في نوفمبر 1855 وقبل البدءفي مشروع حفرالقناة وبعد أن اختار ديليسيبس اللجنة الدولية من المهندسين المختصين بالاتفاق مع محمد سعيد باشا لإعداد الدراسة النهائية وقدمت اللجنة تقريرها النهائي الذي أقر إمكانية وصل البحرين وعدم اختلاف منسوبي البحرين وبعد انتهاء هذه المهمة بشهرين وتحديدا في 5 يناير 1856 عقد الامتياز الثاني والذي لم يختلف عن عقد الامتياز الأول سوي من بعد تعديلات أو إضافت طفيفة وكانت شروط هذا الامتياز مجحفة وفادحة تفتقر إلى أي نوع من العدل بل صبت كلها في مصلحة فرنسا وكانت خلاصة هذا الامتياز كالآتي :
1- منحت الحكومة الشركة امتياز إنشاء قناة السويس بين خليج الطينة على البحر الأبيض المتوسط والسويس على البحر الأحمر وإنشاء ترعة للمياه العذبة صالحة للملاحة النيلية تستقي من النيل وتصب في القناة المالحة وإنشاء فرعين للري والشرب يستمدان مياههما من الترعة المذكورةويصلان إلى السويس والطينة (بور سعيد) (مادة 1 من عقد الامتياز )
2- تنازلت الحكومة للشركة مجانا عن جميع الأراضي المملوكة لها والمطلوبة لإنشاء القناة الملحة وترعة المياه العذبة وتوابعها وهي مساحات شاسعة على طول القناة والترع المزمع إنشاؤها بعرض كيلو مترين على الجانبين تنازلت عنها الحكومة بلا مقابل مع إعفائها على الدوام من الضرائب وتنازلت أيضا عن جميع الأراضي القابلة للزراعة لاستصلاحها الشركة وترويها وتزرعها مع إعفاء هذه الأطيان من الضرائب مدة عشر سنوات من تارخ استثمارها (مادة 10)
3- خولت الشركة (عدا ماتقدم) حق انتزاع الأراضي المملوكة للأفراد مما تري لزومها لإجراء الأعمال والانتفاع بالامتياز في مقابل أن تدفع الشركة لأصحابها تعويضات عادلة (مادة 12)
4- على أصحاب الأطيان الواقعة أملاكهم على ضفاف الترع التي تنشئها الشركة إذا أرادوا ري أراضيهم بمياهها أن يحصلوا على ترخيص بذلك من الشركة في مقابل تعويض يؤدونه لها (مادة 8)
5- منحت الحكومة الشركة طول مدة الامتياز الحق في أن تستخرج من المناجم والمحاجر الأميرية كل المواد اللازمة لأعمال المباني وصيانتها وملحقات المشروع دون دفع أي رسم أو ضريبة أو تعويض وتعفي الحكومة الشركة من الرسوم الجمركية والعوايد عن جميع الآلات والمواد التي تستوردها من الخارج (مادة 13)
6- حدد أجل الامتياز بمدة 99 سنة من افتتاح القناة البحرية للملاحة وبعد انتهاء هذه المدة تؤول القناة للحكومة المصرية (مادة 16)
لكن هذه المادة قيدت هذا الحق بشرط قد يؤدي إلى تعطيله أو يفتح بابا للمشاكل وهو وجوب أخذ الحكومة في هذه الحالة جميع المهمات والمعدات المخصصة للأعمل البحرية للمشروع وأن تدفع للشركة قيمتها التي تقدر بالتراضي أو بناء على تقدير الخبراء وبالطبع ليس هناك مايقيد الشركة أو يمنعها في تقييم المعدات التي خصصتها أو تخصصها في المستقبل للمشروع أو أن تتعمد الإسراف فيها لتعجيز الحكومة ولكي تخلق العقبات التي تعترض حق مصر في استرداد القناة ثم إن المادة (16) لم تذكر شيئا عن المنشآت التابعة لها كالمباني وقد كان عقد الامتياز الأول (مادة 10) ينص على أن شأنها شأن القناة في رجوعها للحكومة دون مقابل فالعقد الثاني كما نري صيغ في أسلوب مجحف بحقوق مصر وأغلب الظن أن سعيد باشا لم يراجع ديليسيبس في أي من هذه الشروط
7- خولت الشركة حق فرض ماتشاء من الرسوم على السفن التي تمر في القناة البحرية أو الترع والثغور التابعة لها على شرط أن لاتزيد في النهاية العظمي عن عشرة فرنكات عن كل طن وكل شخص من المسافرين (مادة 17)
8- في مقابل الأراضي والامتيازات الممنوحة للشركة تحصل الحكومة المصرية على حصة قدرها 15%من صافي الأرباح السنوية (مادة 18) وقد خسرت مصر هذه الحصة في سنة 1879 ذلك أنه لما ارتبكت الأحوال المالية لمصر بسبب إسراف اسماعيل باعت هذا النصيب إلى البنك العقاري بفرنسا مقابل 22 مليون فرنك
9- يكون أربعة أخماس العمال من المصريين (مادة2) وتعهدت الحكومة ببذل مساعدتها للشركة وتكليف جميع موظفيها وعمالها في جميع دوائرالمصالح أن يمدوا الشركة بمساعداتهم لها (مادة 22) وقد فسرت الشركة هذه النصوص على أنها تعهد من الحكومة بتسخير أربعة أخماس العدد الذي تطلبه الشركة من العمال وأن يكونوا من الفعلة والفلاحين المصريين لإجراء أعمال الحفر والإنشاء ووضعهم تحت تصرف الشركة لتشغيلهم فيما تريده من الأعمال مقابل دفع أجورهم وكان عقد الامتياز الأول (مادة2) يخول الحكومة حق تعيين مديري الشركة ولكن هذا الحق لم يظهر له أثر في عقد الامتياز الثاني وهذا العقد يقضي بإلغاء النصوص الواردة في العقد الأول مما يخالف أحكام العقد الثاني واقتصرت المادة (20) من العقد الثاني على أنه يرأس الشركة ويديرها صديقنا ووكيلنا المسيو فرديناند ديليسيبس بصفته المؤسس لها طوال المد التي تستغرقها الأعمال ثم لمدة أخرى قدرها عشر سنوات تبتدئ من تاريخ استغلال الامتياز ومعني ذلك أن الحكومة المصرية خسرت في عقد الامتياز الثاني حق تعيين مديري الشركة وحفظ لها فقط حق تعيين مندوب عنها لدي الشركة يمثل حقوق الحكومة ومصالحها في تنفيذ العقد وكان العقد الأول ينص في (المادة 4) على أن الحصون التي تري الحكومة المصرية لزوم إنشائها في منطقة القناة لا تكلف بها الشركة وقد أغفل هذا النص في العقد الثاني وفسر إغفاله بأن لاحق للحكومة في إقامة الحصون في هذه المنطقة
10- ونقف مما سبق على روح ومدي التساهل التي انتهجها سعيد باشا وتعاقد بها مع الشركة حيث خولها مزايا جعلتها تشارك الحكومة المصرية في حقوق ملكيتها العامة المشروعة وسيادتها وامتلاكها مرافق ومنافع عامة ليس للأفراد من أهل البلاد حق تملكها فجعل من شركة قناة السويس دولة داخل الدولة مع وجود شروط مجحفة وفادحة في العقد الثاني والذي ألغي الأول بموجب صدور الثاني الأكثر سوءا وظلما وعدوانا ولاغررابة في ذللك حيث الذي صاغه وحرره ديليسيبس