لم يكن الإعلان عن التوصل لاتفاق بين الغرب وإيران مفاجئا حيث أظهرت الأجواء التى سبقته غلبة لغة المصالح على ما سواها وفى مقدمتها الجانب الاقتصادى وتحديدا النفط والغاز خاصة فى ظل بحث أوروبا عن بدائل للغاز الروسى فى ظل العقوبات التى يفرضها الغرب على موسكو. وبمجرد الإعلان عن التوصل لاتفاق أمس أعلن وزير الخارجية الأمريكى لوران فابيوس ثقته فى حصول الشركات الفرنسية على نصيب عادل فى السوق الإيرانية رغم موقف فرنسا فى المحادثات النووية، حيث كانت باريس تتخذ موقفا متصلبا قد كادت المفاوضات تنهار فى أكثر من مرحلة جراء مواقف باريس.
وبعد الاتفاق يبدو أن كعكة إيران باتت مفتوحة على مصرعيها للغرب لندخل فى مرحلة «سن السكاكين» فى جسد إيران الذى أنهكته العقوبات وكبدت اقتصادها خسائر تجاوزت 120 مليار دولار.
وربما يرتفع الرقم بحسب وزارة الخزانة الأمريكية التى كانت قد كشفت مؤخرا أن العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد إيران تكلف طهران 5 مليارات دولار شهريا، خاصة مع هبوط صادرات إيران من النفط الخام.
وهو ما حرم طهران من عائدات بيع تقدر بمليارات الدولارات شهرياً، وهو ما أدى إلى انخفاض احتياطيات إيران من النقد الأجنبى من 100 مليار دولار فى عام 2011 إلى 80 مليار دولار.
وبخلاف النفط فإن الغاز هو إحدى كلمات السر الرئيسية فى التقارب بين إيران والغرب، خاصة أوروبا، بحسب موقع «سبوتنيك» الفرنسى، المختص فى العلاقات الدولية. وذكر الموقع أن طهران أكدت فى 2014 قدرتها على تصدير الغاز لأوروبا، والاستجابة لرغبتها فى تنويع مصادرها الطاقية لتجنب الانقطاعات المفاجئة، وعمليات الابتزاز. وذكر أن المسؤولين الإيرانيين والأوروبيين قد درسوا بعضهم مع بعض المسارات الممكنة لنقل الغاز نحو أوروبا، ويُنتظر بعد رفع العقوبات أن يتم التعمق أكثر فى هذه الدراسات.
ورغم أن إيران لا تملك بنية تحتية متطورة لاستخراج وتصدير الغاز، فإن الخبراء يعتقدون أنها قادرة على تطوير إمكانياتها لتصبح قادرة على إنتاج 35 مليار متر مكعب بحلول سنة 2020. وهى أرقام يأخذها الاتحاد الأوروبى بعين الاعتبار فى بحثه عن مصادر طاقة جديدة تنهى تبعيته لروسيا، التى تؤمن فى الوقت الحالى ثلث حاجياته من الغاز، أى ما يعادل 163 مليار متر مكعب سنوياً.
كما أن العقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا الغربية على روسيا سرعت من نسق بحثها عن بدائل. وذكر الموقع الفرنسى أن الاتحاد الأوروبى أعلن بشكل غير رسمى أن إيران هى أحد الحلول التى يعكف على دراستها للتحرر من التبعية الطاقية لروسيا، وأن إيصال الغاز الإيرانى إلى أوروبا ليس صعباً من الناحية التقنية، وأن الأمر يبقى رهين الحسابات السياسية.