقل إلى غزل المحلة، ومنه إلى حرس الحدود حيثُ استقر مع الفريق العسكري ولعب في صفوفه 9 مواسم كاملة.
خلال تواجده مع الحرس توهّج، بزغ نجمه خاصة في المباريات الكبرى أمام الأهلي إذ كان عيد يحاول جاهدًا إثبات تفوقه على منافسيه، يراوغ، يجيد الاحتفاظ بالكرة، يسدد ويصنع الأهداف ويسجل أيضًا.
استدعاه حسن شحاتة للمنتخب في 2005، ثم تواجد في القائمة المستدعاة لكأس الأمم الإفريقية 2006 وبعدها بـ4 سنوات كان مع المنتخب في أنجولا وبين البطولتين شارك في كأس القارات إضافة إلى حصيلة وافرة من المباريات في تصفيات المونديال والمباريات الودية.
انتقل عيد للزمالك في 2013 حيثُ أراد «إنهاء مشواره في بيته» على حد قوله، لعب مع الفريق موسمًا غادر بعده إلى ليبيا ثم عاد للزمالك مجددًا وساهم في تتويج الفريق بلقب الدوري الموسم الحالي «2014 – 2015».
السجل الأسود
لا يترك عبدالملك (35 عامًا) فرصة للاعتراض على حكم المباراة إلا واقتنصها، يملك دائمًا زمام المبادرة، يشتبك مع منافسيه وأحيانًا مع زملائه بالفريق، حين يثور لا يملك أحد تهدئته، في آخر 10 مواسم نال بطاقة حمراء واحدة بشكل مباشر، و5 بطاقات حمراء أخرى بسبب الحصول على إنذارين إضافة إلى 29 إنذار.
السجل الأسود للاعب المخضرم الذي أصبح على أعتاب الرحيل عن الزمالك يحوي وقائع متعددة من أبرزها:
1- في أغسطس 2010، في مباراة بالجولة الثانية من الموسم بين سموحة وحرس الحدود، وبينما يستعد حكم المباراة مدحت الحوفي لإشهار البطاقة الصفراء لعبدالملك قام اللاعب بدفع البطاقة من يد الحكم لتسقط على الأرض ويحصل بعدها على بطاقة حمراء، ذهب عيد للحكم بعد الطرد وظل يتحدث بعصبية ولولا تدخل محمد حليم قائد الحرس لتضاعفت الأزمة.
2- في مارس 2014 وأثناء تواجده في صفوف أهلي بني غازي خاض عبدالملك مباراة في دوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي المصري، اشتبك خلال المباراة مع وائل جمعة المدافع المخضرم، كانت كرة مشتركة احتسبها الحكم مخالفة على عيد وبعد الصافرة حاول اللاعب الاحتكاك بجمعة وحين ابتعد الأخير عنه ذهب عيد إليه مجددًا وقام بدفعه، وفي المباراة نفسها سقط اللاعب المشاغب على الأرض وتلوى بعد تدخل من محمود حسن «تريزيجيه» قبل أن يحاول ركل محمد ناجي «جدو» مهاجم الأهلي أثناء سقوطه على الأرض.. قال عبدالملك عقب المباراة إن السبب في عصبيته «توجيه جماهير الأهلي السباب له» في حين كشف القنصل المصري في تونس في تصريحات تليفزيونية حينها أن «عبدالملك قام بتصرف غير مسؤول تجاه جماهير الأهلي» رافضًا الإفصاح عن طبيعة هذا الفعل، كما اشتبك اللاعب لفظيًا مع أحد مراسلي القنوات الفضائية عقب المباراة قبل أن يتدخل طارق العشري المدير الفني.
3- كانت الدماء تسيل من عبدالملك بعد إصابة في حاجبه تعرض لها خلال مباراة الزمالك وسموحة الموسم الحالي (2014 – 2015) غادر عيد الملعب ثم عاد مجددًا بعدما قام بـ«ربط رأسه» لكنّ حكم المباراة سمير عثمان طالبه بالخروج مجددًا لتجفيف آثار الدماء حينها انفعل اللاعب وثار وقال بصوت واضح «هو فين الدم ده يا كابتن» وظل يعترض حتى غادر الملعب، وفي المباراة نفسها، كاد يشتبك مع أحد لاعبي سموحة، انفعل عليه فنال بطاقة صفراء وكان قريبًا من الحصول على البطاقة الثانية بسبب الاعتراض المتكرر على الحكم لولا تدخل باسم مرسي مهاجم الفريق.
4- أمام سانجا الكونغولي في النسخة الحالية من كأس الكونفيدرالية تدخل حمادة طلبة الظهير الأيسر للزمالك بعنف على أحد لاعبي الفريق الضيف، بعد ثوان، التقطت الكاميرا أحمد عيد وهو يعترض على الحكم ليحصل على بطاقة صفراء لكنه، كعادته، لم يكتف إذ قام بدفع زجاجة ماء كان يمسكها أحد لاعبي سانجا بين يديه، دفعها عبدالملك على الأرض، حاول لاعبو الزمالك إخماد ثورته لكنه دفعهم وكاد يشتبك مع محمد كوفي.
حين يخلع عبدالملك حذاءه للمرة الأخيرة معلنًا اعتزال الكرة ستتواري إنجازات اللاعب المحلية والدولية خجلاً أمام سجله الحافل بالأزمات، ولن تبقى في الأذهان صورته محتفلاً بالتتويج بكأس الأمم الإفريقية مع المنتخب الأول أو بلقب الدوري مع الزمالك فقط سيبقى الوجه العبوس الغاضب، لن يشفع للاعب ما يردده المقربون منه: «ده بره الملعب حاجة تانية خالص، مؤدب وهادي».. و«هو حماسي بس وعايز الفريق يكسب» ولن يكون لمبرراتهم لـ«الخروج المتكرر عن النص» معنى حينها.