x

سيلڤيا النقادى سيدى.. ما هى توقعاتك؟ سيلڤيا النقادى الجمعة 24-07-2015 21:08


قد نتفق.. نختلف.. أو نعود لنتفق مرة أخرى أن هناك معانى فى حياتنا على وشك أن نفقد معناها.. دورها... وتأثيرها على مسار حياتنا.. المعانى.. للأسف.. عددها فى ازدياد ولكنى التقطت اليوم إحداها.. وقبل أن أفاجئك بماذا أقصد أرجوك حاول أن تتعمق معى فى هذا المعنى الحيوى الهام الذى نردده كل يوم بل كل دقيقة.. دون أن نغوص أو ندرك أنه المعنى الذى يحمل ويرسم لنا المستقبل وبدونه نكون فى ملعب الحاضر أو الماضى!!

إذن ما هذا المعنى الذى شوقتك إليه؟؟ أراهن أنك تسمعه كثيراً خاصة إذا كنت من هواة مشاهدة التليفزيون وبرامج التوك شوز فما إن يضغط إصبعك على الريموت كنترول لتغيير المحطة تسمع سؤالا معتادا يوجه دائما للضيف يقول «سيدى ما هى توقعاتك»!!!

عرفت الآن ما هذا المعنى الذى أتحدث عنه؟؟.. إنها هذه الكلمة التى يطلقون عليها بالإنجليزية «Anticipation». ولا أقصد هنا بالتوقعات المتواضعة أو البسيطة أو الإنسانية التى ننتظرها من بعضنا البعض ويعرفها الكثير بكلمة expectations.. إنما أتحدث عن «التوقعات» التى من شأنها تحديد مستقبل البلاد من أجل رسم الاستراتيچيات والخطط القادمة والتى تنشأ من خلال رؤى ثاقبة أفرزتها معلومات وبيانات ومشاهدات من شأنها أن تغير المستقبل وتفرش البساط الحريرى الخالى من المطبات والحفر التى تصنعها عتامة الظلمة وجمود الحاضر والماضى.

تخيل أن هذا المعنى البسيط.. القوى فى دوره يقترب من التلاشى.. تخيل أن توقعاتنا لأى شىء حولنا أصبحت ضعيفة لأننا نفتقر الشفافية ونفتقر البيانات الصحيحة التى تساعدنا على المعرفة ومن ثمّ التقييم ومن ثمّ «التوقع»..!!! تخيل أن هذا المعنى الذى يدغدغ الحواس بشوق القادم ويشبع الفراسة والدهاء والزهو النفسى «بشطارة» وصواب «التوقع» أصبح حتى غير موجود على مستوى حياتنا اليومية والاجتماعية.. فالحياة أصبحت كلها مفاجآت غير متوقعة لأن البشر أصبح أكثر انغلاقاً وخوفا على المستور.. وأسواق العمل والسياسة والحروب والنزاعات والمال والاقتصاد أصبحت تحركاتها ودوافعها غير واضحة لا تسمح حتى للمجتهد الجيد بتقييم موقفها.

إذن ماذا حدث وأين ذهبت «التوقعات» ولماذا أصبحت نتائجها على كل المستويات خائبة وفاشلة مسببة إحباطاً للكثير ولماذا لا يتم إبراز حيويتها وتوفير المناخ اللازم لها كقوة ضاربة تشكل اتجاه الحياة لأنها قادرة على توفير الوقت والطاقة وحل المشاكل فى وقت سريع بدلاً من التخبط والتوتر الذى يشل الحياة عندما تفاجئنا المشاكل فى حاضرها.. هكذا يفعل.. وهكذا يكون أسلوب أى قائد أو زعيم أو رئيس لعمل ناجح.. هكذا تكون قدرتهم على «توقع» المشكلة قبل أن تبدأ أو حلها فى أسوأ الأحوال لأنهم ببساطة لا يفاجأون بها.. إن «توقعاتهم» تسمح لهم بتوجيه وتوظيف المستقبل فى أوسع صوره والتاريخ ملىء بهذه النماذج التى استطاعت أن تخلق ربما إمبراطوريات نتيجة لتوقعاتها المحسوبة.

.. وعلى كل حال فإن الحديث عن هذا الموضوع ليس بجديد فكل يوم تطالعنا الكتب والدراسات عن أحدث الاتجاهات العالمية السائدة والتى على أثرها يتحدد مسار الاقتصاد والأعمال وما يرتبط بذلك من حياة ولكننا يبدو أننا لا نعير ذلك اهتماماً بالغاً وإن حتى حدث فإننا لا ننقله لا بشفافية ولا باهتمام للأسواق المعنية الأخرى صغيرة كانت أو كبيرة وهو الأمر الذى حتماً كان سيساعد على نقلة نوعية كبيرة تحد وتجنب كثيرا من المشاكل بل وتساعد على الوقوف على نفس مستوى المنافسة مع الأسواق الأخرى، وأتذكر أن مجلة فوربس الأمريكية قد نشرت فى أحد أعدادها السابقة حواراً دار بين رئيس إحدى الشركات الأمريكية العملاقة التى اتخذت قراراً بالاستغناء عن عدد كبير من موظفيها الأكفاء.. فعندما سأل أحد الموظفين كيف تم الاستغناء عنه وهو من أفضل المديرين بالشركة.. جاء الرد من الرئيس: ليس لأنك لست كفؤاً ولكن ما تقوم به الآن لم يعد مناسباً «لتوقعات» الغد واحتياجاته وما سنعمل على خلقه الآن لتحقيق ذلك سيضعنا على خريطة المنافسة العالمية ويقوى من موقفنا وقيمتنا «كشركة».

كان هذا رداً من مسؤول أدرك أن كفاءة موظفيه وانضباطهم لم يكن المعيار الوحيد لبقائهم بقدر ما كانت أهمية نظرتهم وتوقعاتهم للاحتياجات المستقبلية..

«التوقعات» ليست ممارسة بديهية إنما هى مهارة ومعالجة.. وفراسة.. تسبقها شفافية قبل كل شىء لتساعدها على الاستشعار.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية