ربما لا يكون المدرب العام، أو المدير العام فى الزمالك، على مستوى نادٍ بهذا الحجم، إلا أن الفريق الأول لكرة القدم قد حصل بحكم الواقع على بطولة الدورى، لسبب بسيط، وهو أن المدرب أو المدير، أو هما معا، قد اعتمدا على محترفين أو موهوبين فى عالم اللعبة، تعاقد النادى مع عدد كبير من اللاعبين المتميزين من أندية مختلفة، فأصبحت هناك توليفة يتميز بها الفريق عن غيره من باقى الأندية، فكان من الطبيعى أن يحقق انتصارات، توجته مبكرا لنيل اللقب.
معنى ذلك أنه ليس شرطا أحيانا أن تكون القيادة نابغة فى مجالها العام، بل يمكن أن تعتمد على نوابغ، كل فى موقعه الخاص، وقد كان النموذج الصارخ فى هذا الشأن جورج بوش الابن، الذى قاد الولايات المتحدة الأمريكية ثمانى سنوات متصلة، على الرغم من جهله بكل فنون الحياة تقريبا، فلم نعرف عنه أكثر من أنه كان متعصبا دينيا، وكان يميل إلى قراءة الكتب التى تهتم بهذا الشأن أو التى تزيده تعصبا.
إلا أن ذلك الرئيس، الذى قاد بلاده إلى مستنقع الحروب فى كل من أفغانستان والعراق، فى إطار ما يؤمن به من تعصب، اعتمد على من هم على شاكلته، أو من سينفذون أهدافه بدقة فى المجالات المختلفة، بدءاً من اختيار نائبه، كما مجالات الدفاع، والخارجية، والأمن القومى تحديدا، أمثال ديك تشينى، ودونالد رامسفيلد، وكونداليزا رايس، إذن هو كان يعرف كيف يختار، ومن يختار، بالتأكيد هناك أجهزة متخصصة ساعدته فى موضوع الاختيار، منها ما هو أمنى، وما هو استراتيجى، إلا أن الاختيار فى النهاية يجب أن يكون صحيحا ومناسبا، فلا الزمان ولا المكان ولا تسارع الأحداث يسمح أى منها بالفشل.
ربما إذا نصحنا باستيعاب الدرس الأمريكى، يجد البعض أن الهوة واسعة، شتان وشتان، لذا سوف نظل فى درس الزمالك الأقرب جغرافياً ونفسياً، والذى يتحتم علينا استيعابه بالاعتماد على اللاعبين المهرة فى كل المواقع، فى تشكيل الحكومة، كما فى اختيار المحافظين، كما فى رصد الكوادر التى تصلح بحق للقيادة فى كل المجالات، أعتقد أنه لا توجد لدينا أيضا مساحة للفشل، كما أن الوقت لن يسعفنا حينذاك، بل لن يسعفنا حتى فى رفاهية التجارب، لنجرب هذا، أو لنرَ ماذا يمكن أن يفعل ذلك.
للأسف، مازلنا نتوقف كثيرا أمام أهل الثقة وأهل الخبرة فى حالة الاختيار، ودائما وأبدا يقع الاختيار على أهل الثقة، لذا كان الأداء ضعيفا طوال الوقت، بل كان ضحلا فى أوقات عديدة، الخبراء والمتخصصون يتوافرون، كما اللاعبين الذين حصل عليهم الزمالك تماما، المهم أن نضع أيدينا عليهم، أن نصل إليهم حيث هم، قد يكونون داخل البلاد، وقد يكونون خارجها بحكم طلب الرزق أحيانا، وبحكم الهروب من الواقع المرير أحيانا أخرى، المهم أن أسعار خدماتهم ليست عالمية، كما هو حال ميسى ورونالدو، بالعكس هى أسعار محلية، كما كل لاعبى الزمالك المشار إليهم، ولأنهم فاعلون، ووطنيون، سوف يأتون بالدرع، درع الإنتاج والتطور هذه المرة.
أعتقد أن مشكلتنا الحقيقية الآن تكمن فى كيفية الاعتماد على أهل الخبرة، دون الرجوع إلى التقارير الغلاوية فى هذا الشأن، نظرية من ليس معنا فليس منا، يجب أن تختفى إلى الأبد، نظرية الحظر والعزل كانت وبالا على المجتمع طوال السنوات الأربع الماضية، ربما كانت حكومة الدكتور أحمد نظيف، فى يناير ٢٠١١، هى الأكفأ على الإطلاق، رغم بعض الملاحظات، إلا أن أعضاءها جميعا للأسف أصبحوا من الماضى، على الرغم من تبرئة ساحتهم جميعا قضائيا، إلا من هجروا البلاد وصدرت ضدهم أحكام غيابية، هناك أيضا من الكفاءات الكثير والكثير، من الذين لا يؤمنون بأحداث المرحلة ككل، لهم عليها الكثير من الملاحظات، إلا أنهم على استعداد طوال الوقت لخدمة وطنهم.
بالمناسبة، جميع اللاعبين تقريبا الذين اعتمد عليهم الزمالك، وجلبوا له درع الدورى، ليسوا زملكاوية، أى لا يشجعون الفريق، إلا أنها المسؤولية، هذا هو الدرس القادم من الزمالك.
غدا.. درس آخر، لكن من الأهلى.