قال اللواء ممدوح زيدان، خبير إدارة الأزمات والتنمية البشرية، إن مصر تفتقد منظومة قومية لإدارة الأزمات، وإن الدولة تتعامل بمنطق «رد الفعل»، وليس مواجهة الأزمة والاستعداد لها قبل وقوعها.
وأضاف -فى حواره لـ«المصرى اليوم»- أن مصر لديها الخبرات والكفاءات وأسس علم إدارة الأزمات، إلا أن غياب الشفافية بين الدولة وخبراء إدارة الأزمات يؤدى إلى وقوع الكوارث والأزمات المتكررة.
وأكد ضرورة ترك إدارة الأزمات للمتخصصين، وألا تدار من خلال المحليات، التى لعبت دوراً فى وقوعها من الأساس، على حد قوله، مشيراً إلى ضرورة التوعية بثقافة إدارة الأزمات، وإنشاء جهاز قومى لإدارة الأزمات يتبع رئاسة الجمهورية.
واعتبر أن ما حدث فى حريق مجلس الشورى دليل على الفوضى وغياب الاستعداد المسبق، مؤكداً ضرورة تفعيل الشبكة القومية للإنذار الآلى المبكر والتحكم عن بعد، وإشراف الدولة عليها، وإلزام الشركات والمصانع بالاشتراك فيها، للحد من الحرائق والسرقات والأعمال التخريبية.. التفاصيل فى السطور التالية.
*مع وقوع الكوارث والأزمات المتتالية تتعالى الأصوات القائلة بأننا لا نعرف شيئاً عن علم إدارة الأزمات، ما تعقيبك على ذلك؟
- علم ومجال إدارة الأزمات ليس جديداً فى مصر، وبدأنا تطبيقه فى القوات المسلحة منذ عام 1988، وبدقة كبيرة، فى أكاديمية ناصر العليا، ولدينا خبرات محترمة فى هذا المجال، ولكن ينقصنا فى مصر ثقافة إدارة الأزمات، وغياب منظومة قومية لإدارة الأزمات، فى حين تأخذ بها الدول المتقدمة، وتستفيد منها فى الحماية من المخاطر المتوقعة، وتساعدهم فى التخطيط للمستقبل.
وبالتالى حماية الاستثمار والاقتصاد القومى والتراث.. وتشمل ثقافة إدارة الأزمات إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وحتى مواجهة الحرائق والتخطيط لمواجهتها، وتوقع الكوارث قبل وقوعها، والعمل على تقليل الخسائر الناتجة عنها، ولا فرق هنا بين مبنى جديد أو مصنع أو مبنى تاريخى، وربما تتفاعل أبعاد اقتصادية واجتماعية وأمنية لتكون أزمة مركبة.
على سبيل المثال، إذا وقع حريق فى مصنع، فقد يؤدى ذلك إلى تشريد العمال، وبالتالى نكون أمام مشكلة اجتماعية، إضافة إلى بعد الأمان والخسائر الاقتصادية.
*ما الدلالات التى تخرج بها من الأزمات المتتالية التى وقعت فى السنوات القليلة المنقضية؟
- مصر ليس بها إدارة حقيقية للأزمات، وإنما ما يطلق عليه «الإدارة برد الفعل»، والأمثلة على ذلك كثيرة، منها غرق العبارة السلام 98، وحادث الانهيار الصخرى بالدويقة، وفى كلا الحادثين على اختلافهما، كانت هناك تقارير تتحدث عن وجود مؤشرات بوقوع كارثة، ومع ذلك لم يتم أخذها فى الاعتبار، وهى ليست المرة الأولى التى يحدث فيها ذلك، على الرغم من وجود لجنة دائمة لإدارة الأزمات.
وسبق أن تكررت الانهيارات، ومن المعروف أن طبيعة هضبة المقطم رسوبية جيرية، وأجزاء كبيرة منها مشبعة بالمياه، ومع ذلك تم السماح للبناء العشوائى، فى هذه المنطقة الخطرة، وكانت النتيجة عشرات الضحايا.
