تحتفظ مباراة الأهلي، والزمالك، في نهائي كأس مصر عام 2007 بمكانة خاصة بين كل المباريات التي جمعت الفريقين، ليس فقط لأنها شهدت 7 أهداف قلما يتم تسجيلهم في مباراة واحدة لكن بسبب الطابع الهجومي الذي اتسمت به منذ الدقيقة الأولى دون محاولات «جس النبض» التي تقتطع جزءً من الشوط الأول ودون «حذر دفاعي» يدفع المباراة نحو الملل هذا بالإضافة إلى تقلباتها إذ تقدم الزمالك 3 مرات قبل أن ينتزع الأهلي الفوز في الوقت الإضافي.
قبل انطلاق المباراة، فضّل الفرنسي هنري ميشيل، المدير الفني للزمالك، عدم الدفع بمحمود عبد الرازق «شيكابالا» نجم الفريق والاعتماد على جمال حمزة، وحازم إمام، خلف عمرو زكي في خط الهجوم.
وعلى الجانب الآخر، رفض مانويل جوزيه المطالب المتعددة بإشراك الحارس المتألق عصام الحضري أساسيًا، جدد ثقته في أمير عبد الحميد وقرر أيضًا إشراك محمد بركات في مركز الظهير الأيسر بدلاً من التواجد على الجبهة اليمنى التي تركها لإسلام الشاطر.
قائمة الفريقين كانت ممتلئة بالنجوم حينها، بدأ الأهلي، بطل الدوري، المباراة بـ«أمير عبد الحميد أمامه عماد النحاس وشادي محمد وأحمد السيد وعلى الجبهة اليمنى إسلام الشاطر ومحمد بركات في مركز الظهير الأيسر وفي المنتصف حسام عاشور ومحمد شوقي وأمامهما محمد أبو تريكه خلف الثنائي أمادو فلافيو وعماد متعب».
أمّا الزمالك فبدأ بـ«محمد عبد المنصف في حراسة المرمى وأمامه وائل القباني وعمرو الصفتي ووسام العابدي وعلى الطرفين أحمد غانم سلطان وطارق السيد وفي الوسط علاء عبد الغني وتامر عبد الحميد وحازم إمام وجمال حمزة وفي الهجوم عمرو زكي».
ألفونسو بيريز،ـ حكم المباراة الإسباني لم ينتظر إلا 5 دقائق فقط ليبدأ في إخراج البطاقات وكان علاء عبد الغني، صاحب الافتتاحية بعد تدخل عنيف مع حسام عاشور.
كان الأهلي، أكثر استحواذًا على الكرة، تحركات عماد متعب وأبو تريكة شكلت مصدر خطورة على دفاع الزمالك، وكاد الأول يسجل هدف الافتتاح في الدقيقة 11، في الوسط نجح عاشور وشوقي في عزل جمال حمزة، وزكي، عن باقي اللاعبين.
ضغط الأهلي لكن دون جدوى، المهاجمون ضلوا الطريق إلى الشباك، سيطر الفريق على الكرة لكنه لم يسجل، كانت هجمات الزمالك قليلة، جمال حمزة يلعب بفردية، زكي يعتمد على قوته البدنية، يركض كثيرًا ويرهق المدافعين وحازم إمام يكتفي بتوزيع التمريرات يمينًا ويسارًا.
مع نهاية الشوط الأول، كانت الكفة تميل نحو الأهلي، هو الأقرب للتسجيل والأكثر استحواذاً على الكرة لكن مع انطلاق الشوط الثاني تغير كل شيء.
عكس التيار
بسرعة فائقة انطلق عمرو زكي نحو المرمى، كانت الكرة في طريقها إليه، قطعت الملعب بأكمله بعد تسديدة قوية من عبد المنصف، سقطت الكرة أمام منطقة الجزاء، انتظر أمير عبد الحميد أن يبعدها الدفاع، في حين كان عماد النحاس، ليبرو الفريق، يشير للحارس بيديه ليتقدم ويمسك بها، ارتبك الدفاع والحارس، قفز زكي عاليًا ووجه الكرة برأسه غير مكترث بيد أمير، التي كادت تلكمه في وجهه ليعلن تقدم الزمالك في الدقيقة 50.
انطلق زكي يحتفل بصخب مع جمهور الزمالك الذي زيّن المدرجات بشكل متميز في هذه المباراة، بينما كانت الحسرة تعلو وجوه لاعبي الأهلي.
