أودعت محكمة جنايات الجيزة، برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة، الخميس، حيثيات حكمها الصادر في إبريل الماضي، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ«إحراق كنيسة كرداسة»، بإدانة 71 متهمًا من عناصر جماعة الإخوان بالسجن المؤبد، والسجن المشدد 10 سنوات للمتهمين الثالث والثامن كونهما حدثين، وتغريم كل المتهمين 20 ألف جنيه.
وقالت الحيثيات، التي جاءت في 34 ورقة، إن واقعة الدعوة مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات، وما تم بشأنها في الجلسة، تتحصل يوم فض اعتصامي «رابعة والنهضة»، حيث تجمهر المتهمون وآخرون يُقدر عددهم مجتمعين بألف شخص، تم جمعهم بعد تحريضهم بواسطة المتهمين من خلال مكبرات الصوت بالمساجد، وبعد أن حازوا أسلحة نارية وبيضاء وزجاجات «مولوتوف»، ورددوا شعارت مناهضة للشرطة، توجهوا صوب كنيسة العذراء مريم بقرية كفر حكيم، دائرة مركز شرطة كرداسة، وكسروا نوافذها الزجاجية، وحطموا الأقفال الحديدية الموضوعة على البوابة الرئيسية، وأضرموا النيران في محتويات الكنيسة.
وأضافت الحيثيات أنه قام الدليل على صحة الواقعة واستقامة ثبوتها في حق المتهمين، وما ثبت من تقرير المعمل الجنائي، وما أقر به بعض المتهمين، وما شهد به الشهود من الأول حتى الرابع، وما أكده ضابطا الأمن الوطني بأن تحرياتهما السرية أثبتت صحة الواقعة، طبقًا للوصف الذي أدلى به الشهود، وحيث إن تقرير المعمل الجنائي أثبت أن الحريق الذي نشب بالكنيسة نتج عن إيصال مصدر حراري سريع ذى لهب، وأثبتت المعاينة وجود آثار تكسير بزجاج النوافذ وشرفات المبنى، وإتلاف وبعثرة محتوياته بالكامل.
ووفقًا للحيثيات، فإن أقوال ضابط الأمن الوطني، الشاهد السادس في القضية، تضمنت أن اجتماعًا سريًا بقيادة المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية، بإحدى الغرف الملحقة بمسجد رابعة العدوية، تضمن مباشرة أعمال الشغب والعنف بجميع المحافظات، على أن تشمل تلك الأعمال اقتحام وتدمير دور العبادة للمسيحيين لإشعال الفتنة الطائفية، وقام مسؤول إداري بنقل تلك التكليفات إلى قيادات الجماعة بمركز كرداسة، فأصبحت كنيسة «العذراء» أحد أهداف الجماعة.
وردت المحكمة في حيثياتها على الدفوع القانونية التي تقدم بها الدفاع، والتي جاء فيها أنه بخصوص الدفع الخاص ببطلان استجواب المتهمين لعدم حضور محام معهم حال استجوابهم أمام النيابة، مردود عليه بأنه لم يتم الشروع في استجواب أي منهم، إلا بعد إخطار نقابة المحامين بمكان إجراء التحقيقات، أما الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بشأن ضبط وإحضار المتهمين لقصور التحريات، مردود عليه بأن التحريات التي أجريت شملت أشخاص المتهمين ومحل إقامتهم وصناعتهم وأعمارهم، وكيفية مشاركتهم في الواقعة، وهذا ما دفع المحكمة إلى الاطمئنان لسلامة التحريات، والدفع بعدم معقولية الواقعة وتصورها بهذا الشكل، فهذا مردود عليه باطمئنان المحكمة إلى أدلة الثبوت واتفاقها مع أعمال العقل والمنطق.
وواصلت المحكمة رددوها على دفوع محامى المتهمين، والخاصة ببطلان المحاكمة لسرية الجلسات، بأن المحكمة لم يثبت بحقها منع أي أحد من حضور الجلسات في حدود حجم القاعة المخصصة للجلسة، فمحاولة الدفاع في هذا الدفع ما هي إلا أقوال مرسلة فاقدة السند والدليل، أما الدفع الخاص ببطلان تحقيقات النيابة العامة لعدم حياديتها فمردود عليه، بأن ما أبداه الدفاع افتقد سنده من صحيح القانون، وردت المحكمة على الدفع الخاص ببطلان التحريات لبنائها على مصادر سرية غير محددة، بأنه لا يحظر على مأمور التعامل مع المرشدين السريين بشرط الاطمئنان إليهم والثقة بهم، وبما ينقلوه إليه من معلومات.
وعن شهادة شهود الإثبات، قالت المحكمة إنها اطمأنت إلى شهاداتهم، والتي أكدت أن المتهمين جمعهم هدف واحد هو الانتقام من الوطن، واتفقوا على هدف إجرامي وأحرقوا الكنيسة التي تقام فيها شعائر الإخوة المسيحيين، بعد أن تجمهروا وحازوا أسلحة نارية وحرضوا الأهالي على التجمهر ومنعوا المواطنين من إطفاء النيران المشتعلة بها، واستقر في يقين المحكمة، أن المتهمين كانوا متفقين وعالمين بالغرض الإجرامي معتقدين أن الإسلام يدعوهم إلى ذلك، وهو منهم براء.
وعادت المحكمة للرد على ما أثاره الدفاع من انتفاء حيازة المتهمين لأسلحة نارية وذخيرة، لعدم ضبط أحراز أو ذخيرة بمحل الواقعة، مردود عليه بأن ضبط السلاح والذخيرة ليس شرطًا للإدانة في جرائم حيازة السلاح، طالما المحكمة اطمأنت إلى أدلة الثبوت.
وذكرت الحيثيات أن المتهمين حاتم سيد ظريف، ومحمود رفاعى بطيخ، تمكنا من رؤيتهما لعدد من المتهمين الماثلين يحملون الأسلحة البيضاء والحجارة ويلقون بها صوب الكنيسة المشتعلة، فإن ذلك يطرح الحقيقة الكاملة أمام المحكمة، ويتعزز بأقوال الشهود، كما أن الشهادة المزورة التي قدمها المتهم عنتر السيد بعرور، للتدليل على تواجده بالمستشفى في تاريخ الواقعة، للإفلات من العقاب، تقطع بأن الصورة التي استخلصتها المحكمة ورسخت في عقيدتها هي حقيقة الواقعة، ولا نقاش فيها ولا تأويل لدلالتها.
وانتهت حيثيات المحكمة إلى أنه لما كان ذلك فإنه يكون قد ثبت للمحكمة على نحو قاطع وجازم أن المتهمين اشتركوا في تجمهر، يضم أكثر من 5 أشخاص، يضر بالأمن والسلم العام، والتأثير على رجال السلطة العامة، ووضعوا النار عمدًا في مبان غير معدة للسكن، بأن توجهوا لكنيسة العذراء مريم بعد أن حازوا أسلحة نارية وبيضاء وزجاجات «المولوتوف»، وأشعلوا النيران فيها، وسرقوا محتوياتها، ومن ثم أصدرت حكمها المتقدم.