وحول فريق إدارة الأزمات يقول: إنه أشبه بفريق كرة القدم، يتكون من مدير فنى وجهاز مساعد، و11 لاعباً، كل منهم يؤدى دوره فى خطة معدة مسبقاً، ويخضعون لتدريبات مستمرة، ومباريات تجريبية، لضمان تنفيذ كل منهم دوره بنجاح وقت المباراة الكبرى أو الأزمة وقت حدوثها.
* كيف إذن تدار الأزمات بشكل علمى؟
- مفهوم إدارة الأزمات الصحيح يشير إلى أننا لا ننتظر وقوع الكارثة، ثم نبدأ التحرك والتعامل معها، وإنما منع حدوث الأزمة من خلال 3 مراحل متكاملة.
مرحلة ما قبل الأزمة، وتعتبر أكثرها أهمية، وندرس كل أنواع المخاطر فى حدود قطاع المسؤولية، سواء كان حياً أو محافظة أو وزارة أو هيئة، وإذا كان الحريق على سبيل المثال أحد المخاطر المتوقعة، نبدأ فى إعداد إجراءات الوقاية ومقاومة الحريق.
وهنا يتدخل علم إدارة الأزمات فى أدق التفاصيل، بما فى ذلك طبيعة المبنى وتصميمه، بل يقترح وجود حوائط غير قابلة للاشتعال، ومواد عازلة، ونظم تهوية جيدة، ونظام إنذار ضد الحريق، وتدريب أطقم الإطفاء، وتوفير المعدات والإمكانيات اللازمة، بحيث تتم السيطرة على الحريق فى أول ربع ساعة من اندلاعه، وفى حالة الاحتياج إلى أطقم وعناصر الدولة، وبمجرد إبلاغها ووصولها، تجد الأمر قابلاً للتعامل معه وليس منتهياً.
ولكن المشكلة الحقيقية هى غياب الشفافية، لأن إدارة الأزمة تتوقف على حجم المعلومات المتوافر عنها، وهنا أشير إلى أن الدولة تحجب فى كثير من الأحيان المعلومات عن مدير الأزمة، كما لا تسمعه عندما يحذر من وقوع كارثة، إضافة إلى أن المستثمرين يخشون من اطلاع خبراء إدارة الأزمات على معلومات بخصوص التخزين والتصنيع والمخازن، مما يؤثر سلباً على مخطط إدارة الأزمات ومواجهة الكوارث والحرائق.
* نعود إلى نقطة «غياب ثقافة إدارة الأزمات» ما مظاهر غياب هذه الثقافة لدينا؟
- سأضرب لك مثلاً فى البداية، أتذكر أنه منذ 3 سنوات، أطلق إنذار بوجود قنبلة فى استاد ريال مدريد فى إسبانيا، وكان ذلك أثناء إحدى المباريات، وفى حضور 60 ألف متفرج، وعلى الفور استجابت الجماهير وتحركت وفقاً للسيناريوهات والخطط الموضوعة سلفاً، ومع ثقافة إدارة أزمات عالية من الجمهور الإسبانى، تم إخلاء المدرجات، وإنزال الجمهور إلى البساط الأخضر فقط فى 6 دقائق، ودون أى إصابات، فى الوقت الذى كانت تفحص فيه الشرطة القنبلة وتبطل مفعولها.
وبالتالى عندما يدرس المتخصصون فى إدارة الأزمات المخاطر التى يمكن أن تقع فى استاد ما أو مول تجارى أو مجمع سكنى، يشددون على ضرورة وجود بوابات داخلية، تمنع التزاحم أثناء عملية الإخلاء، وألا تضغط الأدوار العليا على الأدوار السفلى، فى حالة أن يكون المبنى متعدد الطوابق، وتفتح الأبواب بطريقة آلية سهلة، وفى النهاية ثقافة إدارة الأزمات فى الخارج تعد نظاماً فى الدولة ومؤسساتها.