سريعًا جاء الرد الأحمر، سيل من الهجمات المتتالية، كاد فلافيو يتعادل في الدقيقة 52 وبعدها بدقيقتين كان أبو تريكه قريبًا من زيارة الشباك لكنه سدد الكرة بعيدًا.
القدم اليمنى لعماد متعب، نجحت في إدراك التعادل، انطلق المهاجم الشاب متخطيًا المدافع العنيف عمرو الصفتي لينفرد بعبد المنصف ويسدد الكرة قوية في أعلى الشباك.
تعادل الأهلي في الدقيقة 57 وعادت المباراة إلى نقطة البداية مجددًا، حينها قرر هنري ميشيل إشراك شيكابالا على حساب حازم إمام.
لم يحتاج شيكابالا، أكثر من 5 دقائق فقط ليزور شباك أمير عبد الحميد، تسلم الكرة من طارق السيد أمام منطقة الجزاء، راوغ بسهولة أحمد السيد وحسام عاشور وسدد كرة أرضية متقنة سكنت شباك الأهلي في الدقيقة 65.
تقدم الزمالك مجددًا، كان الفريق الأبيض الأقل استحواذاً على الكرة، يميل لاعبوه للدفاع لإيقاف خطورة الأهلي، هجماته لا يكتمل منها إلا القليل لكن حين يصل إلى منطقة الجزاء يعرف بسهولة الطريق إلى شباك أمير عبد الحميد.
مرة أخرى يظهر حارس الأهلي غاضبًا ينتقد دفاعه، بينما أسامة حسني المهاجم قصير القامة ينتظر إشارة الحكم الإسباني للدخول إلى ملعب المباراة بدلاً من فلافيو.
تكتيك جوزيه
منذ الدقيقة 50 من عمر المباراة، قرر مانويل جوزيه المدير الفني للأهلي تغيير خطة اللعب، فبدلاً من اللعب ببركات، في مركز الظهير الأيسر انتقل اللاعب السريع إلى مركز الجناح الأيمن المهاجم أمام إسلام الشاطر، وترك الجبهة اليسرى بلا ظهير يشغلها، فقط كان أحمد السيد قلب الدفاع يميل إليها ليسد هذه الثغرة وأبو تريكة، أو متعب، يتواجدان بها هجوميًا لإزعاج الظهير الأيمن المندفع أحمد غانم سلطان.
تحولت طريقة لعب الأهلي بين الدقيقتين 50 و68 إلى «4-2-4» بدلاً من «3-5-2».. بركات وأبو تريكه انضما إلى متعب وفلافيو ليضغط الأهلي بقوة على دفاعات الزمالك وساهم الضغط في ارتداد أغلب لاعبي الفريق الأبيض لمنتصف ملعبهم ففضلاً عن ثلاثي الدفاع والظهيرين كان تامر عبد الحميد، وعلاء عبد الغني، أمام منطقة جزاء الزمالك للمساعدة في صد هذا الطوفان.
حين باغت شيكابالا الأهلي في الدقيقة 65 اضطر المدرب البرتغالي للعودة لطريقة اللعب التي بدأ بها المباراة، حيثُ سحب إسلام الشاطر ودفع بأحمد شديد قناوي ليلعب في مركز الظهير الأيسر وينتقل بركات لمركزه الأصلي كظهير أيمن.
كان جوزيه مغامرًا، فالثنائي بركات، وشديد، لا يجيدان المهام الدفاعية بالشكل الأمثل وقد تتسبب المساحات الفارغة خلفهما في هدف ثالث للزمالك، وحاول بالفعل هنري ميشيل، استغلال هذه الفجوة إذ تواجد عمرو زكي خلف بركات وحاول الركض أكثر من مرة بالكرة في هذه المساحة لكن دفاع الأهلي حرمه من التقدم للمرمى.
اندفع الأهلي مجددًا لإدراك التعادل، أهدر فرصة تلو الأخرى، مرة تصل الكرة لعماد متعب، فيراوغ عبد المنصف مرتين ثم يسددها ضعيفة يتصدى لها الحارس، ومرة ينفرد أسامة حسني بالمرمى ويضعها بعيدًا عن المرمى بطريقة غريبة.
كان العنصر الأبرز في الأهلي خلال تلك الدقائق هو محمد أبو تريكة، الذي قدم في هذه المباراة أحد أفضل عروضه في تاريخه مع الفريق الأحمر، وحين جاءت الدقيقة 88 سجل أبو تريكه الهدف الثاني للأهلي بعد تمريرة من محمد شوقي داخل منطقة جزاء الزمالك أودعها «الماجيكو»، كما يلقب داخل الشباك ليحتفل بعدها بشكل هستيري أطلق بعده بدقائق قليلة الحكم الإسباني صافرة نهاية المباراة ليبدأ الوقت الإضافي.
