لماذا تتعالى أصوات التشويش على الجهود التى يقوم بها رجال مصر المخلصون فى شتى المجالات فى سبيل النهوض بهذا الوطن، وتخطى حاجز الخطر الاقتصادى والاجتماعى الذى تمر به البلاد، ومن المستفيد من نشر الشائعات وإعادة حالة القلق والتشرذم والفرقة إلى الشارع المصرى؟
على الرغم من الحرب الكبيرة الضخمة التى تخوضها مصر فى سبيل مكافحة الإرهاب ومقاومة التطرف الدينى، الذى كاد لولا لطف الله تعالى وجهود قواتنا المسلحة الباسلة، أن يحرق الأخضر واليابس فى كل مكان، وعلى الرغم أيضاً من أن هذه الحرب مستمرة وتقدم فيها مصر يوما بعد يوم عددا من الشهداء والمصابين من خيرة أبناء الوطن من الجنود والضباط والقادة الكبار الذى يخوضون غمار الحرب بأنفسهم وأجسادهم ويقدمون من الدماء والأرواح فداء لهذا الوطن ما سوف يسجله التاريخ بأحرف من نور، تخليدا لذكرى الشهداء والأوفياء من أبناء هذا الوطن، على الرغم من ذلك إلا أن بعض أبناء الوطن الخارجين عن حد الوطنية الغافلين عن هموم بلادهم وشعبهم يعملون على إثارة الفتن والبلبلة لتفريق وتفتيت الصف الوطنى الذى جمعت شمله القيادة السياسية بمحبة وبحكمة، وللتقليل من شأن الإنجازات الظاهرة والملموسة التى نراها يوماً بعد يوم، ومن أهم هذه الإنجازات تحسن الوضع الأمنى والاستقرار بل النمو الاقتصادى واستقرار عمل مؤسسات الدولة بشكل ثابت ومطرد، كل هذا يصب فى صالح تحسين مستوى المواطن المصرى البسيط، وإن لم يرق بعد إلى المستوى الذى تطمح إليه كثير من فئات الشعب.
وقد أخذ مروجو الفتنة يعملون فى اتجاهات شتى وعلى مستويات متعددة أهمها الشق الدينى، حيث خرجت علينا بعض وسائل الإعلام بسيل من الفتاوى لا نصيب له من الصحة ولا من التحقيق والبحث العلمى، مما جعلها مرفوضة وصادمة لجميع فئات الشعب المصرى، لا على المستوى الرسمى فقط.
لقد تخفى البعض فى الدعوة التى دعا إليها سيادة الرئيس لتجديد الخطاب الدينى وراح يسدد الطعنات تلو الطعنات للسُّنة والتراث والمؤسسات الدينية ولحجاب المرأة المسلمة، هذا إلى جانب الدعوة إلى إطلاق الحريات الجنسية بلا ضابط ولا رابط.
لقد تجاوز الأمر كل حد معقول مما حدا بالرئيس أن يخرج بنفسه وأن يصحح ما فهمه البعض خطأ من كلامه وأن يضع حدًّا فاصلا بين تجديد الخطاب الدينى وبين تجدد الفوضى الدينية، مؤكدا على أن الجهة الوحيدة المنوط بها تجديد الخطاب الدينى هى العلماء الربانيون من علماء الأزهر الشريف، لا غير، هذا دورهم وواجبهم فى نفس الوقت.
ولقد تأملت فى هذه الدعاوى وفى توقيتها فرأيت أنها لا تخدم إلا فصيلا واحدا لفظه شعب مصر ألا وهو الفصيل الإرهابى، حيث راح يروج لفكرة ضياع الإسلام من بعده، وانتشار دعاوى العرى والإباحية فى غيابه، وكأن اتفاقا ما يجرى بين فصيل وفصيل لإعادة الحياة إلى الفصيل المتطرف مرة أخرى وتصويره على أنه حامى حمى الفضيلة والشرف وحرمة الأديان.
ويبدو أننا مع اقتراب موعد تحقيق الإنجاز التاريخى بافتتاح قناة السويس الجديدة قد نجد حقدًا وحسدًا وتغايظاً من بعض من يقدمون أجندتهم الخاصة على صالح الوطن، فإن هذا الإنجاز العظيم فى هذا الوقت القياسى سوف يخرس كثيرا من الألسنة التى تروج الشائعات والأراجيف فى الداخل والخارج، وهذا الإنجاز أيضا سوف يضع مصر على خارطة العمل والإنتاج بصورة أوضح وأشمل، وسوف يجعل كثيرا من الألسنة التى روجت الباطل تلزم حدها.
إن نعمة الأمن والأمان التى تنعم بها البلاد الآن لم تأت من فراغ، لكنها أتت نتيجة جهود مضنية يبذلها شعب عظيم فعلينا أن نقف بكل قوتنا ضد كل حاقد أو حاسد أو عميل وأن ندعم وطننا بكل ما أوتينا من قوة دعما لمستقبل شبابنا، ودعما لقوة ووحدة وطن لا تريد قوى الظلام له أن ينعم بالوحدة والسلام والأمن والرخاء.
ألا فلتكف عنا ألسنة الفتنة صراخها، ولتكف عنا أقلام الفتنة صريرها، ولتكف عنا أبواق الفتنة نعيقها، ولا يتكلم فى دقائق الفتوى إلا أهلها المتفرغون لها المتخصصون فيها المسؤولون عنها أمام الله سبحانه، ولينشغل كل منا بما خلق له ووكل به ويسر له فكل منا على ثغر من ثغور الوطن، والوطن بحاجة إلى جهودنا أجمعين كل فى مكانه ومجاله وتخصصه الذى يحسنه، أما أن يخرج علينا بعض الكتاب وبعض هواة الشهرة كل يوم بكلام شاذ أخرق منكر يمزق وحدة الوطن ويفرق الصف ويزيد انشغاله ويلفت انتباهه إلى سفاسف الأمور وتوافه الأفكار وغرائب الأقوال، فهذا ما لا يمكن السكوت عليه بحال ولا يمكن أبدا أن نعد صاحبه من حاملى هم الوطن.
ندائى إلى شعب مصر العظيم أن يلتف حول قائده وأن يعمل على السعى فى إصلاح هذا الوطن بمنظومة مكارم الأخلاق التى حثت عليها جميع الأديان والتى كثيرا ما يؤكد عليها سيادته فى جميع خطاباته وكلامه الصادق مع شعبه بلا استثناء، فنهضة الأمم لا تبنى على الإسفاف والخلاف وإنما تبنى على مكارم الأخلاق وتحيا مصر ويحيا الوطن.