وأتساءل هنا: ماذا سيحدث فى استاد القاهرة إذا وقع حادث مشابه، وفى وجود 10 آلاف متفرج فقط، هل ستطبق الجماهير هذه التعليمات، وهل توجد به غرفة عمليات لإدارة الأزمات، وهل درس القائمون عليه المخاطر المتوقعة فيه؟.. أعتقد أنه لا توجد إجابات لذلك، ولذلك يجب أن يكون هناك سيناريو جاهز لمواجهة الكوارث، حتى فى وجود الاستعدادات العالية جداً.
*ماذا تقترح للتوعية بثقافة إدارة الأزمات على مستوى المواطنين؟
- يجب تدريس ثقافة إدارة الأزمات من الإعدادية وحتى الجامعة، وبأسلوب يتناسب مع كل مرحلة، وأن تضع الجهات المختلفة شرطاً فى المرشح لشغل منصب مدير، بأن يكون مؤهلاً لإدارة الأزمات، وليس من الحاصلين على دورة قصيرة مدتها 5 أيام، ولكن يحصل على دبلومة فى إدارة الأزمات، ويكون مشروع تخرجه وضع خطة لإدارة الأزمات فى الجهة التى سيشغل منصب المدير فيها.
ولابد من برنامج أو فقرات لتنمية ثقافة إدارة الأزمات لدى المواطنين، وعمل إرشادات بسيطة وعرضها أثناء الفواصل فى المسلسلات أو بين شوطى مباراة كرة قدم، تشرح كيفية استخدام طفاية الحريق، أو كيفية التعامل مع تسرب الغاز مثلاً.
* وعلى مستوى الدولة؟
- يجب إنشاء جهاز مستقل لإدارة الأزمات، يتبع رئاسة الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء شخصياً، يشارك فى التخطيط القومى والخطة الخمسية، ويساعد مراكز إدارة أزمات أخرى، على مستوى الوزارات والمحافظات، ويكون مركز إدارة الأزمات فى الوزارة أو المحافظة تابعاً بشكل مباشر للوزير أو المحافظ، وتعرض عليه الحقائق فى شفافية كاملة ليساعد فى اتخاذ قرارات سليمة، خاصة أثناء الأزمات، ولتصبح هذه المراكز عيناً تحذر من المخاطر قبل وقوعها.
وتكون مراكز إدارة الأزمات فى الهيئات والوزارات والمحافظات متصلة ببعضها البعض، وتتبادل المعلومات والإحصائيات، وتفاصيل الأحداث لحظة بلحظة، وعلى سبيل المثال، إذا كانت هناك مثل هذه المراكز أثناء أزمة مصنع أجريوم بدمياط، كانت ستعرض على المسؤولين وجهة النظر البيئية والاستثمارية والفنية وقياسات الرأى العام، بما يساعد متخذ القرار على اتخاذ القرار السليم، بدلاً مما حدث، فبعد اتخاذ القرار تراجعت الحكومة عنه.
* بعض الأصوات تنادى بدور أكبر للمحليات فى التعامل مع الأزمات المختلفة ما رأيك فى ذلك؟
- لا يجب أن تترك إدارة الأزمات للمحليات، التى يقتصر دورها على منح التصاريح، ومعظم قراراتها غير مدروسة، ونجدها تتعامل مع الأزمة بعد حدوثها، على الرغم من أنها قد تكون سبباً فى حدوث الأزمة، وعلى سبيل المثال، عندما نطالع فى الصحف قرارات بإزالة 6 مدارس فى الدويقة، وإزالة عشوائيات عزبة خير الله وإسطبل عنتر وغيرها، يجب أن نسأل أنفسنا من سمح بالبناء من الأصل؟ أليست المحليات؟
خاصة أن الانهيار كان سيحدث إن عاجلاً أم آجلاً، وهو أمر متوقع بموجب دراسات عديدة، وكان يجب تنظيم البناء بالمنطقة ومنع البناء العشوائى، حتى لا تقع الكارثة ولدينا كوادر وخبرات فى مجال إدارة الأزمات، سواء من القوات المسلحة، أو من وزارة الخارجية، أو أكاديمية مبارك، ووحدة بحوث إدارة الأزمات فى جامعة عين شمس.