الرأس الذهبية
حين أهدر أسامة حسني فرصة إدراك التعادل قبل نهاية المباراة بدقائق قليلة سخر منه محمد عبد المنصف حارس الزمالك، وهو أمر حفزّ مهاجم الأهلي على هز الشباك البيضاء.
للمرة الرابعة يقوم مانويل جوزيه، بتغيير مركز محمد بركات، فبعدما بدأ المباراة كظهير أيسر ثم جناح أيمن ثم ظهير أيمن انتقل ليلعب في منتصف الملعب إلى جوار محمد شوقي بعد إصابة حسام عاشور، قبل نهاية الوقت الأصلي للمباراة بدقائق ليترك الجبهة اليمنى لأحمد صديق صاحب الانطلاقات السريعة.
كان شديد قناوي نقطة ضعف واضحة في الأهلي، أغلب تمريراته الأمامية كانت تصل إلى أقدام لاعبي الزمالك، وفي الدقيقة 99 وبعدما حصل الفريق الأبيض على الكرة إثر تمريرة خاطئة من قناوي، استغل شيكابالا المساحة الفارغة خلف الظهير الأيسر للأهلي ليمررها إلى جمال حمزة، الذي سدد كرة مخادعة سكنت شباك أمير عبد الحميد في الدقيقة 9 من الشوط الإضافي الأول.
انتفض لاعبو الزمالك فرحًا بالهدف المباغت الذي منح فريقهم التقدم للمرة الثالثة على الأهلي بينما ظهر مانويل جوزيه حزينًا متحسرًا بشدة لأن «كل كرة كان يذهب بها الزمالك للمرمى يستطيع من خلالها التسجيل بينما الأهلي يهدر الكثير من الفرص» على حد قوله في تصريحات صحفية لاحقًا.
لم يكن أمام الأهلي إلا أن يندفع لإدراك التعادل، تقدم عماد النحاس، بحذر، لمنتصف الملعب ليؤازر شوقي وليمنح بركات، حرية أكبر لمساندة الهجوم لكنّ الزمالك لم يتراجع بكامل صفوفه للدفاع هذه المرة، دبت الثقة في نفوس لاعيبه وحاول عمرو زكي وجمال حمزة إهدار الوقت حتى انتهى الشوط الإضافي الأول.
انطلق الشوط الإضافي الثاني، الكرة في منتصف الملعب بين قدمي أبو تريكة، لم يُصَب لاعب الأهلي المتألق بالإحباط من التقدم المتكرر للزمالك، ولم تؤثر الـ105 دقيقة التي لعبها في مردوده البدني أيضًا، تسلم الكرة من محمد بركات أمام دائرة المنتصف لمسها 3 مرات قبل أن يمرر كرة متقنة لأسامة حسني الذي تحرك من خلف الدفاع واستغل الخروج المتأخر لعبد المنصف ووضع الكرة برأسه مسجلاً هدف التعادل.
كان الهدف في الدقيقة الأولى، لم تتبق سوى 14 دقيقة يحاول خلالها الفريقان حسم اللقاء وإلا ستفصل بينهما ركلات الترجيح.
مرة أخرى يظهر أبو تريكة، بعد الهدف بدقيقتين، يتسلم الكرة في منتصف ملعبه من بركات مجددًا، ينطلق مسرعًا إلى الأمام باتجاه الجبهة اليمنى، يمر من جمال حمزة وعلاء عبد الغني ثم يمرر كرة دقيقة ساحرة لأحمد صديق الذي حولها لتجد الرأس الذهبية لأسامة حسني مجددًا لتضعها داخل الشباك لتعلن تقدم الأهلي للمرة الأولى على الزمالك.
قنُع لاعبو الأهلي بالنتيجة لم يحاولوا زيارة الشباك مجددًا، كانت مهمتهم محددة في الدقائق المتبقية، الحفاظ على الكرة أطول فترة ممكنة، وعدم منحها للاعبي الزمالك، في حين كان لاعبو الفريق الأبيض يحاولون زيارة شباك أمير عبد الحميد لكن دون جدوى لتطوى صفحة أحد أكثر أمتع المباريات في تاريخ الفريقين بفوز الأهلي (4-3).
الأهداف
ملخص لمسات أبو تريكة
فرصة أسامة حسني الضائعة