تواجه الفضائيات المصرية أزماتٍ عديدةً تهدد استمرارها فى المنافسة الإعلامية، وأمام هذا الخطر لجأت بعض هذه القنوات إلى تسريح الكثير من العاملين بها، والبعض الآخر اختار الطريق الأسهل، وقرر الإغلاق والانسحاب من المشهد الإعلامى، والقليل منها قرر الاستمرار واتباع سياسة الترشيد فى النفقات. «المصرى اليوم» تفتح ملف الفضائيات المصرية، وتكشف ما تواجهه من أزمات، من خلال سلسلة حوارات تجريها مع رؤساء القنوات.
على مدار 4 سنوات، حجزت مجموعة قنوات سى بى سى مكانًا متقدمًا وسط الفضائيات المصرية الخمسة الأعلى مشاهدة، وكان لها دور مهم عقب ثورة 25 يناير وصولا لثورة 30 يونيو. وليد العيسوى، رئيس مجلس إدارة الشبكة، تحدث لـ«المصرى اليوم» عن خطة القناة لمواجهة الخسائر المادية التى تواجه معظم الفضائيات المصرية، وأكد أن الإدارة قررت رفع رأس مال الشبكة ٣٠ مليون دولار إضافية.
■ أليس غريبًا أن يترك المهندس محمد الأمين رئاسة مجلس إدارة سى بى سى ويكلفك بهذه المهمة؟!
- حدث اتفاق بين المساهمين على فصل الإدارة عن رأس المال، وتعتبر سى بى سى أول محطة يتم فصل الإدارة عن الملاك، ودورى فى القناة منذ اليوم الأول لتأسيسها ولم يبدأ مؤخراً، حيث إننى التقيت المهندس محمد الأمين خلال شهر إبريل عام 2011 وفى ذلك الوقت كانت قناة الجزيرة مسيطرة على المشاهدة فى مصر، وكانت رؤيته بعد الثورة بـ4 شهور أن البلد تحتاج إلى إعلام خاص لمواجهة الهجمة الإعلامية الشرسة ضد مصر، وبالفعل انطلقت القناة بعدها ب 60 يوماًرغم أن المشروع تجارى لكن يهدف إلى خدمة البلد.
■ كيف؟
- قدمنا قناة البث المباشر التى أثرت بشكل كبير جدًا على قناة «الجزيرة». سى بى سى طورت من شكل الميديا فى مصر، سواء فى المحتوى أو شكل الديكورات والدعاية لبرامجنا.
■ لماذا قللت القناة من الجرعة السياسية بعد عام واحد من انطلاقها؟
- 2012 البلد كلها سياسة، وأدركنا أن الفترة المقبلة سوف يتغير الوضع وتنتهى هذه الموجة لذلك اتجهنا إلى الترفيه، وقدمنا برنامج اكتشاف المواهب «ذا إكس فاكتور» الذى كلفنا 15 مليون دولار، ولا توجد قناة تستطيع أن تجازف بهذه التكاليف.
■ بعد 4 سنوات من انطلاق القناة فوجئنا بتخفيض فى النفقات وإغلاق قناة سى بى سى 2 وتسريح عاملين لماذا؟
- التطوير مستمر، وأى بيزنس فى الدنيا معرض لمرحلة إعادة التوازن، من الممكن أن يحدث ارتباك، مثلا كرة القدم، استثمرنا فى قناة مودرن وفجأة حدثت مشكلة إلغاء الدورى وتكبدنا خسائر ضخمة تتخطى حاجزالـ100 مليون جنيه على مدار السنوات الماضية، لذلك كنا واقعيين مع أنفسنا، عندما وجدنا خسائر فى ظل عدم وجود توجه سياسى، فهل المنطق أن أترك الخسائر تتراكم.
■ وما هى القرارات الحاسمة لوقف نزيف الخسائر؟
- إغلاق قناة كانت مبنية على كرة القدم، إما نكمل خسائر أو نغلقها، وحتى الآن الدورى مهدد، وعندما نشعر بالاستقرار سنعود لنستثمر فيها.