* إذا كانت لدينا فرق إدارة أزمات حقيقية... ما الذى يفترض بها عمله لمنع وقوع الأزمات أو تقليل خسائرها وقت حدوثها؟
-تدرس فرق إدارة الأزمات الأخطار المحتملة، وإجراءات مواجهتها، ووضع فروض وسيناريوهات للمواجهة، وسيناريوهات التنفيذ الواقعى، بما فى ذلك من دراسة طبيعة مكان الأزمة، والتطرق إلى أمور مثل الحركة المرورية ومدى انسيابيتها، ولا تقتصر السيناريوهات على الجانب النظرى فقط، وإنما تتحول إلى تدريبات مستمرة على أرض الواقع، كما يتم عمل مواقف افتراضية مفاجئة، للتأكد من مدى الوقوف على تفاصيل سيناريو المواجهة، وتقييم الأداء أثناء الأزمة.
المشكلة أننا لا نستفيد من الأزمات التى تقع من حولنا، فى جميع أنحاء العالم، ولا ندرسها للوقوف على أسباب حدوثها، وكيفية معالجتها، ونأخذ منها الدروس المستفادة ونطور برامج الوقاية لدينا.
* مسلسل الحرائق لا ينتهى خاصة فى المصانع، ومؤخراً مبنى مجلس الشورى والمسرح القومى بالعتبة... ما الدور الذى يقوم به خبراء إدارة الأزمات فى هذا الشأن؟
- مشكلة الحرائق فى المصانع، وبشكل خاص فى منطقة العاشر من رمضان، هى أن بعض القطاع الخاص يخاف، ويخفى معلومات عن خبراء إدارة الأزمات وإطفاء الحرائق، وبالتالى لا يفضلون إنشاء أنظمة الإنذار والإطفاء، أو متابعتها بشكل مستمر ودورى، على الرغم من أن العلاقة بين صاحب المؤسسة وخبير إدارة الأزمات، مثل العلاقة بين الطبيب والمريض، أو المحامى والمتهم، لأن أى معلومة تساعد مدير الأزمة فى اتخاذ قرارات من صالح المؤسسة، وتساعد على مواجهة الأزمات بنجاح.
ومن هنا يجب أن يكون للخبراء دور فى تصميم المبانى والمراكز التجارية، لأنهم يحددون عدد مخارج الطوارئ والمخارج العادية، ونظامى الإنذار والتهوية المناسبين.
وعلى سبيل المثال عندما حدث حريق فى أحد المولات التجارية الشهيرة فى مدينة نصر، قال شهود العيان إنهم فوجئوا بمواطنين وعاملين فى المحال التجارية يصرخون ويهرولون، فعلموا أن هناك حريقاً بالمبنى، وهو ما يعنى غياب نظام للإنذار أو أنه كان موجوداً ولم يعمل.
وعلى الرغم من أن الحريق شب فى محل واحد، فإن كمية الدخان كانت كبيرة جداً، مما يشير إلى غياب نظام تهوية سليم، كما أن أكثر المصابين كانوا من بين أفراد الأمن فى المبنى، وقال شهود العيان إنهم أول من خرج من المبنى، وهو ما يؤكد أنها طواقم غير مدربة على مواجهة مثل هذه المواقف.
