لا أعرف إن كان الدكتور محمود محيى الدين، وزير الاستثمار ، على علم بأن أى سائق مصرى لا يستطيع أن يعمل فى أى دولة عربية، إلا إذا كان من خلال كفيل من البلد نفسه..
يعنى المصرى فى الغربة لا يملك قراره ولا إرادته .. وهنا يأتى السؤال كيف يسمح الدكتور محمود محيى الدين للإخوة العرب بأن يأخذوا حقاً من حقوق المصريين ويعملوا فى التجارة داخل مصر.بالمخالفة للقانون التجارى المصرى الذى يشترط أن من يحصل على بطاقة استيرادية لابد أن يكون من أبوين مصريين!!
الدول العربية تأخذ على وزير الاستثمار أن يذهب إلى بلادهم ليستجدى أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار فى مصر ويغريهم بالأبواب المفتوحة.. ولأننا نستجديهم لحاجتنا لزيادة محصلة الاستثمار، فهم يفرضون شروطهم وعلينا أن نقبلها..
طلبوا أن ينافسوا المصريين فى التوكيلات التجارية على اعتبار أنهم أصحاب خبرة فى بلادهم، وأن القوانين عندهم لم تمنع الاستيراد، ولأننا كنا منغلقين على العالم والاستيراد عندما كان ممنوعاً، فقد كانوا أكثر حظاً من المصريين فى استيراد الملابس الجاهزة والتوكيلات التجارية للماركات العالمية، رغم أن القانون التجارى المصرى يحرم على الأجنبى الاشتغال بالتجارة أو يكون ممثلا للشركات التجارية الأجنبية.
كلمة أقولها لوجه الله.. إن لعبة الفساد فى التوكيلات التجارية بدأت فى ملعب حكومة الدكتور عاطف عبيد، قبل صعود الدكتور محمود محيى الدين إلى خشبة المسرح فى حكومة نظيف..
اللعبة بدأت عندما كانت مصلحة الشركات تابعة لوزارة الاقتصاد، فتم تعديل قانون الشركات وأصبح للأجانب حق تأسيس الشركات بمفردهم، بعد استبعاد شرط تمثيل المصرى فيها بحصة لا تقل عن 51%، ولم يمانع القانون الجديد بعد التعديل من أن يكون رأس المال بالكامل أجنبياً، وكان من نتيجة هذا التعديلات أن أصبح لهذه الشركات كيان مصرى تستطيع به الدخول فى لعبة التوكيلات التجارية.
لقد توقعنا بعد مجىء الابن البار الدكتور محمود محيى الدين وتوليه حقيبة الاستثمار فى مصر، ثم انتقال مصلحة الشركات إليه، أن يصحح الأوضاع ويعيد للتجارة المصرية حصانتها، على الأقل يغلق الباب الخلفى الذى أطل منه الأجانب على التوكيلات التجارية أو تمثيل الماركات العالمية فى تجارة الملابس الجاهزة فى مصر،
فنحن نعرف عن محمود محيى الدين أنه وطنى قبل أن ينتمى للحزب الوطنى، تربى فى ريف مصر رغم أنه لم يشتغل بالزراعة ،لكنه كان يحس بالفلاحين الذين كانوا يعملون فى أرض العيلة، فعائلة محيى الدين معروفة بثرائها وتواضعها فى كفر شكر قليوبية، ومع أنه استكمل دراسته بعد الجامعة فى أمريكا لكنه لم يتغير، لايزال يعايش أهل كفر شكر رغم تاريخ العيلة التى أخرجت لنا عضوا من الضباط الأحرار كان يحكم مصر بقبضة حديدية بعد قيام ثورة يوليو،
ولايزال زكريا محيى الدين أطال الله فى عمره يقيم بين أهله فى كفر شكر بعد اعتزاله العمل السياسى ـ بإرادته ـ فقد كان رمزاً للضباط الأحرار، الذين كانت لهم بصمة على صدر مصر، ووالد محمود محيى الدين كان عالماً فى الأشعة التشخيصية،
وعن عم الراحل المرحوم الدكتور فؤاد محيى الدين رئيس وزراء مصر الذى لفظ أنفاسه فى مكتبه بمجلس الوزراء.. هذه السطور هى للتعريف بوزير الاستثمار.. كيف خرج من عائلة لها تاريخ، لكنه للأسف أدار ظهره لتاريخ عائلته ليركب قافلة النفاق ليرضى رموز النظام..
هو يعرف جيداً أن أى قرار له لن يجد اعتراضاً لا فى لجنة السياسات ولا عند أمين السياسات نفسه، على اعتبار أنه شاب يتمتع بثقة النظام.. لكن المؤلم أنه اعتبر ما يحدث هو حق للمستثمرين العرب.. فى حين أن المدرسة التى تعلم مناهجها فى أمريكا لا تعتبر ما يحدث فى منح التوكيلات التجارية للأجانب استثماراً ولكنه اغتصاب..
فأنا لا أفهم أن يأتينا شيخ من شيوخ البترول، وعلى أكتاف المصريين يصبح وكيلاً لماركة عالمية لأحدث الأزياء النسائية، وتنبهر نساؤنا بالماركة والمنتج وتدفع الواحدة منهن دم قلبها وقلب زوجها الغلبان فى شراء قطعة أو قطعتين..
إخواننا العرب يعرفون أن المرأة المصرية هى أحسن زبون فى الأسواق المصرية، لذلك ركزوا فى توكيلاتهم على الماركات التى تصيبهن بالخبل، من أزياء وأحذية وشنط واكسسوارات وأدوات تجميل.. الشىء الوحيد الذى تركوه للمصريين فيما يخص المرأة عمليات التخسيس وعمليات التجميل.. فهم يعرفون جيداً مواطن الضعف فى المرأة المصرية..
فهى تشعر بالاكتئاب أمام »فشولة« جسمها عندما تغطيه طبقات الدهون، ولذلك انتشرت هوجة أطباء تخسيس فى مصر بسبب إقبال »الستات« على عياداتهم.. وبعد التخلص من الوزن الزائد عن طريق التجويع أو تكتيف الأسنان، يقبلن بشغف على الماركات العالمية لاختيار ما يناسبهن من موديلات.. وهى سوق رائجة لإخواننا العرب أصحاب هذه التوكيلات.
وإذا كانوا قد نجحوا فى دخول الأسواق التجارية المصرية تحت مظلة الاستثمار، فسوف نسمع غداً عن سوق جديدة فى مصر قد يدخلها الأجانب »الستات«المهووسات بالنيولوك وتطعيم أجسامهن بأكياس »السليكون«ً وسوف تكون هذه السوق تحت مظلة الاستثمار.. على أى حال الحوار لم ينته فهو لايزال مفتوحاً، حتى نلتقى مرة أخرى.