أعلن الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، اعتزامه إرسال وزير دفاعه، آشتون كارتر، الأسبوع المقبل إلى منطقة الشرق الأوسط، حيث يواجه مهمة شاقة لطمأنة حلفاء، مثل إسرائيل، أن الاتفاق النووى الذى أبرمته القوى الكبرى مع إيران لن يقوّض التزام الولايات المتحدة تجاه أمنهم، وذلك فى الوقت الذى يستعد فيه مجلس الأمن الدولى للتصديق على الاتفاق، من خلال إصدار قرار تصيغه واشنطن.
وحتى الآن، لم يكشف البيت الأبيض سوى عن محطة واحدة فى جولة كارتر، وهى إسرائيل، حيث أدان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الاتفاق النووى وقال إنه «خطأ تاريخى مذهل». وقال مسؤولون بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن كارتر سيتوجه إلى أماكن أخرى داخل المنطقة، دون تقديم تفاصيل.
وأجرى أوباما اتصالاً هاتفيًا بنتنياهو، أمس الأول، أكد خلاله أن الاتفاق «سيمحو شبح إيران التى تمتلك أسلحة نووية»، مؤكدًا دعم بلاده «غير المشروط» لأمن إسرائيل، فى حين رفض المجلس الوزارى المصغر للشؤون السياسية والأمنية فى إسرائيل، برئاسة نتنياهو، خلال جلسة طارئة أمس الأول، الاتفاق النووى مع إيران، وقال نتنياهو خلال الجلسة إن الاتفاق يعتبر «خطأ تاريخيًا يهدد السلام العالمى»، مؤكدًا أن إسرائيل «ستواصل الدفاع عن نفسها بنفسها».
وقد يغير الاتفاق الذى تم إبرامه بين إيران والقوى الـ6 فى فيينا أمس الأول بعد 12 عامًا من المفاوضات، وجه الشرق الأوسط، من خلال كبح الأنشطة النووية الإيرانية الحساسة مقابل تخفيف العقوبات، فى عملية تبدد بشدة افتراضات بشأن عزلة طهران. وتناصب إيران، القوة الشيعية المهيمنة، إسرائيل وأصدقاء واشنطن العرب السنة وخاصة السعودية العداء فى المنطقة.
وفى إشارة إلى رسالته للحلفاء، قال كارتر حول اتفاق إيران، إن الولايات المتحدة تقف مستعدة «لمراجعة نفوذ إيران الضار»، وأضاف: «نبقى على استعداد لتعزيز أمن أصدقائنا وحلفائنا فى المنطقة، بما فى ذلك إسرائيل»، وأوضح أن «الردع سيظل عنصرًا رئيسيًا للأمن القومى الأمريكى»، ملمحًا إلى إمكانية اللجوء إلى الخيار العسكرى حال الضرورة.
وأجرى أوباما، أمس الأول، عددًا من المكالمات الهاتفية مع حلفاء بالمنطقة، من بينهم العاهل السعودى، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والشيخ محمد بن زايد، ولى عهد إمارة أبوظبى. وقال البيت الأبيض إن أوباما شدد خلال الاتصالات على الالتزام بالعمل مع شركاء أمريكا فى الخليج لمواجهة أنشطة إيران التى «تزعزع الاستقرار» فى المنطقة ومساعدتهم على تعزيز قدراتهم الدفاعية. وأشارت وكالة الأنباء السعودية إلى أن العاهل السعودى أبلغ أوباما أن المملكة تؤيد أى اتفاق يضمن منع إيران من الحصول على السلاح النووى، ويشمل آلية لتفتيش كافة المواقع النووية.
من جهته، أعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجى، عبداللطيف الزيانى، أمس، أن وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، أطلع وزراء خارجية التعاون الخليجى الست على تفاصيل الاتفاق النووى وأكد التزام واشنطن تجاه أمن بلادهم، موضحًا أن الوزراء العرب «أعربوا عن تقديرهم لكيرى، كما عبروا عن أملهم فى أن يؤدى الاتفاق إلى إزالة المخاوف بشأن برنامج إيران النووى وبما يحفظ الأمن والاستقرار فى المنطقة، ويجنبها سباق تسلح نووى»، مشيرًا إلى أن الجانبين اتفقا على عقد اجتماع فى المنطقة قريبًا.
وكانت وكالة الأنباء السعودية نقلت أول تعليق رسمى سعودى على الاتفاق النووى، بعد أكثر من 10 ساعات على إعلان إبرامه، حيث أوردت تصريحًا لمصدر سعودى مسؤول، مساء أمس الأول، قال فيه إن الرياض تؤيد اتفاقًا لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، لكنه أكد أهمية وجود آلية تفتيش صارمة مع آلية لإعادة فرض العقوبات.
وفى حين رحبت كل من الإمارات والكويت وقطر بإبرام الاتفاق، بدا الموقف السعودى الرسمى أكثر حذرًا، لكن الصحف السعودية حذرت من أن الاتفاق النووى سيعطى «ضوءًا أخضر» لدول الخليج، وعلى رأسها السعودية، لتطوير برنامج نووى يمكّنها من حيازة دورة الوقود النووى، مؤكدة أن «الاتفاق سيجعل إيران أكثر جرأة على تدمير العالم».
وفى طهران، اعتبر الرئيس الإيرانى، حسن روحانى، أمس، الاتفاق النووى «نصرًا سياسيًا» لإيران، وقال أثناء جلسة لمجلس الوزراء أمس: «ما من أحد يمكنه القول إن إيران استسلمت.. الاتفاق نصر قانونى وتقنى وسياسى لإيران.. إنه لإنجاز ألا يقال على إيران بعد الآن إنها خطر عالمي».
ورحب قسم كبير من المجتمع الدولى بالاتفاق، وتترقب طهران فى الأشهر المقبلة وصول العديد من المسؤولين السياسيين ورجال الأعمال الذين تجذبهم ثروات هذا البلد، وخصوصًا الغاز والنفط.
وفى طليعة هؤلاء، وزير الخارجية الفرنسى، لوران فابيوس، الذى أعلن أمس الأول، أنه سيتوجه قريبًا إلى إيران، دون أن يحدد موعدًا، فيما تنتظر العديد من الشركات الفرنسية الموجودة أصلاً فى إيران التمكن من العودة إليها أو تعزيز حضورها. كما أعلن وزير الخارجية الإسبانى خوسيه جارثيا أنه سيسافر إلى إيران عقب انتهاء الصيف مع وزيرى الصناعة والتنمية الإسبانيين، فيما قالت مصادر لوكالة «رويترز» للأنباء أن وزير الاقتصاد الألمانى، سيجمار جابرييل، يعتزم التوجه إلى إيران الأحد المقبل، للاستفادة سريعًا من الفرص التجارية الجديدة السانحة، فى حين أكد وزير الخارجية البريطانى، فيليب هاموند، أن بلاده ما زالت ملتزمة بإعادة فتح سفارتها فى إيران قبل نهاية العام، وذلك قبل توجهه لإسرائيل أمس «لتفسير الاتفاق النووي». يأتى ذلك فيما يستعد مجلس الأمن الدولى للتصديق على الاتفاق النووى تمهيدًا لدخوله حيز التنفيذ، من خلال إصدار قرار تصيغه الولايات المتحدة، باسم مجموعة (5+1) التى تضم الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، ومن المقرر أن يتم تقديمه إلى المجلس «خلال أيام»، بحسب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، سامنثا باور.