قال الدكتور مصطفى عبدالقادر، رئيس لجنة الضرائب في منظمة الأمم المتحدة لغرب آسيا (الاسكوا)، إن البرنامج الذي أطلقه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمساعدة البلدان النامية على تدعيم أنظمتها الضريبي.
ويتضمن ركيزتين أساسيتين، هما تعميق الحوار مع البلدان النامية حول قضايا الضرائب الدولية من ناحية، وتطوير الأدوات التشخيصية المحسنة لمساعدة البلدان الأعضاء على تقييم وتدعيم سياساتها الضريبية من ناحية أخرى، مما يؤدي إلى زيادة الحصيلة الضريبية إلى الناتج القومي بنسبة تتراوح من 2% إلى 4%.
وأكد عبدالقادر في تصريح خاص أن التجربة أثبتت أنه مع توفر دعم فني خارجي موجه بشكل جيد، وإرادة سياسية كافية، فإن الدول النامية ستتمكن من توفير قاعدة ضريبية قوية قادرة على تمويل الإنفاق الذي تحتاج إليه الخدمات العامة والدعم الاجتماعي والبنية التحتية.
وقال إن البيان صدر في أعقاب مؤتمر تمويل التنمية الذي عقدته الأمم المتحدة في إثيوبيا خلال الفترة من 13 حتي 15 يوليو الجاري بشأن تمويل التنمية وجاء ضمن إطار يقوم على فكرة أساسية هي توقف الدول المتقدمة عن توفير الدعم المالي للدول النامية إلا في إطار ضيق جداً، وأنه على الدول النامية أن تقوم بتمويل التنمية تمويلا ذاتيا من خلال إصلاح النظم الضريبية، سواء على مستوي الضرائب الدولية أو النظم الضريبية الداخلية التي لابد أن تتناغم مع النظم الضريبية الدولية، وأن الدول المتقدمة ستتكفل بتقديم المساعدات الفنية اللازمة في مجال إصلاح النظم الضريبية.
وأكد أن القارئ للأعمال التحضيرية لمؤتمر إثيوبيا يجد أن الاهتمام بالإصلاح الضريبى عالميا نشأ على إثر الأزمة المالية في عام 2008 والتحقق من أن التهرب والتجنب الضريبي أحد الأسباب الأساسية للأزمة المالية والاقتصادية العالمية ومن ضرورة مكافحة ظاهرة تأكل الوعاء الضريبي ونقل الأرباح التي تقوم بها الشركات الدولية.
وأوضح أنه على إثر خطة العمل التي قامت بها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية O.E.C.D. مع مجموعة العشرين، بدا العالم كله يتبنه إلى أهمية التعاون في مجال الإصلاح الضريبى ومحاصرة التهرب بأشكاله، خاصة بعد أن شعرت الدول المتقدمة ذاتها بخطر فقدان الإيرادات الضريبية نتيجة ممارسات الشركات دولية النشاط، وقد تأثرت الدول النامية بشكل أكبر نتيجة تواضع نظمها الضريبية وانخفاض القدرات الفنية للعاملين في الإدارات الضريبية بها.
وكشف عبدالقادر عن أن التوصيات الدولية المتوقع صدورها خلال نهاية العام الحالي بشأن خطة عمل مواجهة تأكل الوعاء ونقل الأرباح التي ستصدر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ستؤدي بالفعل إلى تغيير الخريطة الضريبية في العالم سواء من حيث الاختصاص الضريبي للدول في مجال الضرائب الدولية أو حتي فيما يتعلق بالقواعد المتعلقة بتحديد الوعاء الضريبي في التشريعات الوطنية.
لذلك، أصبح إصلاح الـنظم الضـريبية الوطنية للدول النامية ومن بينها جمهورية مصر العربية أمراً حتميا يتطلب إعادة تحديد المعــايير الضــريبية الدوليــة لمواءمــة فـرض الضرائب مع النشاط والقيمة الاقتصاديين. كما يتطلب الأمر تحسين الشفافية واليقين في مجال الضرائب.
واختتم بالقول إنه آن الأوان أن نأخذ في الاعتبار أهمية وضرورة الإصلاح الضريبي كعنصر أساسي لتمويل التنمية المستدامة وتحقيق العدالة الاجتماعية التي تعد العدالة الضريبية ركناً ركينا بها، وليكون النظام الضريبي المصري، بركنيه الوطني والدولي، قادراً على مواجهة الممارسات التي تمارسها الشركات دولية النشاط على الأوعية الضريبية لها، التي لا تمثل خطراً على الدول النامية فقط بل الدول المتقدمة أيضاً.
وآن الأوان أن يتخلى النظام الضريبي المصري عن دعمه لأصحاب الدخول الكبيرة، كما آن الأوان أن يدعم المجتمع المصري بكل فئات النظام الضريبي المصري، وأن تدعم الحكومة الإدارة الضريبية فنيا وماليا لتكون قادرة على التعامل باستقرار واستقلال يمكنها من القيام برسالة يجب أن يعتنقها كل ممول مفادها أنه دافع للضريبة يدفع ليصنع الحضارة المصرية وحتى لا تتحمل الإدارة الضريبية وحدها مسؤولية السلبيات التي صنعها القانون الضريبي ذاته بما فيها ظاهرة التهرب الضريبي التي يعد السبب الأساسي فيها عدم عدالة النظام الضريبي، بالإضافة إلى تجاهل التعامل مع مشكلات هذه الإدارة، وأؤكد أنه إذا حدث ذلك ستزيد الحصيلة الضريبية كمرحلة أولى إلا ما لا يقل عن 6% من الناتج القومي أكثر من 120 مليار جنيه.