■ القرار الثانى إخلاء مبنى وتسليمه لإدارة المدينة؟
- هنا الوضع مختلف، حيث كان لدينا استديو 19 ب، معداته قديمة غير مجهزة هندسيا، ويضم جزءا إداريا، منذ عام استأجرنا مجمع استديوهات كاملا، وجهزناه هندسيا على أعلى مستوى، وكان مرفقا به ملحق إدارى، ومن الأفضل أن أجمع الكل داخل مبنى واحد، لكن للأسف الناس ربطت بين التخفيض والنقل.
■ القرارات شملت أيضا تخفيض العمالة؟
- طبعنا كمصريين نحب نربح، عندما كنا نتوسع فى إنشاء محطات، كل شخص مسؤول كان يستعين بآخرين، لكن عندما حدثت مشكلة حقيقية، فإما أن أبحث عن حل أو بعد شهرين لن أدفع المرتبات للآخرين، فتم تقليص العمالة بنسبة 22%.
■ وما حقيقة إجبار المذيعين على تخفيض أجورهم؟
- لم نجبر أحداً، لكن أتقدم بالشكر لكل مذيعى سى بى سى الذين تضامنوا مع حالة التخفيض والأزمة، وطالبوا بالمشاركة فيها وهم أقل أجورا فى مصر، وأقسم بالله العظيم فعلوا ذلك لأن كل واحد فيهم يشعر أن سى بى سى مكانه.
■ لكن بعض العاملين اتجهوا للقضاء؟
- كل العاملين حصلوا على حقوقهم، فمثلا من 250 شخصا، منهم 3 عاملين فقط عملوا مشاكل، وقرروا رفع دعوى قضائية، وكل العقود التى وقعناها يوجد فيها بند ينص على أنه لو كانت هناك مشكلة فى الأداء نقض العقد بالتراضى.
■ هل انتهت الإجراءات التقشفية؟
- لدينا خطة تطوير على مدار 3 سنوات، واستثمار دائم لوضع مجموعة القنوات على تراك القنوات التجارية الرابحة، خاصة أننى لست مثل الجزيرة أو إم بى سى التى تدعمها دول، فنحن قطاع خاص، وحتى توفر لا بد أن تستثمر، حاليا كمؤسسة هناك إجراءات لرفع رأس المال 30 مليون دولار.
■ الفواصل الإعلانية كانت كبيرة جدا منذ بداية رمضان؟
- بالفعل، أكبر عام فى تاريخ الإيراد الإعلانى، والجمهور شعر بالمشكلة منذ بداية رمضان، كان دائما يحدث فى أول رمضان الجمهور يجد 3 دقائق إعلانات ثم تتصاعد بالتدريج حتى تصل إلى ذروتها فى نهاية رمضان، لكن هذا العام الوضع أصبح مختلفًا.
■ لماذا؟
- كان هناك انخفاض شديد العام الماضى، بينما يوجد تحسن 25% العام الحالى، ولو قارنا السوق الإعلانية عام 2010 كان مليارا و200 مليون جنيه، وبعد 4 سنوات وصل 2 مليار و400 ألف جنيه، هذا يعنى أن هناك نموا كبيرا فى السوق.
■ ولماذا الخسائر فى ظل ارتفاع السوق الإعلانية بهذا الشكل؟
- المشكلة أن عدد القنوات زاد قبل السى بى سى كانت قناة الحياة تلعب بمفردها، والمنافسة ترفع من قيمة الإنفاق، لذلك لم نشعر بحرج أن نواجه أنفسنا، ورفعنا الراية الحمراء، وقلنا نحن نخسر، ولم يفرق معنا ما يقال، قنوات كثيرة لديها مشاكل مالية ضخمة.
■ وما حقيقة وجود ديون متراكمة بسبب زيادة الإنفاق؟
- لن أنكر أن هناك ديونا مثل أى بيزنس قائمة، لكن نسبتها لا تتخطى 7% من حجم الشغل، ونحن أول من واجهنا أنفسنا وفضلنا التخفيض أفضل من الاستمرار ثم نواجه أزمة أكبر فى المستقبل.