*ما الإجراءات التى يمكن التأكيد عليها للحد من الخسائر البشرية أثناء الحرائق؟
- هناك قاعدة دولية مفادها أن أى مبنى تجب مراعاة تصميمه، بحيث يتم إخلاؤه ما بين 3 و6 دقائق فقط، وهو ما يتطلب بوابات خروج مصممة للسماح بمرور أكبر عدد من الأفراد فى الدقيقة، فإذا كان عرضها 60 سنتيمتراً، ستسمح بخروج 40 فرداً فى الدقيقة، وإذا كان عرض البوابة 120 سنتيمتراً، ستسمح بخروج 80 فرداً فى الدقيقة، وتكون المسافة بين كل مخرج وآخر حوالى 25 متراً.
يتحدد عدد البوابات بناءً على عدد سكان العقار أو المترددين عليه، مع وضع توجيهات إرشادية وفى أماكن واضحة، بحيث يمكن تقليل حجم الخوف والهلع وقت الحريق.
وعلى سبيل المثال، زمن وصول سيارة الإسعاف إلى موقع الحادث فى ألمانيا لا يتعدى 3 دقائق منذ لحظة تلقى البلاغ، وذلك بسبب تمركز سيارات الإسعاف فى دائرة يستغرق الوصول إلى نصف قطرها 3 دقائق فقط، كما أن لديهم مسعفين فى كل مكان، حتى فى المطاعم، وتبلغ نسبة المسعفين للأفراد، 2 لكل 50 فرداً، ومدربين على الإسعاف الأولى وإدارة الأزمات، ومجهزين بمعدات الإسعاف، ويتصرفون بمجرد وقوع المشكلة، وليس بعدها.
* هل لدينا منظومة إدارة أزمات فى مؤسسات الدولة؟
- سبق أن أشرت إلى وجود منظومة متكاملة من الخبراء والخطط لدى القوات المسلحة، وحسب معلوماتى كانت وزارة الصحة بدأت تدريب 160 فرداً على إدارة الأزمات، وعقدت 4 دورات تدريبية، فى المعهد القومى للتدريب التابع للوزارة، ليشكل هؤلاء الأفراد نواة منظومة لإدارة الأزمات بالوزارة، ولكننى لم أسمع شيئاً عنهم منذ يونيو 2007، وكان التدريب قد بدأ فى نوفمبر سنة 2006، أما ما دون ذلك فلا يوجد.
*نعود مرة أخرى إلى مشكلة الحرائق، كان هناك مشروع رائد فى هذا الشأن وهو الشبكة القومية للإنذار الآلى المبكر والتحكم عن بعد... ما الذى وصل إليه هذا المشروع؟
- بدأت الشبكة القومية للإنذار الآلى المبكر والتحكم عن بعد سنة 2002، بجهود من نقابة التطبيقيين وجهات أخرى، ونجحت فى تأسيس 3 غرف إنذار آلى وتحكم من بعد، فى كل من نجدة القاهرة والجيزة والإسكندرية، وأخرى فى العاشر من رمضان، إلا أن عدد المشتركين بهذه الشبكة كان ولايزال قليلاً جداً، على الرغم من مميزاتها.
*وما مميزاتها؟
- توفر هذه الشبكة وصول الإنذار بشكل آلى، عند حدوث حريق، إلى النجدة والمطافئ فى مدة تتراوح بين 26 و40 ثانية، ويصحب الإنذار خريطة مرسومة لمكان الحريق، وجميع البيانات الأساسية المتاحة عنه، بما فى ذلك وسائل الإطفاء المتاحة فى مكان الحريق والأماكن المجاورة له، ويحدد للنجدة والإطفاء أماكن حنفيات الحريق وخزانات المياه الاحتياطية وبوابات الدخول والخروج والطوارئ، إضافة إلى أن الرسم يوضح أيضاً خطة توزيع عربات الإطفاء، كما يعرض المخاطر المحتملة بمكان الحريق.
ويوفر المشروع 250 ألف فرصة عمل حال تعميمه على مختلف أنحاء الجمهورية، من أطقم صيانة وإنقاذ ومراقبين، وعمال تركيبات ومهندسى اتصالات وكهرباء، وحسابات وتأمين وتوثيق وسائقين، إلا أن المشروع لم يأخذ حقه، على الرغم من أن الاشتراك الشهرى به كان يتراوح بين 150 و1000 جنيه حسب حجم المصنع.
* لماذا لم يكتب لها النجاح المرجو؟
- الاشتراك بها اختيارى فى حين يجب أن يكون إجبارياً، وبذلنا جهوداً كبيرة لإقناع المستثمرين فى منطقة العاشر من رمضان، التى شهدت حرائق عديدة فى المصانع، وحاولنا توعيتهم وأجرينا تجارب ناجحة جداً هناك، ولكن الاستجابة كانت «صفر»، وكانوا يقولون «المصنع مؤمن عليه»، وذلك على الرغم من أن شعبة الحريق فى الهيئة العامة للرقابة على التأمين دعمت المشروع، وأقرت بأن كل من يشترك به سيخصم له 10٪ من قسط التأمين السنوى.
*كيف يمكن تفعيل هذه الشبكة؟
- يجب تعميم المشروع، ويكون تحت إشراف الدولة، وذلك من خلال إلزام المصانع باستكمال شبكتها الداخلية، وإصرار شركات التأمين على رفض التأمين أو عدم تجديده للمصانع أو الشركات أو المشروعات غير المشتركة بالشبكة القومية للإنذار الآلى المبكر والتحكم من بعد، لأن المشروع يمثل نقلة حضارية للوقاية من أزمات الحرائق أو السرقات أو التخريب.
* ما السيناريو الذى كان يفترض التعامل من خلاله فى مواجهة حريق مجلس الشورى؟
- ما حدث فى مجلس الشورى يدل على الفوضى، وكان لابد من دراسة طبيعة مبنى مجلس الشورى، وطبيعة تكوينه، ووضع نظام إنذار وإطفاء حريق آلى متنوع المواد، مثل البودرة الجافة وغيرها، بحيث تتناسب هذه المواد مع جميع أنواع الحرائق، وتتوافر منها كميات كافية لتغطية المبنى بنسبة 100٪، ويضاف جزء آخر احتياطى لا يقل عن 25٪ من إجمالى حجم مواد الإطفاء الموجودة، وهو ما يوفر الحد الأدنى فى تعامل أطقم الأمن وإدارة الأزمات والحراسة فى المبنى من مقاومة الحريق، والسيطرة عليه بإمكانيات المبنى، وفى حالة اضطرارهم إلى الاستعانة بأجهزة الدولة، تكون جهود المقاومة مستمرة وبكفاءة لحين وصول أجهزة الدولة.
ونفترض هنا أن أجهزة الدولة ستصل بعد مرور 30 دقيقة من إطلاق الإنذار، وبالتالى يجب أن تكون إمكانيات المقاومة تكفى 45 دقيقة، بحيث يكون الوضع مناسباً لأجهزة الدولة، وتقضى نهائياً على الحريق، وتتجه إلى تبريد مكانه فقط، ومحاصرة النيران حتى لا تمتد إلى أماكن أخرى.
وإذا كانت الدولة تأخذ بعلم إدارة الأزمات، لبدأت عملية تطوير للمبنى منذ سنوات، وتدخل فى المبنى مواد غير قابلة للاشتعال، ومواد عازلة، واستخدام سجاجيد لا تشتعل بسهولة، والابتعاد عن الموكيت والقطيفة والصوف سريع الاشتعال، وكان لابد من وجود فريق طوارئ بالمبنى وله سيناريو مواجهة، إضافة إلى سيناريو مواجهة لدى أجهزة الدولة، وتنهى المسألة فى 15 دقيقة.