■ أليس غريبا أن التقشف لم ينطبق على شهر رمضان حيث عرضت قنوات سى بى سى 8 مسلسلات جديدة دفعة واحدة؟
- المشكلة ليست فى العدد بل فى التكلفة، فمن الممكن أن أشترى مسلسلا حصريا بـ30 مليون جنيه وفى رمضان المعادلة تكون صعبة فى التوازن بين الإنفاق والإيرادات، وقد ألزمنى محمد الأمين بفكرة الإنفاق والإيرادات منذ بداية عمل القناة، بالرغم أنها مسؤولية صعبة، وحاولت أن أتنصل منها كثيرا، لكن دون جدوى.
■ ولماذا خرجت قنوات (سى بى سى) من منافسة برامج المقالب التى تحقق نسبة مشاهدة عالية؟
- بشكل شخصى لست ضدها، لكنى ضد «الأفورة»، أما أن تقدم برنامجا يناسب فى وقت ممتاز، ويحقق نسبة مشاهدة مثل المسلسلات، وأرفض فكرة ملء الوقت.
■ لماذا انسحبتم من عرض برنامج «رايتنج» فى رمضان؟
- خرجنا من المفاوضات بعد تغيير المذيعين، حيث كان فى البداية نيشان هو المقدم وأبدينا الموافقة، ثم رزان، وفى النهاية اختاروا 2 مذيعين، رغم أن العرض المالى للبرنامج كان منخفضا جدا، وبعد عرض البرنامج هل الجمهور «سمع عنه» .
■ لماذا الإصرار على غادة ومكى خلال شهر رمضان؟
- نعمل بفكرة تثبيت عوامل النجاح، ونضيف عناصر أخرى، ونعمل بمبدأ مجازفة محسوبة، مثلا أضمن أن مكى يحقق نسبة مشاهدة فأضع بجواره ميسى وهكذا.
■ شركات الأبحاث استبعدت (سى بى سى) من المنافسة على المركزين الأول والثانى؟
- للأسف فى مصر، طريقة البحث عقيمة، فهل يعقل أن 90 مليونا مصريا يحصلون على عينه منهم من 200 شخص فقط، لذلك نسبة الخطأ مرتفعه جدا، ولا بد أن تتدخل الدولة فى هذا الشأن من خلال جهاز يتم وضعه فى جهاز الاستقبال يقيس نسبة المشاهدة.
■ تردد منذ فترة طويلة أن (سى بى سى) تسعى لإطلاق قناة خليجية ؟
- حلم لن نتنازل عنه، ومنذ عام ونصف تقريبا نقوم بعمل دراسات لتحقيق هذه الخطوة وبحث طريقة تمويلها، فالسوق أصبحت مفتوحة، ولا يصلح أن تدخل قناة إم بى سى لتنافس فى مصر، بينما لا تنافس القنوات المصرية فى الخليج، خاصة أن معظم الكفاءات الموجودة فى الخليج والتى تدير مصرية.
■ ولماذا تخليتم عن برنامج «ذا إكس فاكتور»؟
- لم نتركه بسهولة، فى العام الأول كانت الميزانية ضخمة جدا وصلت 15 مليون دولار بالإضافة إلى أنه من أصعب البرامج فى التنفيذ، وأول تجربة لنا، وفى العام التالى كانت المنافسة شديدة من فضائيات حاربتنا حتى تستحوذ على كل برامج الفورمات، لذلك واجهنا ضغوطا من شركة الفورمات، وأيضا من النجوم المشاركين كضيوف واجهوا أدوات ضغط لرفع أجورهم، وفى نفس الوقت كان لدينا برنامج آخر كبير، وهو ستار أكاديمى.
■ بعد أن أعلنتم عن برنامج «مصارحة حرة» و« الحريم أسرار» وجدناهما على قناة أخرى؟
- بالفعل، يوجد خلاف قضائى مع الشركة المنتجة لذلك لن أستطيع التحدث فى تفاصيل.
■ واجه برنامج «ستار أكاديمى» انتقادات كثيرة بسبب بعض المشاهد الخارجة خاصة فى حلقة هيفاء وهبى، فكيف ستواجه هذه المشكلة فى الموسم الجديد؟
- يوجد لدينا فريق رقابى يتواجد فى بيروت أثناء عرض البرنامج لكن ما حدث فى حلقة هيفاء خارج عن إرادتنا، لأنه حدث على الهواء، دون ترتيب، وقدمنا وقتها اعتذارا لكل المشاهدين.